محتاج إلى مكان والمفتقر إلى غيره ممكن فلو كان الباري تعالى جسما كان ممكنا وإمّا إلى صفة الحدوث لأنّ كلّ جسم لا يخلو من الحوادث وكل ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث لكنّه سبحانه قديم وأمّا صفة كونه مرئيا فهي راجعة إلى صفة كونه جسما لأنّ كلّ جسم مرئيّ فهو إمّا مقابل أو في حكم المقابل كالصّورة في المرآة وذلك ضروريّ وكل مقابل أو في حكمه فهو في جهة فلو كان الباري تعالى مرئيا لكان في جهة ولو كان في جهة كان جسما وقد عرفت أنّ صفة الجسميّة راجعة إلى إحدى الصّفتين أعني الحدوث والحاجة وأمّا صفة كونه محلاّ للحوادث فهي راجعة إلى صفة الحدوث لأنّه قد علّل العلاّمة في الباب الحادي عشر انتفاء هذه الصّفة باستلزامها لانفعال الذّات عن غيرها وتأثرها وتغيّرها بغيرها وهو باطل وأمّا صفة الشّرك فيه راجعة إلى صفة الحاجة لأنّ صفة الشّرك مستلزمة للتركيب وقد عرفت أنّ صفة التّركيب راجعة إلى صفة الحاجة وذلك لأنّ الحكماء قد استدلّوا على نفي الشّرك بأنه لو كان في الوجود واجبا الوجود لزم إمكانهما لأنّهما يشتركان حينئذ في وجوب الوجود فلا يخلو إمّا أن يتميّزا أو لا فإن لم يتميّزا لم تحصل الاثنينيّة وإن تميّزا لزم تركب كلّ واحد منهما ممّا به المشاركة وممّا به الممايزة وكلّ مركب ممكن فيكونان ممكنين وهذا خلف وأمّا صفة حصول المعاني والأحوال له فهي راجعة إلى صفة الحاجة وذلك لأنّ الحكماء والمحقّقين من المتكلّمين ذهبوا إلى أنّه تعالى قادر لذاته وعالم لذاته إلى غير ذلك من الصّفات وما يتصوّر من الزّيادة من قولنا ذات عالمة وقادرة فتلك الأمور اعتباريّة زائدة في الذّهن لا في الخارج واحتج له بأنه لو كان نادرا بقدرة أو قادريّة أو عالما بعلم أو عالمية وإلى غير ذلك من الصّفات لزم افتقار الواجب في صفاته إلى غيره لأنّ تلك المعاني والأحوال مغايرة لذاته تعالى وكلّ مفتقر إلى غيره ممكن ولو كانت صفاته زائدة على ذاته لكان ممكنا وهذا خلف وأمّا صفة الحاجة فهي الصّفة التي أريد إرجاع غيرها إليها وإلى صفة الحدوث هذا غاية ما يمكن أن يقال في إرجاع الصّفات الثّبوتية والسّلبية إلى أصولها الأربعة(قوله) ويمكن اعتبار ذلك إلخ هذا هو الحق الذي لا محيص عنه لعدم انقياد القلوب إلى طاعة من عهد منه في سالف عمره أنواع المعاصي الكبار والصّغار وما تنفر النفس عنه كما صرّح به العلاّمة في الباب الحادي عشر فالعصمة كما تعتبر بعد الوحي كذلك قبله (قوله) نعم يمكن أن يقال إلخ لعلّ هذا بالنّسبة إلى من كان متمكنا من الاجتهاد في أصول العقائد والفروع لا بالنّسبة إلى جميع النّاس فلا ينافي ذلك حينئذ ما تقدّم من المصنف رحمهالله من منع وجوب ذلك (قوله) وإن الجهل بمراتب إلخ إن أريد به الجهل مطلقا فهو مسلم إلاّ أنّه غير مفيد وإن أريد به الجهل في الجملة فربّما يمكن منع قبحه عقلا وإن كانت إزالته حسنة عند العقل (قوله) وقد أومى النبي صلىاللهعليهوآله إلخ روي عن أبي الحسن موسى عليهالسلام قال دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله المسجد فأذن جماعة قد أطافوا برجل فقال ما هذا فقيل علاّمة فقيل ما العلاّمة فقالوا أعلم النّاس بأنساب العرب ووقائعها وأيّام الجاهليّة والأشعار العربيّة قال فقال النبي صلىاللهعليهوآله إنما العلوم ثلاثة الحديث وقال الفاضل الصّالح المازندراني في حاشية المعالم كأنّ الأوّل إشارة إلى العلم بالكتاب والأخير إلى العلم بالأحاديث والوسط وهو فريضة عادلة أي مستقيمة إلى العلم بكيفيّة العمل بالأحكام والمراد باستقامتها اشتمالها على جميع الأمور المعتبرة شرعا في تحققها انتهى وأقول لعلّ المصنف رحمهالله قد زعم كون الوسط إشارة إلى علم أصول العقائد خاصة أو إليها مع كيفيّة العمل أو تخيّل كون الوسط إشارة إلى كيفيّة العمل إلا أنّ في الأوّلين إيماء إلى أصول العقائد أيضا من حيث اشتمال الكتاب والسّنة على أصول العقائد وأمّا دلالة الخبر على وجوب تحصيل العقائد إمّا من جهة ظهور قوله صلىاللهعليهوآله ذاك علم لا يضرّ من جهله في إضرار جهل العلوم الثّلاثة أو من جهة قوله صلىاللهعليهوآله وفريضة عادلة بناء على ظهور الفرض في الوجوب وأمّا دلالته على كون الوجوب نفسيّا لا
غيريّا فلظهور إيجاب شيء فيه غاية الأمر أن يكون ما هو شرط في تحقق الإيمان خارجا بالدّليل (قوله) وذكر وضع التكليف إلخ لا ريب في عدم كون المعارف الخمسة ولو إجمالا موضوعة عن أحد وكونها شرطا في تحقّق الإيمان فلا بد أن يكون المراد وضع تفاصيلها بالوجوب النّفسي (قوله) جهل كثير من النّاس إلخ لا يخفى أنّه لو سلم جهل كثير من النّاس بما ذكر في أوّل البعثة فهو غير مسلم في أمثال زماننا بل في زمان الأئمّة أيضا(قوله) وأمّا التّدين بسائر الضّروريات إلخ لا أعرف وجها لتخصيص الكلام بالضّروريّات إذ الوجه في كون إنكارها موجبا للكفر إنما هو استلزام إنكارها لإنكار النّبيّ صلىاللهعليهوآله فيما جاء به ولا ريب أنّ هذا المناط موجود في جميع القطعيّات سواء بلغ حدّ الضّرورة أم لا وسواء ثبتت بالتّداول بين المتشرّعة أو بالإجماع أو بالأخبار المتواترة ومن هنا حكم بعضهم بكفر منكر المجمع عليه نعم يمكن الفرق بين الضّروري وغيره بالنّسبة إلى الغير الّذي لم يعلم اعتقاده بأن يحكم بكفر منكر الضّروري لا منكر مطلق القطعيّات إذ المسألة إذا بلغت إلى مرتبة الضّرورة لا تخفي على أحد غالبا نعم لو فرض احتمال الجهل في حقّ أحد لأجل كونه جديد الإسلام مثلا لم يحكم بكفره بخلاف مطلق القطعيّات لإمكان الشّبهة فيها وأمّا إذا علم من أحد قطعه بمسألة شرعيّة فلا وجه للفرق في إنكاره لها بين كون قطعه بالغا حدّ الضّرورة وعدمه كما هو واضح ممّا قدّمناه (قوله) والدّليل على ما ذكرناه إلخ يزيد ذلك توضيحا ما ذكره المصنف رحمهالله في القسم الثّاني وما علقناه على كلامه هناك نعم يزيد في المقام هنا على ما علقناه على القسم الثّاني عدم جريان دليل الانسداد هنا لفرض انفتاح باب العلم في المقام (قوله) فالأقوى فيه بل المتعيّن إلخ اعلم أنّ المخالف للحقّ المعتقد لخلافه في أصول الإسلام كافر مطلقا سواء كان قاصرا أو مقصّرا ظانّا أو متيقّنا من التّقليد أو الاستدلال متديّنا بدين الإسلام في الظّاهر أم لا ويتبع كفره الحكم بنجاسته وغيرها من أحكام الوضع وإن لم نقل بكونه معاقبا في بعض الصّور لأنّ حصول الإسلام مشروط بالاعتقاد فحيث لا اعتقاد فلا إسلام ومع عدمه يكون كافرا لما دلّ من الأخبار على كفر غير المعتقد ولا تنافيه أخبار الجحد وما دلّ على ثبوت الواسطة لعدم شمولها المقام لأنّ المنساق منهما صورة الشّكّ أو هي مع الظنّ بالحقّ وسنشير إلى شطر من هذه الأخبار