للغرض المقصود من نفي وجوب الاحتياط فكما أنّه لا مناص على تقدير عدم وجوب العمل بالاحتياط من العمل بالظنّ ولو استلزم العسر نظرا إلى كون ذلك مقتضى قاعدة نفي وجوب الاحتياط في المقام كذلك لا مناص من الالتزام بوجوب الاحتياط في المقام وإن استلزم العسر نظرا إلى كونه مقتضى القاعدة عقلا ونقلا في موارد العلم الإجمالي (قوله) كما هو قول بعض إلخ ورد به بعض الأخبار أيضا(قوله) لأن مرجعه إن كان إلخ يعني أنّ ما ذكره المورد من الالتزام بالاحتياط العسير لأجل اقتضاء القاعدة له مطلقا في المقام إن كان مرجعه إلى منع حكومة نفي أدلّة العسير على مقتضيات سائر القواعد فلا بدّ حينئذ من نقل الكلام إلى منع ثبوت قاعدة نفي العسر وهو واضح الفساد الدلالة الأدلة الثّلاثة من الكتاب والسّنة والإجماع بل العقل أيضا في خصوص المقام عليها وعلى تقدير ثبوتها فهي حاكمة على سائر القواعد الّتي هي أعمّ منها من وجه وربّما يقال إنّ في العبارة خللا في البيان إذ مجرد منع حكومة أدلّة العسر على سائر القواعد لا يوجب الانتقال إلى منع ثبوت قاعدة العسر إذ عدم الحكومة كما يمكن أن يتحقق بانتفاء الموضوع أعني عدم ثبوت تلك القاعدة كذلك يمكن بإجراء حكم التّعارض بينهما من تخصيص العام منهما بالخاص والحكم بالإجمال في مادة التعارض والرّجوع إلى سائر القواعد أو ملاحظة المرجحات الخارجة على الخلاف في ذلك إن كانت النّسبة بينهما عموم من وجه فيقال في المقام إنّ عمومات الاحتياط والعسر متعارضته بالعموم من وجه فربّما يكون التّرجيح مع الأولى ولكنّ الوجه فيما ارتكبه المصنف رحمهالله واضح لأنّ مقصود المورد من منع حكومة عمومات العسر على عمومات الاحتياط هو إثبات وجوب الاحتياط في المقام ومقتضاه تقديم سائر عمومات التّكاليف أيضا على تلك العمومات لكونها في عرض عمومات الاحتياط وحينئذ تبقى عمومات العسر بلا مورد لكونها في قبال سائر العمومات المثبتة للتّكليف فمقصود المصنف رحمهالله أنّه إذا كان المقصود من منع حكومة أدلة العسر على عمومات الاحتياط تقديم تلك العمومات عليها فلا بدّ حينئذ من منع ثبوت قاعدة العسر لبقائها بلا مورد وهو خلاف الأدلة الثلاثة بل الأربعة(قوله) ظاهر الكتاب إلخ مثل قوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقوله سبحانه (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقوله عزوجل (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ). (فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (قوله) الثّلاثة إلخ هي الكتاب والسّنة والإجماع (قوله) في مثل المقام من صورة الانسداد الأغلبي (قوله) قاعدة ظنّية إلخ بحسب الدّلالة وإن كانت قطعيّة بحسب السّند(قوله) وإن لم تكن إلخ الضمير المستكن عائد إلى الأدلة الخاصّة(قوله) وأمّا القواعد إلخ حاصله أنّه إذا تعارض بعض الأدلة وقاعدة العسر فإن كان الأوّل خاصا تخصّص به تلك القاعدة وإن كان عاما من وجه يعكس فتقدم تلك القاعدة عليه لكن لا من باب التخصيص بل من باب الحكومة لأنّ عمومات العسر مفسرة بمدلولها اللّفظي لسائر العمومات المثبتة للتكاليف وكاشفة عن المراد بها ومبنيّة لمواردها وهي ما لم يلزم من الالتزام بالتّكليف فيه عسر ومشقة على المكلّف والكاشف عنه هو فهم العرف نظير ما دل على الأمر بالمسارعة إلى الإتيان بالمأمور به مثل قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) مضافا إلى شهادة رواية عبد الأعلى به (قوله) فيرجع إلخ يعني في مادة الاجتماع والتّعارض (قوله) في وجه التقديم إلخ من الحكومة(قوله) وإن كان مرجع إلخ حاصله أنّ أدلة العسر وإن كانت حاكمة على سائر الأدلة المثبتة للتّكليف إلا أن تقديمها على سائر الأدلة أنّما هو فيما لم يقم دليل على إثبات تكليف عسير بالخصوص وما نحن فيه من قبيل ذلك لكون قاعدة الاحتياط مثبتة له بالخصوص نظير ما ذكره المورد من موارد النقض وحينئذ لا بدّ إما من بيان الفرق بينها وبين ما نحن فيه وإمّا من الالتزام بوجوب الاحتياط فيما نحن فيه وإن استلزم العسر والجواب عنه بوجهين أحدهما أنّه قد تقدّم في كلام المصنف ره أن ما كان أعمّ من أدلّة العسر ولو من وجه فهي حاكمة عليه فما يمكن تقديمه عليها لا بد أن يكون أخصّ منها مطلقا بل لا بد مع ذلك أن يكون معاضدا بما يوجب قوّته إذ ربّ عام مقدّم على الخاص وعمومات العسر من قبيل ذلك لتقويها بعمل الأصحاب طرّا وعمومات الاحتياط ليست كذلك لوهنها برفع اليد عنها لأجل أدلة العسر في موارد كثيرة كما ذكره المصنف رحمهالله فهي لا تصلح لتخصيصها وبالجملة أنّ النّسبة بين عمومات الاحتياط وعمومات العسر عموم من وجه فهي حاكمة عليها لما عرفت من أنّ المعيار في حكومة أدلّة العسر على أدلّة سائر التّكاليف هو كون أدلّة سائر التكاليف عمومات أو مطلقات تصلح أدلّة العسر بيانا لحالها بتخصيصها بموارد لا يلزم فيها العسر والمعيار في حكومة دليل على أدلّة العسر هو كون هذا الدّليل مثبتا لتكليف عسير بالخصوص بحيث يوجب استثناء هذا العسر الخاص من مطلق العسر المنفي في الشّرع كما ذكره من مثال تعمّد الجنابة لأنّ مرجع الخبر الوارد فيه إلى استثناء هذا العسر الخاص من مطلق العسر وأدلة الاحتياط ليست كذلك كما عرفت بل تقدّم أدلّة العسر عليها أوضح من تقدمها على العمومات الاجتهاديّة لكون تقدّمها على الأولى من باب الورود بناء على كون وجوب الاحتياط من باب المقدّمة لامتثال الأحكام المشتبهة وعلى الثانية من باب الحكومة وثانيهما وجود الفارق بين ما نحن فيه وبين ما ذكره من النقض كما أوضحه المصنف رحمهالله وإنّما لم يتعرض المصنف رحمهالله لما عدا صورة أداء الظنّ إلى وجوب أمور يلزم من مراعاتها العسر من النقوض إشارة إلى منع ما عداهما إذا استلزم العسر كما سيشير إليه عند الجواب عن الإيراد الثّالث (قوله) لأنا علمنا بأدلّة نفي الحرج إلخ لا يخفى أنّ دعوى هذا العلم مع الاعتراف بكون قاعدة نفي الحرج بالنّسبة إلى غير ما يؤدّي إلى الاختلال قاعدة ظنيّة قابلة للخروج منها بالأدلّة الخاصّة كما ترى (قوله) ومع هذا العلم الإجمالي لا يخفى أنّ أدلّة نفي الحرج لو تمّت دلالتها وكانت علميّة أفادت علما تفصليّا بعدم تكليف عسير في الواقع لا العلم الإجمالي بذلك اللهم إلا أن يريد أنّ أدلّة نفي العسر عمومات متواترة ولو في الجملة ودلالة العمومات بالنّسبة إلى إرادة بعض الأفراد منها نصّ وإن كانت بالنسبة إلى إرادة العموم ظنيّة ولكنّه لا يناسب قوله لأنا علمناه بأدلة نفي الحرج إلى آخره (قوله) إمّا لكون الظنون إلخ يرد عليه أنّ مقتضى دليل الانسداد اعتبار الظنّون الشخصيّة دون النوعيّة(قوله) أو بناء على إلخ