صنف من النفوس أو في جواز التّصرّف في نوع من أموال النّاس أو في نكاح طائفة من النّساء أو في أداء قسم من الحقوق وبذلك تختل الأنساب وتستباح النّفوس والأموال وهذا حد يقطع كلّ أحد بفساده مع أنّه ربّما لا يمكن العمل بأصالة البراءة كما في صورة التداعي ودوران مال بين شخصين لأجل الشّبهة في حكمه كما في منجزات المريض الدّائرة بين كونها من الأصل أو الثّلث وكذلك الحبوة الّتي اختلفوا في كونها للولد الأكبر بلا عوض أو معه (قوله) كان مبنيا إلخ ولعل هذا هو السّر في عدم العمل بأصالة البراءة هنا ممّن عمل بها في سائر موارد العلم الإجمالي حيث عمل بها في أطراف الشّبهة المحصورة إلى مقدار يقطع بارتكابه بارتكاب الحرام بل عن بعضهم جواز المخالفة القطعيّة فيها وحكى الشيخ في العدّة في مسألة اختلاف الأمة على قولين قولا بجواز طرحهما والرّجوع إلى مقتضى الأصل وبالجملة عدم جواز العمل بأصالة البراءة لأجل العلم الإجمالي بخلافها مغاير لعدم جوازه لأجل استلزامه المخالفة الكثيرة الّتي سمّاها بعضهم بالخروج من الدّين والثّاني أخصّ من الأوّل فلا منافاة بين عدم عملهم بأصالة البراءة هنا وعملهم بها في هاتين المسألتين (قوله) فإن قلت إلخ لا يذهب عليك أن هذا السّؤال لغاية وضوح فساده لا يحتاج إلى الثبت والإيراد فإن قلت نعم ولكن إذا بنى الفقيه على استنباط الأحكام المجهولة عن الأدلة الظّنية فإذا انتهى إلى آخر الفقه يعلم إجمالا بمخالفة جملة من مظنوناته للواقع فمحذور العمل بأصالة البراءة وارد في العمل بالظنّ أيضا ومع تسليم عدم حصول العلم الإجمالي فلا أقل من حصول الظنّ إجمالا بذلك فإذا قلنا باعتبار مطلق الظنّ فلا بدّ من الاعتداد بهذا الظنّ أيضا وهو مستلزم لعدم جواز العمل بمطلق الظنّ وما يستلزم وجوده عدمه فهو محال قلت أمّا الأوّل فيدفعه أوّلا ما أجاب به المصنف رحمهالله أولا عمّا أورده على نفسه على ما سنشير إلى توضيح كلامه مع ما يدفعه وثانيا أنّ حصول العلم الإجمالي بمخالفة بعض اجتهاداته للواقع من قبيل شبهة القليل في الكثير بخلاف عمله إجمالا بمخالفة أصل البراءة للواقع لأنّه من قبيل شبهة الكثير في الكثير والعقل لا يأبى عن العمل بالظنّ في الأوّل بخلاف العمل بأصالة البراءة في الثّاني وأمّا الثّاني فيدفعه أولا امتناع حصول الظنّ الفعلي الإجمالي بمخالفة بعض مظنوناته الفعليّة للواقع نظير العلم الإجمالي ستعرفه لكن يدفعه ما ستعرفه أيضا وثانيا أنّ اشتباه الظنّ المخالف للواقع بالظنّ الموافق له من قبيل شبهة القليل في الكثير بخلاف العمل بأصالة البراءة المستلزم للمخالفة الكثيرة لأنّه من قبيل شبهة الكثير في الكثير كما عرفت وثالثا أنّ الأمر في المقام دائر بين العمل بأصالة البراءة المستلزم للمخالفة القطعيّة وبين العمل بالظن المستلزم للمخالفة الظنيّة ولا ريب أنّه مع دوران الأمر بينهما فالثّاني أولى من الأوّل بحكم العقل نظير ما لو دار الأمر بين شرب إناء مسموم قطعا وآخر مسموم ظنّا إذ لا ريب في حكم العقل بتعين ارتكاب الثّاني (قوله) قلت أوّلا إلخ لأنّ المعتبر على القول باعتبار الظنّ المطلق هو الظنّ التّفصيلي الفعلي ومع فرض حصول الظنّ الفعلي بآحاد المسائل يمتنع حصول العلم الإجمالي بمخالفة بعضها للواقع إذ الظن عبارة عن الطّرف الرّاجح ومع فرض اعتقاد رجحان أحد طرفي المسألة في جميع المسائل يمتنع حصول القطع إجمالا بمخالفة بعضها للواقع لكون الموجبة الكليّة منتقضة بالسّالبة الجزئيّة نعم يتمّ ذلك على القول بالظنون الخاصّة لعدم اعتبار الظنّ الفعلي على هذا القول ولكن القائل أن يمنع من امتناع اجتماع الظن الفعلي مع العلم الإجمالي فيما كانت دائرة المظنونات أوسع كما في المقام وذلك لأنّ اللاّزم على القول بمطلق الظنّ تحصيل الظن الفعلي في كل مسألة عند إرادة الترجيح والاجتهاد فيها ولا ريب أن المجتهد إذا دخل في الفقه وشرع في مسائل الطهارة والعبادات ورجّح المسائل فإذا انتهى إلى مسائل الدّيات يزول عن نفسه أكثر الظّنون الحاصلة في مسائل الطّهارة والعبادات مثلا وحينئذ فحصول العلم الإجمالي بمخالفة بعض اجتهاداته السّابقة للواقع لا ينافي حصول الظنّ الفعلي في المسألة الّتي يريد الاجتهاد فيها نعم لو فرض شخص ذاكرا لجميع اجتهاداته ولم يزل ظنّه في جميع ما اجتهد فيه امتنع حصول العلم الإجمالي له بمخالفة بعض اجتهاداته للواقع ولكنّه فرض غير واقع مع أنّه يمكن أن يقال إنّ القائل بالظنّ المطلق لا يجب أن تكون جميع ظنونه ظنونا فعلية إذ قد تكون عنده ظنون خاصّة معتبرة من باب الظنّ النوعي وإن لم تكن وافية بأغلب أبواب الفقه وحينئذ إذا احتمل الفقيه انحصار موارد علمه الإجمالي بوجود واجبات ومحرّمات واقعيّة في موارد الظّنون الخاصّة يندفع الامتناع المذكور لعدم استحالة اجتماع الظّنون النّوعيّة مع العلم الإجمالي بالخلاف وهذا الوجه محكي عن مجلس درس المصنف ره (قوله) لا يجوز حينئذ العمل إلخ الوجه في عدم جواز العمل بالظنّ مع العلم الإجمالي المفروض هو عدم الدّليل عليه من العقل والنقل لأن العقل أنّما يحكم بحجيّة الظنّ بملاحظة غلبة إيصاله إلى الواقع وإذا فرضت كثرة مخالفته له فهو لو لم يدلّ على عدم اعتباره حينئذ لا يدلّ على اعتباره لا محالة فاللاّزم لمثل هذا إمّا تقليد غيره أو التبعيض في العمل بمظنوناته على نحو ما ذكره المصنف رحمهالله (قوله) ذكر المحقق القمي رحمهالله إلخ ذكره في مقام الرّدّ على جمال العلماء لأنّه قد أورد ذلك على قوله الآتي لأنّ العقل يحكم بأنّه لا يثبت علينا إلاّ بالعلم به إلخ (قوله) بذاته مفيدا إلخ بأن يقال بكون الشك في التكليف مع قطع النّظر عن ملاحظة الحالة السّابقة مفيدا للظنّ بالبراءة لأنّ التّكليف لو كان لبيّنه الشارع لقبحه بلا بيان فتأمل (قوله) وفيه أنّ إلخ محصّل الجواب تصريحا وتلويحا يرجع إلى وجوه أحدها أنّه يستفاد من نفيه إفادة أصل البراءة للقطع أوّلا ثمّ تسليمه ذلك قبل ورود الشّرع ومنعه بعده ثانيا ومنعه ذلك في مقابل الخبر الصّحيح ثالثا أنّ مقتضى أصالة البراءة هو نفي الحكم الواقعي فيرد عليه حينئذ أن مقتضاها ليس نفي الحكم الواقعي لا قطعا ولا ظنّا بل مقتضاها حكم ظاهريّ قطعيّ ناش من استقلال العقل بقبح التّكليف بلا بيان ولا خلاف لأحد في ذلك لأنّ قول الأخباريين بوجوب الاحتياط أنّما هو بزعم كون أخبار الاحتياط بيانا إجماليا واردة على أخبار البراءة ومثبتة لحكم ظاهري من قبل الشّارع لا لأجل منع القبح المذكور والمحقّق القمي رحمهالله أيضا إنّما