في الأحكام المشتبهة وكذا مع كون المجتهد فاسقا لأنّ منهم من ذكر أنّه يجب الأخذ بما ظنّه أنّه أقرب إلى الواقع من فتواه وفتوى الميّت العادل وإن كان الأولى ما عرفت وكذلك قد ذكروا في المحبوس طول السّنة لا يعرف شهر رمضان أنّه يتحرّى شهرا يصومه حتّى إنّه قال بعضهم إنّه لو تبيّن بعد صوم شهر أنّه لم يكن شهر رمضان أجزأه ما صامه وكلامهم هذا وإن كان في الموضوعات الشّرعيّة إلاّ أنّه لا فرق بينها وبين الأحكام المشتبهة لكون الظنّ بها ظنّا بالحكم (قوله) وقد حكي عن السّيّد إلخ كذا الحلّي في السّرائر(قوله) بل ادعى إلخ ببالي أنّ الفاضل المقداد أيضا قد ادعى ذلك في مسألة أوقات الصّلاة وهذا وإن كان من قبيل الموضوعات إلاّ أنّ استشهاده باعتبار ما تقدّم من استلزام الظنّ بها للظنّ بالحكم ومن لاحظ ما ذكره المصنف رحمهالله وما أضفنا إليه قطع بإجماعهم على عدم كون المرجع في الموارد الّتي انسدّ فيها باب العلم التّفصيلي هي البراءة وقد حكي عن السّيّد السّند صاحب المفاتيح أنّ العلاّمة الطّباطبائي صاحب المصابيح قد ابتلي في طريق كربلاء بمسألة فأحضر قواعد العلاّمة وعمل بفتواه لأجل عدم تمكّنه من الاجتهاد في ذلك الحين (قوله) بمعنى أنّ المقتصر إلخ بيان العدم كون المراد بالخروج من الدّين هو الكفر بل المقصود أن ترك المشتبهات على كثرتها في صورة الانسداد الأغلبي يكاد يعدّ خروجا من الدّين لأجل العلم الإجمالي بوجود واجبات ومحرّمات واقعيّة كثيرة في المشتبهات لا أنّه خارج من الدّين حقيقة وإن شئت قلت إن غير المسلم إذا دخل بلد الإسلام واطلع على شرائع الإسلام والطريقة المستمرّة من صاحب الشّرع يقول إن ترك الشبهات المذكورة ليس من طريقة الشّارع (قوله) في ذيل أخبار سهو النّبيّ صلىاللهعليهوآله إلخ فإنّه بعد أن أورد خبر الحسن بن محبوب المتضمن لسهو النّبي صلىاللهعليهوآله في الصّلاة قال قال مصنّف هذا الكتاب رحمهالله إنّ الغلاة والمفوّضة لعنهم الله ينكرون سهو النّبي صلىاللهعليهوآله ثمّ أخذ في بيان احتجاجهم والرّد عليهم إلى أن قال وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهالله يقول أوّل درجة في الغلوّ نفي السّهو عن النّبي صلىاللهعليهوآله ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن ترد جميع الأخبار وفي ردّها إبطال الدّين والشّريعة وأنا أحتسب الأجر في تصنيف مفرد في إثبات سهو النّبي صلىاللهعليهوآله والردّ على منكريه إن شاء الله تعالى انتهى وفي استشهاد كلامه للمقام نظر وسنشير إلى وجهه عند التّعرض لكلام الشّيخ ره (قوله) ولا يخفى إلخ حاصله استشهاد كلّ من السّؤال والجواب أمّا الأوّل فإنّ العمل بأصالة البراءة في مواردها مركوز في العقول فلو لم يكن الرّجوع إليها في الأحكام المجهولة في المقام أمرا منكرا لم يكن وقع للسّؤال أصلا لتعيّن الرّجوع إليها فيها حينئذ وكون الفقه عبارة عمّا قام عليه دليل قاطع وأمّا الثّاني فإنّه على تقدير جواز العمل بأصالة البراءة في الأحكام المجهولة فالأنسب في الجواب أن يمنع الملازمة بين سدّ طريق العمل بأخبار الآحاد وبين جواز العمل بها الفرض وجود الواسطة وهي جواز العمل بأصالة البراءة في موارد فقد الأخبار القطعيّة فالعدول عنه إلى دعوى الانفتاح ظاهر في كون بطلان جواز العمل بها مفروغا عنه فيما بينهم فالسّؤال مع جوابه ظاهر أن في التسالم والتّصالح على أنّه لو فرضت الحاجة إلى العمل بأخبار الآحاد لعدم المعوّل في أكثر المسائل الفقهيّة سواها جاز العمل بها وإن لم يقم عليه دليل مخصوص لكون نفس الحاجة إلى العمل بها أعظم دليل على جواز العمل بها بعد فرض عدم جواز طرح أكثر الأحكام والوجه في كون هذا الكلام من السّيّد تصالحا مع المتأخرين واضح بعد ما عرفت لما عرفت من أنّ السّيّد إنّما يمنع من العمل بأخبار الآحاد لأجل دعواه انفتاح باب العلم في أغلب الأحكام والمتأخرون إنّما يجوّزون العمل بها لأجل دعواهم الانسداد الأغلبي وحينئذ يرتفع النّزاع بينهم لتغاير موضوع كلامهم ولا ينافيه عدم عمل المتأخرين بالظنّون المطلقة لجواز كون الانسداد الأغلبي حكمة عندهم في ترخيص الشارع للعمل بالظنون الخاصّة ولا يذهب عليك أن كلام السّيّد أظهر في الدّلالة على المطلوب من كلام الشيخ كما ستعرفه (قوله) ولعمري إنّه يكفي إلخ في دلالة كلام الشيخ على المدّعى من كون المخالفة الكثيرة بنفسها مانعة من الرّجوع إلى أصالة البراءة نظر لأنّه كما يحتمل أن يكون مراده دعوى الضّرورة على بطلان العمل بأصالة البراءة في الأحكام المجهولة لأجل كثرتها وكون ذلك في نفسه ممنوعا منه بحسب الشّرع كذلك يحتمل أن يكون مقصوده دعوى الضّرورة على بطلان ترك العمل بأخبار الآحاد بزعم كون معلوميّة اعتبارها عند المسلمين بالغة حدّ الضّرورة فيرجع حاصل كلامه حينئذ إلى أن من اقتصر على الأخبار المحفوفة بالقرائن القطعيّة يلزمه أن يترك أكثر الأخبار وأكثر الأحكام الذي ثبت بطريق أخبار الآحاد ولا يحكم فيها بشيء وهو ممّا علم ضرورة من الشّرع خلافه لكون اعتبار الأخبار العارية عن القرائن القطعيّة معلومة بالضرورة من الشرع ولعل هذا الوجه أظهر في كلام وأنسب لدعواه الإجماع على اعتبار أخبار الآحاد(قوله) خلو أكثر إلخ لقلّة وجود الأخبار المزكّى رواة سندها بتزكية عدلين (قوله) ومنهم صاحب الوافية إلخ إذ لو لم يكن بطلان العمل بأصالة البراءة في المشتبهات الكثيرة محظورا في الشّرع لم يلزم من خروج الأمور التي ذكرها من كونها هذه الأمور محظور أصلا(قوله) ومنهم المحدّث إلخ في دلالة كلام على المدعى نظر لأنّ صاحب الحدائق إنّما ذكر ما ذكره في مقام الردّ على الحلّي لأجل كون اعتبار أخبار الآحاد سيّما الموثوق بالصّدور منها عنده من الواضحات التي تكاد تلحق بالضّروريات فمقصوده أن من أنكر اعتبار أخبار الآحاد يكاد يخرج من هذا الدّين إلى دين آخر إذ كلّ من دخل في هذا الدّين علم اعتبارها فما ذكره مبالغة في ردّ الحلّي ولا دخل له فيما نحن فيه من بطلان العمل بأصالة البراءة لأجل استلزامه المخالفة الكثيرة(قوله) جنسين إلخ مختلفين فلا ربا بينهما (قوله) الثالث أنّه لو سلمنا إلخ هنا وجه رابع لعدم جواز العمل بأصالة البراءة وهو لزوم اختلال النظام وضائع النفوس والأموال والأعراض لو كان العمل بأصالة البراءة في أكثر الأحكام المشتبهة مرخّصا فيه شرعا إذ يلزم حينئذ أن يبنى على البراءة كلّ من شك في جواز إتلاف