من يدعي انفتاح باب العلم وأمّا ما ادعاه السّيّد من انفتاح باب العلم فمع احتمال كون مراده من العلم أعمّ من الوثوق أنّه إنّما يدعي الانفتاح بالنسبة إلى سند الأخبار وإلاّ فلم تظهر منه دعواه بالنّسبة إلى دلالتها أيضا وكذا الأخباريّون إنّما يدعون قطعيّة الأخبار المودعة في الكتب المعتبرة بحسب السّند دون الدّلالة نعم ربّما يظهر من الميرزا محمّد الأخباري في رسالته المعمولة في ردّ الأصوليين وهو المقتول في مشهد الكاظمين عليهماالسلام بفتوى العلماء على ما هو المعروف في الألسنة كون الأحكام الواقعيّة معلومة مقطوعا بها قال إنّ الإسلاميّون مطبقون على انحصار التّكليف في العلم واليقين أصالة وابتداء وهذا عندهم من الضّروريات الّتي لا يخالفهم فيه مخالف من أهل القبلة فإذا ثبت فساد حصول الظنّ وإمكانه في الأحكام الدّينيّة والنواميس الوضعية وثبت أنّ السّبب الداعي إلى استعمال الظن لم يرتفع مع العمل بالظن بل الاحتياط باق وما منه من واق وثبت تعلّق التّكليف بالعلم أصالة وابتداء وإمكان تحققه حصولا وثبت بقاء التكليف بما جاء به النّبي صلّى الله عليه والآية ضرورة وإجماعا وثبت عدم جواز التكليف بما لا يطاق عقلا ونقلا ثبت أنّ بقاء العلم وحفظ طريقه واجب عقلا على الحكيم العلاّم إلى يوم القيام وأنّ القائلين بالانسداد ما لهم من هاد وأن تحصيل الظنّ بالأحكام أمر محال له في الدّين مجال والاضطرار منفي والقول به مرميّ وقال في موضع آخر بعد أن طال وهل يأمر الحكيم بما يسدّ بابه وينهى عمّا إليه ما به ويؤسّس دينه على الظّنون ويتبع إرادته لرأي كلّ مفتون وما هذا القول إلاّ جنون والجنون فتون انتهى وظاهره التمسّك فيما ذهب إليه بقاعدة اللّطف نظرا إلى أنّه إذا ثبت التكليف بالعلم واليقين وجب على الشّارع الحكيم حفظ طرقه من الاختلال ولازمة كون من اعتقد شيئا من الأحكام هو الحكم الواقعي الأوّليّ وقد سبقه فيما قدّمناه الملاّ خليل القزويني قال في شرح العدّة ليس العمل بالأخبار من حيث إفادتها الظنّ بحكم الله تعالى الواقعي أو الواصلي بل من حيث أنّها توجب العلم بحكم الله الواصلي انتهى والظاهر أنّ مراده بالحكم الواصلي ما وصل إلينا من النّبي صلىاللهعليهوآله وخلفائه المعصومين عليهمالسلام وقد تقدم ذلك في صدر هذه المسألة عن غيرهما أيضا من الأخباريين وربّما نسب إلى الشيخ أيضا لأجل تمسّكه بقاعدة اللّطف في مسألة الإجماع ولذلك قد حمل التخيير في كلامه في مسألة اختلاف الأمّة على قولين على التّخيير الواقعي دون الظّاهري فتأمل وقد استوفينا الكلام في كلامه في تلك المسألة وذلك كلّه غير مضرّ فيما ادّعاه المصنف رحمهالله من ضرورة قلّة موارد العلم الوجداني أو انسداد بابه في أغلب أبواب الفقه لأنّ مقصوده انسداد باب العلم إلى الأحكام الواقعيّة المخصوصة الّتي جعلها الله تعالى لكلّ شيء وأنزلها الرّوح الأمين على قلب سيّد المرسلين صلوات الله عليه ومدعي الانفتاح لا يدعي ذلك بالنّسبة إلى هذه الأحكام لأنّه إنّما يزعم كون الأحكام الظّنية الّتي استنبطها من الأمارات الظّنية أحكاما واقعية وهذا غير ما ذكرناه مع أنّ القول المذكور باطل جدّا لاستلزامه التّصويب بل هو قول لم يقل به المصوبة أيضا لأنّهم إنّما يقولون به في الموارد الخالية من دليل لفظي من الكتاب والسّنة لاستلزام القول به في موارد الأدلة اللّفظية فيما اختلفوا في فهم معناه لاستعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد وقد منعه المحقّقون منّا ومن العامة وبالجملة أنّ القول بالانفتاح مع استلزامه التّصويب مخالف لقول المصوبة من وجهين أحدهما أنهم إنّما يقولون بالتّصويب في الموارد الخالية من الأدلة اللّفظيّة وثانيهما أنهم يمنعون تبليغ النّبي صلىاللهعليهوآله جميع الأحكام إلى الأمّة وأنّه قد بلغ بعضها إلى رأي المجتهدين وأن ما وصل فيه دليل لفظي من قبيل الأوّل وما لم يصل فيه ذلك من قبيل الثّاني وهو محلّ الاجتهاد والتّصويب ومدعي الانفتاح مع قوله بعدم خلو واقعة من الوقائع من حكم واقعي قد صوّب آراء مجتهدين حتّى في موارد الأدلة اللفظيّة فهذا القول باطل عند العامة والخاصّة(قوله) بحيث لا يبقى مانع إلخ المانع من جهة العلم الإجمالي بوجود أحكام واقعية في موارد الانسداد فإن هذا هو المانع من الرّجوع إلى الأصول الجارية في خصوص الوقائع في صورة الانسداد كما سيجيء توضيحه في المقدمة الثّالثة ولذا جعله معيارا في تحقق الانسداد وعدمه (قوله) في تلك الواقعة إلخ يعني إلى الأصل الجاري في خصوص المسائل مع قطع النّظر عن الانسداد الأغلبي (قوله) إلاّ بعد التّأمل إلخ لأنّ تسليم هذا أو منعه موكول إلى نظر الفقيه فيما يعتقد من حجيّة الأمارات لأنّه ربّما يزعم حجيّة الأخبار الّتي زكيت رجال سندها بتزكية عدلين كالأردبيلي والشّهيد الثّاني وصاحبي المدارك والمعالم ومع ذلك يدعي وفاء تلك بأغلب أبواب الفقه كما صرّح به صاحب المعالم في محكي منتقى الجمان وربّما يرى حجيّة الأخبار الموثوق بالصّدور ومع ذلك يدعي عدم وفائها بأغلب أبواب الفقه كصاحب الهداية بل ربّما يعتقد قيام دليل خاصّ على حجيّة غير الخبر أيضا من الأمارات ومع ذلك يقول بانسداد باب العلم كصاحب الرياض لأنّه في رسالته المعمولة في حجيّة الشّهرة قد ذكر ما حاصله أنّ الدّليل الخاصّ قد دل على حجيّة الخبر الضّعيف المنجبر بالشّهرة ولا ريب أنّ الخبر الضّعيف ليس بنفسه حجّة فلو لم تكن الشهرة بنفسها حجة لزم لها كون الخبر الضعيف بنفسه حجة أو صيرورة غير الحجة بضميمة غير الحجة إليه حجة وكلاهما باطلان فلا بدّ أن تكون الشّهرة بنفسها حجّة فتأمل وهو ره مع ذلك قد عمل بمطلق الظنّ لأجل الانسداد الأغلبي وبالجملة أنّ هذه المقدّمة أنّما تتم بعد إثبات عدم وفاء الأمارات الّتي أثبت الفقيه اعتبارها بالخصوص مع ما حصّله من الأدلة العلميّة بأغلب أبواب الفقه ونحن حيث قلنا تبعا للمصنف رحمهالله بل المشهور عند القدماء باعتبار الأخبار الموثوق بالصّدور والظّاهر وفاء هذا القسم لكثرة وجوده بأغلب أبواب الفقه فهذه المقدّمة غير تامّة على مذهبنا ونحن أنّما نتكلم في إثبات سائر المقدّمات في إتمام هذا الدّليل على سبيل الفرض والتّقدير بمعنى فرض الانسداد الأغلبي (قوله) بل المتأخرين إلخ بل نفي صاحب المناهج هذه المقدّمة صريحا حيث جوّز كون المرجع بعد الانسداد هي البراءة(قوله) أترى إلخ هذا تقريب للمدعي يشهد به أيضا أنّهم قد ذكروا أنّه مع خلو العصر من المجتهد لا بدّ من الاحتياط ومع تعذره أو تعسّره لا بدّ من الأخذ بفتوى المشهور من الأموات ومع عدم التمكن بفتوى الأعلم منهم ومع عدمه بفتوى أحدهم ولم يجوزوا العمل بالبراءة