الشّارع في العمل بمؤدياتها في مقابل الظنّ يكشف عن وجود مصلحة فيه لئلاّ يلزم تفويت مصلحة الواقع على تقدير مخالفتها للواقع ولا ريب أنّ العمل بالموهوم أنّما بقبح إذا لم يشتما على رجحان من جهة أخرى وبمثل ذلك يجاب لو أورد النقض بالأمارات الشّرعيّة في الموضوعات في مقابل الظنون غير المعتبرة قلت وجود المصلحة في العمل بالموهوم فيما نحن فيه أيضا مظنون لما تقدم في كلام المصنف رحمهالله عند الجواب عن دليل وجوب دفع الضّرر المظنون من كون اعتبار أصالة البراءة والاستصحاب في مقابل الظنون التي لم يثبت اعتبارها مظنونا أو مقطوعا ومع ذلك لا يحكم العقل بقبح ترجيح المرجوح لرجحان المرجوح حينئذ من جهة أخرى (قوله) فلا بدّ إرجاع إلخ قد تقدم عند شرح قوله فالأولى أن يجاب إلخ ما يدفع هذا الكلام فراجع (قوله) الأستاذ إلخ هو شريف العلماء(قوله) عن أستاذه إلخ هو صاحب الرّياض (قوله) راجع إلى دليل إلخ لو قال إنه راجع إلى دليل الانسداد الآتي مع الإخلال ببعض مقدّماته من عدم جواز الرّجوع إلى الوصول والقواعد المقرّرة للجاهل كان أحسن (قوله) مع أنّ العمل إلخ حاصله أنّ المستدلّ حيث ادعى أنّ مقتضى القاعدة بعد الانسداد الأغلبي هو الاحتياط الكلّي لو لا استلزامه العسر فلازمه أن يقتصر في اندفاع العسر على رفع اليد عن الاحتياط بمقدار يندفع به العسر فيلزمه أن يلتزم بالاحتياط في المشكوكات أيضا لعدم لزوم العسر مع إضافتها إلى المظنونات لقلّة موارد الشّكوك المتساوية الطّرفين بل ومع إضافة الموهومات الّتي يكون احتمالها قويّا أيضا ودعوى أن من قال بعدم وجوب الاحتياط في الموهومات قال به في المشكوكات أيضا في غاية من الضعف والسّقوط لأنّ عدم وجوب الاحتياط في الموهومات عند القائل به أنّما هو لأجل قوله بحجيّة الظنّ في موارده ومقتضاها جواز الرّجوع في المسائل الخالية من الظنّ إلى الأصول الجارية فيها من البراءة والاستصحاب والاحتياط والتخيير ولا يلزم ذلك من القول بعدم وجوب الاحتياط في الموهومات لأجل استلزام الاحتياط فيها وفي غيرها للعسر والحرج لعدم استلزام ذلك لحجيّة الظنّ كما سيجيء توضيح ذلك فيما أورده المصنف رحمهالله على دليل الانسداد الآتي (قوله) المعروف بدليل إلخ قد يعبّر بالدّليل الرّابع وهذا أيضا معروف لأن صاحب المعالم قد جعله رابع الأدلة فاشتهر بذلك وربّما نجعل المقدّمة الأولى هو بقاء التكليف والثّانية انسداد باب العلم في أغلب الأحكام ولا وجه له لأنّه لا يخلو إمّا أن يريد من بقاء التكليف وجود الأحكام الواقعية بحيث لو علمنا بها لكنا مكلّفين بها بأن يقال إنّا قد علمنا أنّ الله سبحانه قد أرسل رسولا وأنزل إليه أحكاما وأنّ هذه الأحكام باقية بحيث لو حصل لنا العلم بها لكنّا مكلّفين بها فعلا وإمّا أن يريد به كوننا مكلفين بالأحكام الواقعيّة فعلا بأن كانت الأحكام الواقعيّة على ما هي عليها منجزة في حقنا وإمّا أن يريد به كوننا غير مهملين كالبهائم وكوننا مخاطبين بخطاب ولو كان ذلك هو العمل بمقتضى الأصول من البراءة والاحتياط وغيرهما وإمّا أن يريد به كوننا مخاطبين بخطاب تكليفي وإن كان هو العمل بحكم ظاهري مثل الاحتياط دون العمل بمقتضى أصالة البراءة وهذا أخصّ من سابقه وشيء من هذه الوجوه لا يقضي بما قدّمناه أمّا الأوّل فإنّ إثبات بقاء الأحكام الّتي جاء بها النّبي صلى الله عليه والآية وعدم نسخها وإن كان من مقدّمات إثبات حجيّة الظنّ إلاّ أنّه من مقدّماته البعيدة فلو بني التعرض لمثل ذلك في المقام فلا بد من التعرّض لإثبات وحدانيّته تعالى ونبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله وكونه خاتم الأنبياء وهكذا ولا ريب أنّ التّعرض لأمثال هذه المقدّمات ليس مناسبا لهذا العلم وأمّا الثّاني فإنّه هادم لأساس حجيّة الظنّ المطلق لأنّه مع تنجز التكليف بالأحكام الواقعيّة على ما هي عليه كيف يكتفي في مقام الامتثال بمطلق الظنّ بل ذلك لا يجتمع مع فرض الانسداد الأغلبي لاستلزام التكليف بما لا يطاق وأمّا الثّالث والرّابع فإن مرتبتهما متأخرة عن فرض الانسداد لأنّ التّكلم في كونها مكلفين في الجملة ولو كان هو العمل بالأصول أو الظن أو الشّكّ أو الوهم أو التّقليد للعالم أو القرعة أو نحو ذلك كما سيجيء أنّما هو بعد الانسداد لأن المناسب مع فرض انفتاح باب العلم هو التكلم في كوننا مكلّفين بنفس الأحكام الواقعيّة أو بالأعم منها ومن الظنون الخاصة كما هو واضح فالمتعيّن حينئذ جعل الانسداد هي المقدمة الأولى وبقاء التّكليف هي المقدّمة الثّانية كما صنعه المصنف رحمهالله والأولى في تقرير هذه المقدّمات تقريرها على النّهج الّذي قرّرها المصنف رحمهالله به فلا تغفل (قوله) الرّابعة إذا بطل إلخ ربّما يتوهم كون حاصل هذه المقدّمة هي النتيجة المطلوبة في المقام وهو فاسد لأنّ المقصود منها إثبات عدم جواز الاقتناع بالموافقة الاحتماليّة أو الموهومة بعد إثبات عدم جواز الرّجوع أو عدم وجوبه إلى الطّرق المقرّرة للجاهل وبعد إثبات هذه المقدّمة ثبتت حجيّة الظنّ (قوله) في بعضها إلخ كالاحتياط(قوله) في الأخر إلخ مثل البراءة والاستصحاب والتقليد ونحوها(قوله) ما يحتمل كونه طريقا إلخ كالقرعة ونحوها(قوله) أمّا المقدّمة الأولى إلخ لا إشكال في توقف إثبات حجيّة الظنّ على إثبات المقدّمات الثلاث الأخيرة وربّما يقال بعدم الحاجة فيه إلى إثبات المقدّمة الأولى بالدليل نظرا إلى كفاية الأصل عند الشّكّ في تحقق الانسداد وعدمه إذ مقتضى الأصل عدم التّكليف بالعلم لتوقّفه على جعل الشّارع أمارات مخصوصة لامتثال الأحكام الواقعية والأصل عدمه فيكون مدّعي الانسداد في معنى المنكر الّذي لا يكلف بالإثبات ويكتفي منه بمجرّد النفي وعدم العلم بالثبوت والأولى ابتناء المسألة على أنّ مقتضى الأصل هو جواز العمل بالظنّ أو حرمته فيلزم الإثبات على الثّاني دون الأوّل إذ على الثّاني لا بدّ في الخروج من مقتضى الأصل المذكور من إثبات المقتضى لجواز العمل بالظنّ ولا يثبت ذلك إلا بعد ملاحظة الأخبار وغيرها من الأمارات المعتبرة شرعا كاف في أغلب أبواب الفقه وحيث قد أسلف المصنف رحمهالله عند تأسيس الأصل في المسألة كون مقتضى الأصل هي حرمة العمل بالظنّ فلا بد حينئذ من إثبات الانسداد(قوله) انسداد باب العلم إلخ ظاهر صاحب المعالم الاقتناع في إثبات هذه المقدّمة على إثبات انسداد باب العلم الوجداني خاصّة فتأمل (قوله) ضرورة قلّة إلخ لم أجد ممن يعتنى بقوله من العلماء