مجمع أخبار وآثار ورد بأن كثيرا من الأصول مبوّبة ويقرب في نظري أن الأصل هو الكتاب الّذي جمع فيه مصنّفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم عليهالسلام أو عن الرّاوي والكتاب والمصنّف لو كان فيهما حديث معتمد معتبر لكان مأخوذا من الأصول غالبا وقيدنا بالغالب لأنّه ربّما كان بعض الرّوايات يصل معنعنا ولا يؤخذ من أصل وبوجود مثل هذا فيه لا يصير أصلا فتدبّر وأمّا النّوادر فالظّاهر أنّه ما اجتمع فيه أحاديث لا تنضبط في باب لقلّته أو وحدته ومن هذا قولهم في الكتب المتداولة ونوادر الصّلاة ونوادر الزّكاة وغير ذلك وربّما يطلق النّادر على الشّاذّ ومن هذا قول المفيد إنّ النّوادر هي الّتي لا عمل عليها وقال الشّيخ في التّهذيب لا يصلح العمل بحديث حذيفة لأنّ متنه لا يوجد في شيء من الأصول المصنّفة بل هو موجود في الشواذ من الأخبار والمراد من الشاذ عند أهل الدراية ما رواه الثّقة مخالفا لما رواه الأكثر وهو مقابل المشهور والشّاذّ مردود مطلقا عند بعض ومقبول كذلك عند بعض ومنهم من فصّل بأنّ المخالف له إن كان أحفظ وأضبط وأعدل فمردود دون العكس فيتعارضان وعن بعض أنّ النّادر ما قلّ رواته وندر العمل به وادعى أنّه الظّاهر من كلام الأصحاب ولا يخلو من تأمّل انتهى كلامه رفع مقامه وفي الرّواشح السّماوية المشهور أنّ الأصول الأربعمائة مصنف لأربعمائة مصنّف من رجال أبي عبد الله الصّادق عليهالسلام ورجاله صلوات الله عليه من العامة والخاصّة على ما قاله المفيد رضوان الله عليه في إرشاده زهاء أربعة آلاف رجل ومصنّفاتهم كثيرة إلا أنّ ما استقر الأمر على اعتبارها والتّعويل عليها وتسميتها بالأصول هذه الأربعمائة ثم نقل ما تقدم عن كتاب معالم الدّين لمحمّد بن علي بن شهرآشوب (قوله) تصانيف من وصفناه إلخ كمحمد بن أحمد بن الجنيد(قوله) مع عدم الترجيح إلخ يعني بحسب الدّلالة لفرض القطع بالسّند(قوله) وإن كان مخطئا في الأصل إلخ حاصله أنّ النّظر والاجتهاد في تحصيل الاعتقاد بأصول العقائد واجب نفسي وأنّ التّارك له والمعتقد بها عن تقليد مع موافقة اعتقاده للواقع عاص بترك النّظر والاجتهاد إلا أنّه معفوّ عنه وسيأتي الكلام فيه في محلّ آخر(قوله) وقد حصل لهم إلخ يعني بالدّليل الإجمالي (قوله) إنا لا نعلم برواياتهم إلخ لعلّ المراد فيما لم يكن الرّاوي ثقة فلا يتنافى الجوابان (قوله) ما أنكرتم أن يكون إلخ لفظة ما للنفي يعني ما ظهر من كلامكم إنكار ذلك (قوله) أشرتم إليهم إلخ ممّن يجوز العمل برواياته (قوله) لعدم ذكر ذلك في صريحه إلخ الدّلالة الصّريحة هي المطابقة والتضمنية وغير الصّريحة سائر الدّلالات الالتزاميّة والفحوى هو المفهوم الموافقة والدّليل هو المفهوم المخالفة والمعنى باقي الدّلالات الالتزاميّة من التنبيه والاقتضاء والإيماء(قوله) بما كان يقتضيه العقل إلخ من أصالة البراءة(قوله) حتى أشار في جملة كلامه إلخ هو ما أشار إليه في آخر كلامه بقوله يلزمه أن يترك أكثر الأحكام إلى آخره لأنّ عمدة مقدّمات دليل الانسداد هو إثبات الانسداد الأغلبي وإثبات عدم جواز الرّجوع في الموارد الّتي انسد فيها باب العلم إلى الأصول وقد أشار إلى المقدمتين في كلامه ثم إنّ هذا لا ينافي القول باعتبار الأخبار من باب الظّنون الخاصة كما توهّمه في القوانين ومحكي المفاتيح كما سيأتي عند بيان ما يرد على بعض وجوه تقرير الإجماع في المقام وهذا نظير ما وقع لصاحب المعالم والعلاّمة من استدلالهما على اعتبار الأخبار من باب الظّنون الخاصّة بدليل الانسداد فتدبّر (قوله) مواضع تدل على مخالفة السّيّد إلخ لأنّ في كلامه مواضع تدل على أنّ مراده بما ادعى الإجماع عليه هو الأخبار المجرّدة عن القرائن القطعيّة منها اشتراطه في عنوان المسألة كون الرّاوي سديدا في دينه إذ لو كان مقصوده إثبات حجيّة الأخبار المقطوع بصدورها كان اشتراط ذلك لغوا ومنها تصريحه في أوّل المسألة باشتراط خلو الخبر الّذي ادعى على اعتباره الإجماع عن القرائن القطعيّة ومنها دعواه الإجماع على المسألة إذ لو كان مقصوده بيان اعتبار الأخبار المقطوع بالصّدور لم يحتج ذلك إلى دعوى الإجماع عليه ومنها ما أشار إليه بقوله ومن ادعى في القرائن جميع ذلك إلى آخره ومنها أنّه بعد أن ذكر في دليله الثّاني على حجيّة الأخبار مخالفة الشّيوخ قال وذلك أشهر من أن يخفى حتى إنّك لو تأمّلت في اختلافهم وجدته يزيد من اختلاف أبي حنيفة والشّافعي ومالك ووجدتهم مع هذا الاختلاف العظيم لم يقطع أحد منهم موالاة صاحبه ولم ينته إلى تضليله وتفسيقه والبراءة من مخالفة فلو لا أنّ العمل بهذه كان جائزا لما كان ذلك وكان يكون من عمل بخبر عنده أنّه صحيح يكون مخالفة مخطئا إلى أن قال وإن تجاسر متجاسر إلى أن يقول كلّ مسألة ممّا اختلفوا فيه عليه دليل قاطع ومخالفه مخطئ فاسق يلزمه أن يفسق الطّائفة كلّها وضلّل الشّيوخ المتقدّمين والمتأخرين كلهم فإنّه لا يمكن أن يدعى على أحد موافقته في جميع أحكام الشّرع ومن بلغ هذا الحد لا يحسن مكالمته ويجب التغافل عنه بالسّكوت ومنها ما ذكره في دليله الثّالث قال ممّا يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه أنا وجدنا الطّائفة ميّزت الرّجال النّاقلة لهذه الأخبار فوثقت الثّقات وضعفت الضّعفاء وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ومن لا يعتمد على خبره ومدحوا الممدوح وذمّوا المذموم وقالوا فلان متّهم في حديثه وفلان كذّاب ثمّ أورد شطرا من هذه الكلمات قال فلو لا العمل بما يسلم من الطّعن ويرويه من هو موثوق به جائزا لما كان بينه وبين غيره فرق وكان خبره مطروحا مثل خبر غيره فلا يكون فائدة في شروعهم فيما شرعوا فيه من التضعيف والتوثيق وترجيح بعضها على بعض وفي ثبوت ذلك دليل على صحّة ما اخترناه انتهى وتقريب الدّلالة أنّ احتجاجه بتمييز الطّائفة بين ثقات الطّائفة وضعافهم يدل على كون تميزهم بين ذلك لأجل كون عملهم بأخبار الآحاد إذ لو كان عملهم بالأخبار القطعيّة لما احتاجوا إلى ذلك أصلا وكان ما ارتكبوه لغوا محضا هذا ولكن قد تقدمت عند نقل الأقوال في المسألة دعوى الشّهيد الثّاني في شرح الدّراية دعوى اختلاف كلمات الشيخ في العمل بأخبار الآحاد فراجع وهو الحقّ الّذي لا محيص عنه.