الوثوق بأن الصّنف الّذي أريد بالأخبار المذكورة بيان اعتباره هو القسم الثّالث وهو خبر الثّقة المفيد للوثوق بالصّدور وإن لم يكن عدلا إماميّا بل تمكن دعوى كونه الخبر الموثوق بالصّدور وإن لم يكن راويه ثقة بأن حصل الوثوق بصدوره من القرائن الخارجة وهذا هو الّذي كان صحيحا عند القدماء وذلك لأنّه بعد حمل المطلقات المذكورة الدّالة على اعتبار خبر مطلق المؤمن أو الشّيعة أو الرّاوي أو نحوها على مقيّداتها صار الحاصل حجيّة خبر الثقة العدل الإمامي الّذي هو المقطوع الحجيّة من ملاحظة مجموع الأخبار كما عرفت والمراد بالثقة من تطمئن النّفس بخبره ويحصل الوثوق به لكنّ المتأمّل في الأخبار المذكورة يظهر له عدم الاعتداد بوصف كون الرّاوي إماميّا كما تشهد به رواية العدة الأمرة بالأخذ بما رووه عن علي عليهالسلام والواردة في كتب بني فضال ومرفوعة الكناني مع خلو كثير من أخبار الباب عن كون الرّاوي إماميّا نعم يشعر باعتباره بعض الأخبار مثل قوله عليهالسلام المأمون على الدّين والدّنيا وقوله عليهالسلام وأمّا من كان فقيها الحديث وقوله عليهالسلام لا تأخذن معالم دينك من غير شيعتنا لكن هذا الإشعار لا يعتد به في مقابل النّصوص الأخر المطلقة بل الصّريحة مثل ما عرفت ممّا دل على الأمر بالأخذ بما رووه عن علي عليهالسلام وما ورد في كتب بني فضال وأمّا كون دلالة هذه الأخبار بالإشعار دون الظّهور فأمّا الأوّل منها فلأن تعليق الحكم على الوصف وإن كان مشعرا بالعلية إلا أنّ الإشعار لم يبلغ مرتبة الحجيّة فالأمر بالأخذ من زكريّا بن آدم لعلّه من جهة إفادة خبره للوثوق لا من حيث كونه مأمونا على الدّين والدّنيا وأمّا الثّاني فإنّه وإن كان ظاهرا في اعتبار وصف كون الرّاوي إماميّا إلا أنّ الظاهر أن اعتباره فيه أنّما هو من جهة اشتمال الخبر على الفتوى أيضا لا من جهة نقل الرّواية بل لا تعبد دعوى عدم شموله لنقل الرّواية أصلا وأمّا الثّالث فإنّه ظاهر في أخذ الفتوى فلا يشمل نقل الرّواية مع أنّ الظّاهر منه نفي الأخذ من غير الشّيعة من حيث كونهم غير شيعة بأن يؤخذ بخبرهم من حيث هو فهو لا ينافي جواز الأخذ به من حيث كون الرّاوي ثقة فتأمل مضافا إلى ما ذكره المصنف رحمهالله من الحمل والجمع والاستشهاد والتّرتب بالتّعليل وإذا ثبت عدم اعتبار وصف كونه إماميّا ظهر عدم اعتبار وصف العدالة مع أنّ ما يمكن أن يتوهّم منه ذلك قد عرفت ضعف دلالته بل في الأخبار ما يدل على خلافه مثل ما عن الشيخ أسد الله في رسالته المفردة في الإجماع من أنّ الباقر عليهالسلام قال إنّ لنا أوعية نملؤها علما وحكما وليست لها بأهل فما نملؤها إلاّ لينتقل إلى شيعتنا فانظروا إلى ما في أوعية فخذوها ثمّ أخلصوها من الكدورة تأخذوا منها بيضاء نقية صافية وإيّاكم والأوعية فإنّها وعاء سوء فتنكبوها وإنّ الصّادق عليهالسلام قال ذهب العلم وبقي غبرات العلم في أوعية سوء فاحذروا باطنها فإن في باطنها الهلاك وعليكم بظاهرها فإنّ في ظاهرها النجاة فقد ثبت ممّا ذكرناه أنّ المحصّل من الأخبار أنّ المناط في اعتبار الخبر كون راويه ثقة بل يمكن أن يقال إنّ المدار على كون الخبر موثوقا بالصّدور ولو بالقرائن الخارجة وإن لم يكن راويه ثقة إذ من الواضح أنّ اعتبار وثاقة الرّاوي أنّما هو لأجل حصول الوثوق بخبره لا لأجل كونها صفة تعبدية في الرّاوي فاعتبار وثاقته وكونه صادقا في جملة من أخبار الباب أنّما هو لإحراز الوثوق بالخبر لكون وثاقته أمارة غالبة له لا لأجل مدخليّة ذلك في قبول خبره (قوله) ومرفوعة الكناني وتاليها إلخ لا يخفى أنّه لا صراحة في تالي المرفوعة في نفي العدالة نعم تشمله من حيث وعد الجزاء لكلّ من حفظ أربعين حديثا(قوله) لكنّه محمول إلخ أي عدم جواز أخذ معالم الدّين من غير الشّيعة محمول على كون غير الشّيعة من غير الثقات (قوله) شهادة على هذا الجمع إلخ من حيث أمره عليهالسلام بالأخذ برواياتهم وترك آرائهم (قوله) مع أنّ التّعليل إلخ في سابق رواية عبد الله الكوفي خادم الشّيخ أبي القاسم بن روح (قوله) أحد وجهين إلخ توضيح المقام أنّ العلماء قد اختلفوا في مسألة حجيّة أخبار الآحاد اختلافا فاحشا لأنّ منهم من اعتبر فيها كون الرّاوي عدلا إماميّا كصاحبي المعالم والمدارك وغيرهما ومنهم من اعتبر وثاقة الرّاوي كما هو المشهور بين القدماء ومنهم من اعتبر كون الخبر مقبولا عند الأصحاب كالمحقّق في المعتبر والظّاهر أنّ مراده قبول معظمهم وكذا الخلاف في اعتبار المراسيل والمكاتبات والمضمرات معروف إلى غير ذلك من الاختلافات الّتي سيجيء إلى بعضها الإشارة ولا بد في الإجماع المبني على تتبع الفتاوى أو معاقد الإجماعات المحكية من الأخذ بما هو المتيقّن منهما وحينئذ نقول إنّ المتيقّن الاعتبار من الأخبار ما كان جامعا لجميع قيود محل الخلاف بأن كانت رواة سنده إماميّين مزكين بعدلين ثقات وكان الخبر ممّا قبله معظم الأصحاب ولم يكن مرسلا ولا مكاتبة ولا مضمرا وكذا كان جامعا لسائر قيود الخلاف ووجود مثل هذا الخبر وإن كان قليلا جدا وعلى تقدير كثرته في نفسه ليس بحيث لا يلزم من الاقتصار عليه والرّجوع في سائر الموارد إلى الأصول محذور إلا أنّه يكفي في ردّ ما ادّعاه المرتضى من السّالبة الكليّة نعم يرد على الوجهين أنّ جهة عمل العلماء بأخبار الآحاد مختلفة لأن جماعة ومنهم الشهيد في الذكرى قد عملوا بمطلق الظنّ وظاهرهم اعتبار الأخبار أيضا من هذه الجهة نعم ظاهر المشهور اعتبارها من باب الظنون الخاصة ولا ريب أنّ إجماعهم على اعتبارها مع اختلاف جهة عملهم بها بل ومع إجمالها أيضا لا يفيد اعتبارها من باب الظنون الخاصة كما هو المقصود في المقام (قوله) كما ذكره الشّيخ إلخ هو صريح كلامه الّذي نقله في المقام إلا أنّ الاعتراف بذلك ينافي ما أسلفه في مبحث الإجماع من دعوى انحصار وجه اعتباره عند الشيخ في طريق اللّطف المنافي لخروج الواحد والاثنين ولو من معلومي النّسب (قوله) فمنها ما حكي عن الشيخ في العدّة إلخ قد ذكر أيضا في تضاعيف القرائن المفيدة للعلم في حكم الخبرين المتعارضين وأنّه يجب تقديم ما هو الموافق لكتاب الله أو السّنة المقطوع بها أو الإجماع فإن لم يكن مع أحد الخبرين شيء من ذلك وكانت فتيا الطّائفة مختلفة نظر في حال رواتهما فإن كان راويه عدلا وجب العمل به وترك العمل بما لم يرو العدل وسنبيّن