النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زيد بأنّ عمرا نهب أمواله وهتك عرضه فإذا لم يصدقه إلاّ بحسب الصّورة وكان زيد صادقا في دعواه في الواقع لم يكن خيرا له إلاّ أن يقال إنّ المفسدة هنا مترتبة على عدم تصديقه حقيقة لا على تصديقه صورة ومنها ما نقله عن تفسير العياشي وقد عرفت الحال فيه ومنها ما نقله عن القمي وقوله وهذا التّفسير صريح إلى آخره لا يخلو عن منع نعم هو صريح في عدم إرادة الإيمان الحقيقي خاصّة ومنها العدول من الباء إلى اللاّم في قوله سبحانه (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) لأنّه ظاهر في كون تصديقه للمؤمنين بملاحظة نفعهم لا على وجه الحقيقة كما في تصديقه سبحانه وفيه أنّ تغيير الأسلوب كما يمكن أن يكون لأجل ما ذكره من مغايرة معنى التّصديق بالله تعالى وللمؤمنين بإرادة الحقيقي بالأوّل والصّوري بالثّاني كذلك يمكن أن يكون لأجل مغايرتهما بإرادة التّصديق الجزمي بالأوّل والظّاهري بالثّاني كما أسلفناه سابقا وممّا ذكرناه قد ظهر أنّ المؤيدات المذكورة كلّها لا تخلو عن نظر نعم ربّما يؤيّد ما ذكره أوّلا أنّ ظاهر الآية وجوب تصديق آحاد جميع المؤمنين كما هو قضيّة الجمع المعرف المفيد للعموم الأصولي فيلزم أن يكون النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مصدّقا للموافق منهم والمنافق والعادل منهم والفاسق والمتجاهر منهم بالفسق والمستتر به وهو واضح البطلان ومناف لصريح آية النّبإ والبناء على خروج ما أخرجه الدّليل بناء على كون العام المخصّص حجّة فيما بقي منه مندفع بأنّ الآية من حيث ورودها في مقام الامتنان على العباد ببيان كون النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رءوفا ورحيما بالمؤمنين ومصدّقا لهم وكون ذلك خيرا لهم آبية عن التخصيص فلا بد أن يراد معنى يشمل الجميع مضافا إلى أنّه مستلزم لتخصيص الأكثر وهو مستهجن عرفا إذ لا بدّ حينئذ من إخراج المنافقين والفسّاق من العموم وهم أكثر المؤمنين بل لا بدّ من إخراج العدول أيضا بالنّسبة إلى موارد الشّهادة كما هو الغالب في الإخبار عن الموضوعات لعدم اعتبار قول العدل الواحد في مواردها إجماعا واعتباره في الجملة ولو بضمّ مثله إليه ليس تصديقا له على الحقيقة إذ ظاهر الآية تصديق كل واحد من المؤمنين وترتيب آثار الصّدق عليه بانفراده لا بضمّه إلى غيره بل لا بد من إخراج العدول في إخبارهم عن الأحكام بالنّسبة إلى النّبي صلىاللهعليهوآله ضرورة عدم حجيّة أخبار الآحاد بالنّسبة إليه فلا يبقى تحت العموم إلاّ أقلّ قليل من الموارد من إخبار ذي اليد عن طهارة ما في يده أو نجاسته ونحو ذلك وثانيا أنّ ضمير الخطاب في قوله تعالى خير لكم يشمل مؤذي النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا وجه لتصديقه للمؤذين له على وجه الحقيقة بترتيب آثار الصّدق على إخبارهم إذا أخبروا عن مثل القتل والارتداد مثلا فلا بد من حمل التّصديق في الآية إما على التّصديق النّاشئ من حسن الظنّ كما أشار إليه المصنف رحمهالله في الجواب الأوّل وإمّا على التّصديق الصّوري كما أشار إليه في الجواب الثّاني (قوله) وأمّا توجيه الرّواية إلخ أي رواية الكافي الّتي قرّب بها الاستدلال بالآية(قوله) فيحتاج إلى بيان إلخ يمكن أن يقال أيضا إنّه إذا ثبت بما ذكره تعين حمل التّصديق في الآية على التّصديق الصّوري تعيّن حمله عليه في الرّواية أيضا بقرينة استشهاد الإمام عليهالسلام الآية فيها مضافا إلى أنّه لو كان المراد بالتّصديق في الرّواية ترتيب آثار الواقع على المخبر به لزم إجراء حدّ شرب الخمر الثابت بأخبار الآحاد على الرّجل القرشي وهو خلاف الإجماع فلا تكون حجّة في موردها مع قيام الإجماع على عدم جواز تخصيص المورد ومن هنا يظهر ضعف ما تخيله بعض فضلاء السّادة في محكي مفتاح الكرامة من استنهاض الرّواية لحجيّة خبر العدل مطلقا حتّى في الموضوعات ردّا على من ادعى عدم وجود دليل عليه (قوله) خمسون قسامة إلخ حكى الطّريحي عن المصباح أنّه قد تكرّر ذكر القسامة بالفتح وهي الأيمان تقسم على أولياء القتيل إذا ادعوا الدّم يقال قتل فلان بالقسامة إذا اجتمعت جماعة من أولياء القتيل وادعوا على رجل أنّه قتل صاحبهم ومعهم دليل دون البيّنة فحلفوا خمسين يمينا أنّ المدّعى عليه قتل صاحبهم فهؤلاء الّذين يقسمون على دعواهم يسمّون قسامة انتهى والمراد بها هنا كما يظهر من المصنف رحمهالله في مبحث الاستصحاب هي البينة (قوله) فإن تكذيب القسامة إلخ حاصله أنّ المراد بتكذيب القسامة ليس المعنى المقابل للمراد بتصديق الأخ المشهود عليه لأنّه ترجيح بلا مرجّح بل ترجيح المرجوح لأنّه تصديق الواحد وتكذيب المتعدد وحيث كان المراد بتكذيبهم عدم ترتيب آثار الواقع على خبرهم الّذي هو للمعنى الثّاني للتّصديق فلا بدّ أن يكون المراد بتصديقه هو المعنى الأوّل وأنت خبير بأنّه يمكن أن يؤخذ لكلّ من التّكذيب والتّصديق معنى يقابل الآخر بأنّ يحمل المقابل التّصديق على معنى مطابقة الواقع المستلزم لتكذيب القسامة بمعنى المخالفة له مع حمل خبر القسامة على الصّدق بمعنى المطابقة لاعتقادهم إذ لا منافاة بين تكذيبهم وتصديقهم بهذا المعنى فيتقابل التّكذيب والتّصديق حينئذ في الرّواية ولا يلزم منه ترجيح المرجوح وهذا المعنى يظهر من المصنف ره في مبحث الاستصحاب عند التّعرض لقاعدة حمل فعل المسلم على الصّحة ثمّ إنّهم قد استدلّوا في المقام بآيات أخر منها قوله سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) واستدل به العلاّمة في النّهاية وقال أمر بالقيام بالقسط والشّهادة لله والأمر للوجوب والمخبر عن الرّسول قائم بالقسط شاهد لله فكان ذلك واجبا عليه وإنّما يكون واجبا إن كان القبول واجبا وإلاّ فوجوب الشّهادة كعدمها انتهى وتوضيحه أنّ الله تعالى قد أمر المؤمنين بالقيام بالقسط أي الحقّ حال كونهم شاهدين لله ولو كان ضررا على نفس الشّاهد فتدل على اعتبار خبر الواحد بوجهين أحدهما أنّ الله تعالى قد أوجب القيام بالقسط والمخبر عن الرّسول قائم بالقسط فيجب الإخبار عنه وهو أنّما يجب إذا كان القبول واجبا وإلاّ لغا إيجاب الإخبار وثانيهما أنّ الله تعالى أوجب الشّهادة لله والشهادة هنا أعمّ من الأخبار عن الأحكام وعن الموضوعات الخارجة فإذا وجبت الشّهادة مطلقا وجب القبول كذلك وإلاّ لغا إيجاب الشّهادة فيثبت اعتبار خبر الواحد في الأحكام وهو المطلوب ويرد على الأوّل أنّ الأمر بالقيام بالحقّ للإرشاد إلى بيان ما ينبغي أن يكون المكلّف عليه