فحلف أنّه لم يفعل فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قبلت منك فلا تقع فرجع إلى أصحابه فقال إنّ محمّدا أذن أخبره الله أني أنمّ وأنقل أخباره فقبل فأخبرته أنّي لم أفعل فقبل فأنزل الله على نبيّه صلىاللهعليهوآله ومنهم الذين يؤذون النّبي صلىاللهعليهوآله الآية وفي سبب نزولها أقوال أخر نقلها الطّبرسي وقوله تعالى أذن خير قرء بالضمّ والتّنوين فيهما وقرء بالإضافة والمعنى أنّ جماعة من المنافقين يؤذون النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقول ويقولون هو أذن أي يستمع إلى ما يقال له ويصغي إليه ويقبله فأطلق عليه صلىاللهعليهوآله اسم العضو المخصوص مبالغة في كثرة استماعه لما يقال له فكأنه لذلك صار آلة الاستماع فردّ عليهم الله تعالى بقوله قل يا محمّد هو أذن خير يستمع إلى ما هو خير لكم قيل وهو الوحي وقيل معناه يسمع الخبر ويعمل به هذا على قراءة الإضافة وإمّا على قراءة الضمّ والتّنوين فالمعنى أنّ كونه أذنا أصلح لكم لأنّه يقبل عذركم ويستمع إليكم ولو لم يقبل عذركم كان شرّا لكم فكيف تعيبونه بما هو خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين يعني لا يضرّه كونه أذنا فإنّه أذن خير فلا يقبل إلاّ الخبر الصّادق من الله تعالى ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه ويقبل منهم دون المنافقين واللاّم مزيدة للتفرقة بين الإيمانين (قوله) بل قرنه بالتّصديق إلخ لأنّه يشهد بكون المراد بتصديق المؤمنين تصديقا حقيقيا كتصديقه تعالى وقد يمنع ذلك لأنّ المراد بتصديقه تعالى هو التّصديق الجزمي لعدم احتمال الخلاف فيما أخبر به تعالى بخلاف تصديق المؤمنين إذ لا بد أن يراد به إمّا التصديق الظّاهري أعني ترتيب آثار الواقع على ما أخبروا به بإلغاء احتمال خلافه وأمّا التّصديق الصّوري كما سيشير إليه فيختلف المعنيان في الموضعين نعم يمكن أن يقال إن الاقتران ظاهر في كون المراد بالتّصديق الثّاني إمّا هو المعنى المراد بالأول أو ما يقرب منه ويشابهه وهو التّصديق الظاهري لا الصوري الذي لا يترتب عليه أثر الواقع أصلا(قوله) يكون واجبا إلخ لعدم الفاصل (قوله) ويزيد تقريب الاستدلال وضوحا إلخ في الحسن أنّه كانت لإسماعيل بن أبي عبد الله عليهالسلام دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال إسماعيل يا أبة إنّ فلانا يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دينار أفترى أن أدفعها يبتاع لي بضاعة من اليمن فقال أبو عبد الله عليهالسلام يا بني أما بلغك أنّه يشرب الخمر فقال إسماعيل هكذا يقول النّاس فقال يا بني لا تفعل فعصى أباه ودفع إليه دنانيره فاستهلكها ولم يأت بشيء منها فخرج إسماعيل وقضى أنّ أبا عبد الله حجّ وحجّ إسماعيل تلك السّنة فجعل يطوف البيت وهو يقول اللهمّ أجرني واخلف عليّ فلحقه أبو عبد الله عليهالسلام فهمزه بيده من خلفه وقال له مه يا بني فلا والله ما لك على الله هذا ولا لك أن يؤجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك أنّه يشرب الخمر فائتمنته فقال إسماعيل يا أبة إنّي لم أره يشرب الخمر إنما سمعت النّاس يقولون فقال أبو عبد الله عليهالسلام يا بني إنّ الله عزوجل يقول في كتابه (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) يقول يصدق الله ويصدق للمؤمنين فإذا شهد عندك المسلمون فصدقهم الخبر(قوله) سريع التّصديق والاعتقاد إلخ قد يورد عليه بأنّ هذا المعنى لا يناسب مرتبة النّبوّة سيّما نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّ سرعة الاعتقاد بكل ما يسمع تنشأ من عدم اعتدال المزاج وهو فيه لا بدّ أن يكون معتدلا وربّما يدفع ذلك بأنّه أنّما يلزم لو كانت سرعة الاعتقاد ناشئة من عدم الفطانة وإلاّ فلو نشأت من حسن الظنّ بالنّاس وعدم اتّهامهم فهي لا تنافي اعتدال المزاج كيف لا وحسن الظنّ بهم وعدم اتهامهم في أقوالهم وأفعالهم من الصّفات الحسنة ويضعفه بأنّه أنّما يتمّ مع غلبة الصّلاح على الزمان وأهله وإلاّ فمع غلبة الفساد عليهم فلا حسن في حسن الظنّ بهم كما قال الأمير عليهالسلام فيما رواه السيّد الرضي في نهج البلاغة إذا استولى الصّلاح على الزّمان وأهله ثمّ أساء رجل الظنّ برجل لم يظهر منه خزية فقد ظلم وإذا استولى الفساد على الزّمان وأهله ثمّ أحسن رجل الظنّ برجل فقد غرر وفي معناه أخبار أخر ثمّ إنّه قد يجاب عن الآية أيضا بأنّها قد نزلت في النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي ليست بمعتبرة في موردها للإجماع على عدم اعتبار أخبار الآحاد بالنّسبة إلى النّبي صلىاللهعليهوآله فكيف تمكن تعدية الحكم منه إلينا وفيه أنّ الآية مطلقة بالنّسبة إلى الأخبار عن الأحكام والموضوعات فهي تدلّ على اعتبار أخبار الآحاد في الموضوعات بالنّسبة إلى النّبي صلىاللهعليهوآله فإذا ثبت ذلك في حقّه ثبت في حقّنا أيضا بدليل الإجماع على مشاركتنا معه فيما عدا ما اختصّ به من الأحكام بالدّليل فإذا ثبت اعتبار أخبار الآحاد في الموضوعات في حقّنا ثبت اعتبارها في الأحكام في حقنا إمّا بعدم القول بالفصل أو بالفحوى لأنّ جماعة من العلماء مع عدم قولهم بها في الموضوعات قالوا بها في الأحكام واحتمال كون اعتبار أخبار الآحاد في الموضوعات من خواصه مندفع بأنّ خواصه محصورة وليس هذا منها فتدبر(قوله) وثانيا أنّ المراد بالتّصديق إلخ حاصله أنه مع تسليم ظهور الآية في تصديق المخبر بمعنى تنزيل المخبر به منزلة الواقع لا التّصديق النّاشئ من حسن الظنّ نقول إنّ هنا صوارف عن هذا الظّهور وهي معنية لكون المراد به هو التّصديق الصّوري منها كونه أذن خير لجميع النّاس كما هو مقتضى عموم الخطاب بالتقريب الّذي ذكره لكن يرد عليه أوّلا النقض بثبوت حجيّة البيّنة إجماعا إذ لا ريب أنّ اعتبار الشّارع لها أنّما هو بملاحظة مصلحة عموم النّاس وهو انتظام أمر معاشهم مع تأتي المفسدة الّتي ذكرها في المقام فيها أيضا وتوضيحه على سبيل الحلّ أنّ مصلحة النّوع ربّما تقتضي تأسيس قاعدة وتمهيد قانون وإن استلزم إجراء هذه القاعدة بعض المفاسد الشّخصيّة في بعض الموارد إلاّ أنّه لا يعارض المصلحة العامّة بل هو ليس بمفسدة بعد مزاحمته بما هو أقوى منه ومن هذا القبيل اعتبار البيّنة شرعا ومن هنا يظهر عدم تماميّة الاستشهاد المذكور إذ الظّاهر من قوله تعالى (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) إرادة كونه خيرا بالنّسبة إلى عموم المكلّفين لا بالنّسبة إلى خصوص أشخاصهم وقد عرفت أنّ المفسدة الشّخصيّة لا تعارض المصلحة النوعيّة ومن هنا يظهر سقوط التأييد بما نقله من تفسير العياشي وثانيا أنّ المفسدة الّتي ذكرها على تقدير كون المراد بالتّصديق هو التّصديق الحقيقي واردة على تقدير إرادة التّصديق الصّوري أيضا لأنّه إذا أخبر