من القيام بما هو الحقّ ولا مساس له بمرحلة اعتبار أخبار الآحاد في إثبات الأحكام الظاهريّة وعلى الثّاني أولا أنّ الشّهادة في العرف العام منصرفة إلى نوع خاصّ من الإخبار وهو الإخبار عن الموضوعات فلا تشمل الأحكام وثانيا أنّ ظاهر الآية وجوب القيام بما هو الحقّ ولم يعلم كون ما يرويه الرّاوي قسطا وحقّا لاعتماد تعمّده للكذب أو خطائه في إخباره فلا تشمله الآية إلاّ بعد العلم بصدقه وعدم خطائه فلا تدلّ على اعتبار خبر الواحد تعبدا مطلقا ولو مع احتمال تعمده للكذب أو خطائه ونسيانه وثالثا منع كون وجوب التحمل مستلزما لوجوب القبول كما يظهر ممّا تقدّم في آيتي النّفر والسّؤال ومنها قوله سبحانه (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وكذا قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) واستدل بهما العلاّمة أيضا في النّهاية وتقريب الاستدلال بالأولى منهما أنّ الله تعالى قد أوجب فيها على نبيّه صلىاللهعليهوآله بيان ما نزل إليهم وهو يشمل بيان جميع ما نزل لجميع من كان موجودا في زمانه ومن يأتي بعده عملا بعموم الموصولة والنّاس والبيان يصدق على ما كان بلا واسطة وما كان معها فتدل الآية على وجوب البيان على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جميع الأحكام للغائبين عن حضرة الرّسالة وبيانه لهم إمّا ببيانه لجماعة يحصل التّواتر بأخبارهم لمن بعدهم وإمّا ببيانه لجماعة لا يحصل التواتر بأخبارهم والأوّل يستلزم أحد محذورات وهو إما تقصير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في تبليغ الأحكام على الوجه الواجب عليه أعاذنا الله من القول به وإمّا تقصير السّامعين بأن كان النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أدّى ما وجب عليه إلاّ أنّ السّامعين قد قصروا في النقل والتبليغ وإما كون الأخبار المدونة الموجودة في الكتب المعتبرة كذبا بأن لم يقصر النّبي صلىاللهعليهوآله ولا السّامعون في التّبليغ إلاّ أنّ عدم تواتر ما بلغه النّبي صلىاللهعليهوآله لأجل كذب الوسائط ووجه لزوم أحد هذه المذكورات عدم تواتر أكثر الأخبار المتكفلة لبيان الأحكام الشرعيّة والأوّل باطل بالضّرورة والثّاني مستلزم لتهمة السّلف بل وكذلك الثّالث مضافا فيه إلى بعده جدّا كيف لا وقد ادّعى بعضهم العلم بصدور هذه الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام والثّاني هو المطلوب هذا ويرد عليه أوّلا أنّه أنّما يتم لو قلنا بعموم الخطاب للمعدومين وهو خلاف التّحقيق لأنّ المراد بقوله ما نزل إليهم هو خطابات القرآن أو هي مع غيرها ممّا أوحى الله تعالى إلى نبيّه والمراد ببيان ما نزل إليهم بيانه لمن خوطب بهذه الخطابات وليس هو إلاّ من كان حاضرا في مجلس الخطاب أو كان موجودا في عصر النّبي صلىاللهعليهوآله على الخلاف فلا يثبت وجوب البيان عليه لجميع النّاس حتى المعدومين وإن اشتركوا مع الحاضرين في أصل الأحكام الشّرعيّة بدليل آخر من إجماع أو غيره على الاشتراك في التّكليف وثانيا منع بطلان اتهام السّلف بأن أدّى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما وجب عليه بيانه لجماعة يحصل بهم التّواتر إلاّ أنّ بعضهم قصّر في التّبليغ بحيث لا يحصل التّواتر بالباقي منهم ولا يلزم منه اتهام الجميع حتّى يدّعي ضرورة على بطلانه مضافا إلى إمكان نسيان بعضهم وثالثا منع صدق بيان النّبي صلىاللهعليهوآله على نقل الوسائط وممّا ذكرناه يظهر الكلام في الآية الثّانية أيضا تقريبا وتزييفا بل هي أوهن من الأولى كما لا يخفى ومنها قوله عزوجل في سورة البقرة (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) الآية ووسط كلّ شيء لغة عدله وخياره وتقريب الدّلالة أنّ الله تعالى قد أخبر عن جعل أمّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم عدولا وإخبارا وعلّله بأن يكونوا شهداء على النّاس ولا ريب أنّ الأخبار عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام شهادة فيثبت اعتباره بحكم الآية وإذا ثبت اعتباره ثبت وجوب قبوله وإلاّ صار وجوده كعدمه ويضعفه أنّ الاستدلال به إن كان بظاهره مع قطع النّظر عن الأخبار الواردة فيه يرد عليه أولا أن مقتضاه كون أمّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم عدولا مختارين وهو خلاف المشاهد في الخارج لفسق أكثرهم فلا بدّ من حمله على خلاف ظاهره بأن يراد به الشهادة في الآخرة كما ورد في بعض الأخبار ولا يضرّ فسقهم في هذه الدّنيا لأنّ المدار في عدالة الشّاهد على حال الأداء دون التّحمل وثانيا أنّه إن أريد بشهادة الأمّة إخبار جميعهم كما هو ظاهر من استدل به على حجيّة الإجماع ففيه أنّه غير مجدّ في المقام إذ لا ريب في حصول العلم بأخبار الجميع فلا تثبت به حجيّة أخبار الآحاد وإن أريد بها أخبار بعضهم ففيه أنّ الظّاهر من الأمّة وضمير الجمع في قوله جعلناكم هو المجموع أو كلّ واحد ومع الخروج من ظاهره يحتمل أن يكون المراد بالأمّة جماعة معينة يحصل العلم بأخبارهم كالأئمّة المعصومين عليهمالسلام ولا معيّن لإرادة مطلق البعض مع أنّ الظّاهر من الشّهادة في العرف العام كما قدّمناه سابقا هو الإخبار عن الموضوعات الصّرفة فلا يشمل والإخبار عن الأحكام الكليّة وإن كان الاستدلال بملاحظة ما ورد من الأخبار في تفسيره يرد عليه أنّ الأمّة مفسرة يرد عليه أنّ الأمّة مفسرة فيها بأئمّتنا المعصومين عليهمالسلام فلا مساس له بما نحن فيه أصلا(قوله) وإنّما تدلّ بعد تقييد المطلق إلخ لا يخفى أنّ التعارض بين منطوق آية النّبإ وظاهر قوله تعالى (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) الآية على وجه التّباين الكلّي لصراحته في دخول المؤذي للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المؤمنين ولا ريب أنّ المطلق والمقيد إذا كان المطلق صريحا في مادة الاجتماع أجري عليهما حكم التباين الكلّي لا العموم والخصوص مطلقا(قوله) بل يمكن انصراف إلخ لا وجه لدعوى هذا الانصراف لعدم ذكر لفظ العدل في اللّفظ حتّى يدعى انصرافه إلى ما ذكره وإنّما ثبت حكم عدم وجوب التبين عن خبره من انتفاء وجوبه عن غير محلّ الوصف أعني الفاسق قضيّة للمفهوم شرطا أو وصفا(قوله) وإن لم يكن انصرافا إلخ لا يخفى أنّ التشكيك كما ذكره بعض المحققين إما بدوي أو مضر إجمالي أو مبيّن العدم وعدم كون ما نحن فيه من قبيل الثّالث لا يوجب الحاجة إلى فرض التعارض إذ لو كان من قبيل الثّاني لم يحتج إلى فرض التّعارض أيضا لعدم التعارض بين الظّاهر والمجمل (قوله) حتّى لا تعارض إلخ فلا يحتاج إلى التقييد بمنطوق الآية وفيه نظر لأنّه مع تسليم الانصراف المذكور يكون مقتضى مفهوم آية النبإ اعتبار