فاسد كما بيّناه في مبحث الأمر ولا يخفى أنّ المحقق المذكور لم يذكر في مباحث الأوامر ولا في غيرها ما يبيّن فساد ذلك فتدبّر(قوله) أحدهما وقوعه غاية للواجب إلخ هو الإنذار توضيحه أنّ كلمة لو لا في الآية إمّا للتّنديم أو التّخصيص وكلاهما يفيدان الوجوب والأوّل ظاهر وأمّا الثّاني فإنّه الطّلب على وجه الإلزام والتفقه في الدّين غاية للنفر والإنذار إمّا غاية له أيضا أو لغايته كما يقال ادخل السّوق فاشتر الخبر لتأكل ولتشبع لأنّ الأكل غاية للشّراء والشّبع إما غاية له أيضا وعليه يكون عطف الإنذار على التفقه لأجل ترتّبه على النفر بواسطته أو للأكل ووجوب النفر يستلزم وجوب التفقه والإنذار لكونه مقدّمة لهما وإذا وجب الإنذار يجب الحذر لكونه مقدّمة له ومعنى وجوب الحذر على ما تقدّم سابقا هو وجوب العمل بمقتضى ما تضمنه الخبر المنذر به وهو المطلوب (قوله) ما كان المؤمنون إلخ أي ليس لهم النفر كافّة(قوله) من أنّ المراد يعني بالتفقه (قوله) من قبيل الفائدة لا الغاية إلخ الفائدة ما ترتب على الشّيء من دون أن يكون داعيا وباعثا للفاعل إليه ولذا تستعمل في غير الأفعال أيضا والغاية هو الغرض الدّاعي إليه فتختصّ بالأفعال (قوله) أولا إنّه ليس في صدر الآية إلخ لاحتمال كون المراد به بيان كون التفقه وتحصيل الأحكام الشرعيّة واجبا كفائيّا لا عينيّا ويمكن أن يجاب أيضا بأنّ اللاّم في قوله تعالى (لِيَتَفَقَّهُوا) و (لِيُنْذِرُوا) على ما ذكر في السّؤال تكون للعاقبة والصّيرورة دون الغرض على ما نصّ عليه أبو البقاء في قوله تعالى (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) وهو معنى مجازي لا يصار إليه بلا قرينة(قوله) وثانيا لو سلم إلخ فإن قلت أيّ فرق بين هذا الجواب والجواب الثّالث قلت توضيحه يحتاج إلى بيان المعاني المحتملة في الآية على ما يستفاد من كلام المصنف رحمهالله وهي وجوه أحدها ما أشار إليه في السّؤال من أن تكون الآية واردة في الحث والترغيب إلى النّفر إلى الجهاد خاصّة وكان التفقه والإنذار من الفوائد المرتبة عليه لا من غاياته وكان المراد بالتفقه فهم النّافرين لحقيّة الإسلام لأجل مشاهدة آيات الله تعالى في الحروب من نضرة المسلمين وغلبتهم على عدوّهم مع قلّة عددهم وكونهم بلا زاد وسلاح وكثرة عدوّهم وقوتهم وسائر ما يشاهدونه في أثناء الطّريق من المعجزات الظاهرة والدّلائل الواضحة فالمقصود هو الأمر بالنّفر إلى الجهاد ليفهم النّافرون حقية الإسلام بمشاهدة هذه الآيات لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم بالأخبار عمّا شاهدوه من الآيات والمعجزات لعل المتخلّفون يحذرون باستماع هذه الآيات وتذكرها وعليه فالضّمائر في قوله (لِيَتَفَقَّهُوا) و (لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) ورجعوا عائدة إلى النافرين وفي قوله إليهم ولعلّهم إلى القوم المتخلفين في المدينة وثانيها ما أشار إليه في الجواب الأوّل من كون المراد هو النّفر لتعلم المسائل الشّرعيّة وعليه فالضّمائر كسابقه وثالثها ما أشار إليه في الجواب الثّاني من كون المراد هو النّفر إلى الجهاد وكان التفقه والإنذار غاية لإيجاب نفر طائفة من كل قوم وعليه فالضّمائر كسابقيه ورابعها ما أشار إليه في الجواب الثّالث من كون المراد هو النفر إلى الجهاد أيضا وكان التّفقه والإنذار غاية كسابقه إلاّ أنّ المراد هنا تفقّه المتخلفين وإنذارهم النّافرين بعد رجوعهم إليهم بخلاف سابقه فإنّ المراد فيه تفقه النافرين كما لا يخفى وعلى هذا المعنى فالضّمائر في قوله ليتفقّهوا ولينذروا قومهم وإليهم عائدة إلى المتخلفين وفي رجعوا ولعلّهم إلى النّافرين ويؤيّده ما عن بعض المفسّرين حيث ذكر أنّه لما نزل في المتخلفين عن الجهاد فكاهلا ما نزل كانوا إذا بعث النّبي صلىاللهعليهوآله سرية إلى الكفّار ينفرون جميعا ويتركونه منفردا فنزلت الآية دلالة على الأمر بأن تبقى جماعة عند النّبي صلىاللهعليهوآله ليتفقهوا في الدّين ويتعلّموا مسائل الحلال والحرام فينذروا الطّائفة الذين برزوا إلى الجهاد عند رجوعهم إلى الفرقة المتخلفة عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم ويعلّموهم ما تعلموا من نبيّهم من مسائل الدّين والآية على ما عاد الأول من المعاني المذكورة تدل على حجّية خبر الواحد وهو واضح هذا بناء على الاستدلال على وجوب الحذر بالوجه الثّاني من الوجهين الذين أشار إليهما المصنف رحمهالله كما هو محلّ الكلام وإلا فعلى الوجه الأوّل منهما فهي تدل على حجيّة خبر الواحد على جميع المعاني المذكورة(قوله) أن يكون النفر إلخ النفر بالسّكون جمع نافر قاله في القاموس (قوله) وإن لزم مخالفة الظاهر إلخ بناء على ظهور صدر الآية في النّفر إلى الجهاد فعلى الجواب الأوّل يلزم مخالفة الظّاهر في السّياق وعلى الثّالث مخالفة ظاهر بعض الألفاظ وهي لزوم التفكيك في الضّمائر بخلاف المعنى المذكور في السّؤال لعدم لزوم شيء منهما عليه (قوله) فهو أعرابي إلخ قال الطّريحي في بيان الحديث بفتح الهمزة نسبة إلى الأعراب وهم سكان البادية خاصة ويقال لسكان الأمصار عرب وليس الأعراب جمعا للعرب بل هو ممّا لا واحد له نصّ عليه الجوهري (قوله) قال لا يسعه إلخ يحتمل أن يكون المعنى قال ليس كذلك بل يسعه ذلك إلى أداء حقّ النفر ويحتمل أن يكون المعنى لا يسعه إهمال معرفة الإمام عليهالسلام بل يجب النفر وتحصيل المعرفة بذلك (قوله) إذا بلغهم إلخ أي موت الإمام وقوله إنّ الله عزوجل إلى آخره في موضع التّعليل (قوله) الحديث منقول بالمعنى إلخ عن العلل عن الصّادق عليهالسلام أنّه قيل له عليهالسلام إنّ قوما يروون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال اختلاف أمّتي رحمة فقال صدقوا فقيل إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب قال ليس حيث تذهب وذهبوا إنّما أراد قول الله عزوجل (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ) الآية فأمروا أن يتفرّقوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ويختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم إنّما أراد اختلافهم من البلدان لا الاختلاف في دين الله إنّما الدّين واحد(قوله) الأوّل أنّه لا يستفاد (١٣) حاصله منع انسياق الآية لبيان وجوب الحذر مطلقا لأنّ المنساق منها مطلوبية وجوبه عقيب الإنذار في الجملة ساكتة عن بيان كون وجوبه مطلقا أو مقيّدا بحصول العلم فلا تدّل على مطلوبيّته مطلقا كما هو المدعي ولكنّك خبير بأن هذه الدّعوى بعيدة عن الإنصاف إذ لا أعلم وجه فرق بين هذه الآية وسائر المطلقات التي تداول التّمسّك