ممدوح لأن هذا واسطة بين الموثّق والحسن فتدبّر(قوله) ولفظ الجهالة إلخ لأنّها مقابلة للعلم (قوله) فرقة منهم إلخ قال أبو البقاء النّحوي في تفسير التبيان يجوز أن يكون منهم صفة لفرقة وأن يكون حالا من طائفة انتهى (قوله) دلت على وجوب الحذر إلخ توضيحه أنّ المراد بالنّفر هو النّفر إلى طلب العلم وتعلّم الأحكام الشّرعيّة كما نصّ عليه بعض المفسّرين لا إلى الجهاد كما سيشير إليه وعن ابن عبّاس الطائفة من الواحد فما فوقه وفي الغريبين طائفة منهم جماعة ويجوز أن يقال للواحد الطّائفة والطّائفة من الشيء القطعة منه انتهى وتقريب الاستدلال أنّ الآية تدلّ على وجوب الحذر عند إنذار طائفة من المنذرين من دون اعتبار إفادة خبرهم العلم بالمنذر به بتواتر أو بوجود قرينة والغرض من وجوب الحذر وجوب العمل بالمنذر به أعني ما أخبر به المنذر فيثبت وجوب العمل بخبر الواحد وأمّا وجوب الحذر فللوجهين اللذين أشار إليهما المصنف ره (قوله) أحدهما أن لفظ لعلّ إلخ لا يخفى أنّ استفادة الوجوب من لفظ لعل تقرّر بوجوه أحدها ما نقله المصنف رحمهالله عن صاحب المعالم قال فيها فإن قلت من أين علم وجوب الحذر وليس في الآية ما يدلّ عليه فإنّ امتناع حمل كلمة لعلّ على معناها الحقيقي باعتبار استحالته على الله تعالى يوجب المصير إلى أقرب المجازات إليه وهو مطلق الطّلب لا الإيجاب قلت قد بيّنا فيما سبق أنّه لا معنى لجواز الحذر أو ندبه لأنّه إن حصل المقتضي له وجب وإلاّ لم يحسن فطلبه دليل على حسنه ولا حسن إلاّ عند وجود المقتضي وحيث يوجد يجب فالطلب له لا يقع إلاّ على وجه الإيجاب انتهى واعترضه سلطان العلماء بأن هذا ممنوع إن أراد بحصول المقتضي حصوله جزما أو ظنّا إذ ربّما كان الاحتراز حسنا بمجرّد احتمال المقتضي فيمكن طلبه ندبا كترك الوضوء بالماء المشمّس ندبا باحتمال حصول البرص وإن أراد حصول المقتضي ولو احتمالا فلا نسلم أنّه لو حصل لوجب انتهى وفيه نظر لأنّ دفع الضّرر الدّنيوي المحتمل وإن سلمنا عدم وجوبه إلاّ أنّه لا إشكال في وجوب دفع الضّرر الأخروي المحتمل فلا وجه للحكم بالندب مع احتماله كما اعترف به في مبحث الأوامر عند الاستدلال بقوله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) على دلالة صيغة الأمر على الوجوب ولا ريب أنّ المقصود من الحذر هنا هو الاحتراز عن احتمال العقاب المرتب على مخالفة الخبر المنذر به وأمّا ما ورد في الخبر من أن من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرّقه الله تعالى بمنشار من النّار فهو محمول على التّأكيد والمبالغة واستحباب التّفريق لا أنّه تعالى يفعل ذلك مع أنّه لا معنى لاستحباب الحذر عن مخالفة خبر دال على الوجوب أو التّحريم لأن الكلام في المقام في إثبات حجيّة خبر دال على أحدهما لا في حجيّة خبر دال على استحباب فعل أو كراهته أو إباحته لكفاية الخبر الضّعيف في إثبات الأولين للتّسامح وأصالة البراءة في الثالثة فالمقصود من الاستدلال بالآية إثبات حجيّة خبر دالّ على الوجوب أو التّحريم ولا معنى لاستحباب الحذر عن مخالفة مثل هذا الخبر مع بقاء الوجوب أو التّحريم على حقيقتهما وثانيها ما ذكره المصنف رحمهالله أيضا تبعا لصاحب الفصول من دعوى الإجماع المركب وحاصله أنّ القول هنا منحصر في الحرمة والوجوب فإذا ثبت الجواز فلا بد أن يكون في ضمن الوجوب لأن تحقّقه في ضمن الاستحباب خرق للإجماع المركّب وثالثها ما ذكره بعض مشايخنا من أنّه لا ريب أن كلمة لعلّ ليست على حقيقتها لامتناع نسبة التّرجي إليه سبحانه مثل امتناع نسبة المكر والحيلة والخدعة إليه تعالى حقيقة لأنّ نسبة هذه المذكورات إليه تعالى من قبيل نسبة المبادي وإرادة غاياتها على سبيل الاستعارة التمثيليّة إذ الظّاهر من حال المترجي إرادة وقوع الفعل المترجّي بحيث لا يرضى بتركه وينتظر وقوعه وحينئذ نقول إنّ الله تعالى شبه الهيئة الحاصلة من جانبه تعالى من طلب الحذر وإرادته بالهيئة الحاصلة للمترجي من توقع وقوع الفعل المترجى وعدم الرّضا بتركه بجامع الطّلب وعدم الرّضا بالتّرك فاستعمل الجملة المشتملة على كلمة الترجي في إنشاء طلب الحذر على وجه الإيجاب مثل قولهم يقدم رجلا ويؤخّر أخرى وهذا ألطف الوجوه وأدقها ويحتمل أن يكون التعبير بلفظ التّرجي حكاية لحال المنذرين لكونهم مترجين للحذر بإنذارهم ورابعها ما يظهر من المحقّق القمي رحمهالله ومحصّله أنّ كلمة لعلّ للترجي وهو ممتنع على الله تعالى فلا بدّ من إخراجها من ظاهرها وأقرب مجازاتها الطلب ولا معنى لاستحباب الحذر هنا بأن يستحب الحذر عمّا أنذر بخبر الواحد بمعنى العمل بمدلوله مطلقا سواء كان مدلوله ندبا أم واجبا إذ القول باستحباب العمل بخبر الواحد المفيد للوجوب مع بقاء الوجوب على معناه الحقيقي ممّا لا يتصور له معنى محصّل فإنّ استحباب الواجب لا يتصوّر إلا في أفضل فردي الواجب التخييري والمفروض أنّه لا يتصوّر له فرد آخر سوى العمل بمقتضى الأصل فإنّ الكلام في العمل بخبر الواحد من حيث هو لا إذا كان معارضا بظاهر الآية والإجماع وغيرهما والتخيير بين العمل بالأصل والعمل بخبر الواحد لا معنى له لأنّه إمّا أن يعتبر مفهوم الأصل وخبر الواحد المقابل له كليّين بأن تجعل المسألة أصوليّة ويقال إنّ المكلف مختار بين أن يعمل على مقتضى الأصل بأن يقول لا حكم في المسألة بالخصوص من الشارع لأنّ الأصل عدم الحكم الشّرعي وبين أن يعمل بمقتضى خبر الواحد بأن يقول ورد في المسألة حكم من الشّارع فيرجع هذا إلى التّخيير في الإذعان بثبوت الحكم وعدم ثبوته ولكن يستحب الإذعان بثبوت الحكم وإمّا أن يعتبر الأصل الخاص في مقابل الخبر الخاصّ بأن تجعل المسألة فقهيّة ويقال إنّ الأصل براءة الذمّة عن مقتضى الوجوب الّذي هو مدلول الخبر الخاص مثلا وإنّ المكلف مخيّر بين أن يعلم ذمّته بريئة من هذا التّكليف وبين أن يعلم ذمّته مشغولة بمقتضى مدلول الخبر وعلى الفرضين لا يصحّ فرض جواز اعتقاد الوجوب الّذي هو مدلول الخبر فيتعيّن أن يكون المراد هو وجوب الحذر الّذي بمعنى وجوب العمل بالمنذر به الّذي هو مدلول الخبر وخامسها ما حكاه المحقّق المذكور عن المشهور من أن كلمة لعلّ للتّرجي وهو ممتنع على الله تعالى فلا بد من إخراجها من ظاهرها وأقرب مجازاتها الطّلب الّذي هو في معنى الأمر الظاهر في الوجوب ثمّ قال وهو