وجوب تصديق المفيد فيما أخبر عنه الشيخ فلا دليل عليه إلاّ أن يثبت شمول النبإ في الآية للإخبار بواسطة والفرض خلافه فليس في تضعيف الإيراد إلاّ إعادة للدّعوى (قوله) ولكن يشكل الأمر بأن ما يحكيه الشيخ إلخ توضيح الإشكال أنّ الخطابات الشّرعيّة أنّما تثبت الحكم للأفراد الواقعيّة لا للفرد المتولد من ثبوت الحكم لبعض الأفراد الواقعيّة وذلك لأنّه إذا ثبت حكم على عام فإن كانت أفراد هذا العام أفرادا واقعيّة فلا إشكال في شمول حكم العام لجميع هذه الأفراد وإن كانت مترتبة في الوجود بأن يتولد من تعلق الحكم ببعض الأفراد الواقعيّة فرد آخر لهذا العام فلا يمكن تعلّق الحكم بهذا الفرد المتولّد أيضا إذ الحكم مسبوق بوجود موضوعه والفرض تأخر وجود هذا الفرد عن تعلق الحكم ببعض الأفراد الواقعيّة فلا يعقل تعلقه بالفرد المذكور أيضا وإلا لزم تقدّم الحكم على موضوعه وهو بديهي الفساد والفرض عدم إنشاء آخر ليثبت تعلق الحكم بهذا الفرد أيضا بهذا الإنشاء وما نحن فيه من هذا القبيل لأنّه إذا كان مفهوم الآية إن جاءكم عادل بنبإ فصدقوه فالفرد الواقعي المحقق لهذا الحكم هو قول الشّيخ حدّثني المفيد وإذا شمل الحكم لهذا الفرد ووجب تصديقه في خبره يتولد منه فرد آخر لهذا الحكم العام وهو أنّ الصّدوق قد أخبر المفيد بقوله حدّثني أبي ولا يشمله الحكم المذكور بالتقريب الّذي عرفته وإن شئت زيادة توضيح لذلك قلت إنّ الأحكام الظّاهريّة تنزيلات للموضوعات المحتملة بمنزلة الواقعيّة المتحققة والغرض من هذا التّنزيل ترتيب الآثار الشّرعيّة المرتّبة على الموضوعات الواقعيّة عليها فإذا قال صدق العادل فيما أخبر به كما هو مقتضى مفهوم الآية فمعناه وجوب فرض المخبر به واقعا في ترتيب آثار الواقع عليه فإذا أخبر عادل بموت زيد يجب تصديقه بفرض موت زيد معلوما بالوجدان وترتيب آثار الموت عليه من جواز تزويج زوجته وعدم وجوب نفقتها عليه ونحو ذلك ولا ريب أنّ وجوب تنزيل ما أخبر به العادل بمنزلة الواقع فرع وجود خبر هنا سابق على هذا التّنزيل فإذا فرض وجود خبر عدل بحيث يلزم من تنزيل ما أخبر به بمنزلة الواقع تولد خبر آخر فقوله صدق العادل لا يشمل هذا الخبر المتولّد من التّنزيل المذكور لفرض تأخر وجوده عن شموله للخبر الأوّل الّذي تولّد منه هذا الخبر فلو شمله لزم تأخّر الموضوع عن الحكم وقد عرفت بطلانه فقد ظهر ممّا ذكر عدم تعقل شمول الآية للوسائط بين الإمام عليهالسلام والخبر المتّصل بنا كخبر الشّيخ فيما نحن فيه نعم تشمل الخبر المتّصل خاصّة ولا يرد عليه الإشكال المذكور لكون خبر الشيخ المتّصل بنا معلوما بالوجدان سابقا على الحكم بوجوب تصديقه ومقتضى شمول الآية له تنزيل ما أخبر به الشيخ بمنزلة الواقع في ترتيب آثار الواقع عليه فكما يجب تصديقه ويحرم تكذيبه فيما علمنا بصدقه بأن علمنا بأخبار المفيد له بقوله حدّثني الصّدوق كذلك فيما لم نعلم بذلك لكن أخبرنا الشيخ به وبهذا التّقرير يندفع ما يقال من عدم شمول الآية لخبر الشيخ أيضا بتوهم أنّ الشّارع إذا قال صدق العادل فيما أخبر به كما هو مقتضى المفهوم فمقتضاه كما قدّمناه تنزيل ما أخبر به منزلة الواقع في ترتيب آثار الواقع عليه ولا ريب أنّ هذا التّنزيل أنما يتأتى فيما كان للخبر به أثر شرعيّ ولا أثر لخبر الشيخ فبلغو وجوب تصديقه بمعنى وجوب تنزيله منزلة الواقع فلا تشمله الآية ووجه الاندفاع أنّ أثر تنزيل خبر الشيخ بمنزلة الواقع وفرضه معلوما هو وجوب تصديقه وحرمة تكذيبه كما لو علمنا بصدقه وهذا كاف في شمول الآية له غاية الأمر أن مقتضى وجوب تصديقه وحرمة تكذيبه وجوب ترتيب الآثار الواقعيّة للمخبر به إن كان له أثر واقعي آخر لا أنّه لو لا ذلك لم تشمل الآية له أصلا وبالجملة أنّ الإشكال المذكور مختصّ بالأخبار المتوسّطة بين الإمام عليهالسلام وخبر الشّيخ وهذا سار إلى مواضع أخر أيضا مثل مسألتي الإقرار بالإقرار والشّهادة بالشّهادة من المسائل الفرعيّة وتقرب منهما مسألتا المزيل والمزال والظن المانع والممنوع منه من المسائل الأصوليّة أمّا الأوّل فلكون وجود الإقرار الأوّل مرتبا على شمول قوله عليهالسلام إقرار العقلاء على أنفسهم جائز للإقرار الثّاني وكذا في الثّاني وأمّا الثّالث فإنّه إذا لاقى ثوب مستصحب النجاسة ثوبا مستصحب الطّهارة مع الرّطوبة فكل منهما يندرج تحت قوله عليهالسلام لا تنقض اليقين بالشّكّ إلاّ أن تعلّق الحكم بعدم جواز نقض اليقين بالشّكّ بالثّوب المتيقّن النّجاسة سابقا يجعل الشّكّ في الثّوب المعلوم الطّهارة كذلك بمنزلة العلم بنجاسته ويخرجه من تحت عموم عدم جواز نقض اليقين بالشّك لارتفاع اليقين بالطّهارة السّابقة بصيرورة الشّكّ فيها بمنزلة العلم بالنجاسة ولا فرق بينه وبين ما نحن فيه إلاّ من حيث أنّ المقصود فيما نحن فيه إثبات وجوب التّصديق للخبر المجعول المتولّد وهنا نفي اليقين السّابق بالشّكّ المنزل منزلة اليقين وهذا ممّا لا تتفاوت الحال به ولا ترتفع به حيرة الإشكال ونحوه الكلام في الرّابع (قوله) يحكم وجوب التّصديق إلخ يعني تصديق خبر الشّيخ (قوله) ولكن يضعف هذا الإشكال أوّلا إلخ يضعفه أيضا أنّ الإشكال بلزوم تقدم الحكم على وجود موضوعه كما تقدّم عند تقرير الإشكال أنّما يتم لو كان المقصود من دعوى شمول وجوب التّصديق لخبر المفيد بواسطة وجوب تصديق الشيخ إسراء الحكم الجزئي أعني وجوب التّصديق المتعلق بخبر الشّيخ إلى خبر المفيد بأن يقال إنّه بعد ما ثبت خبر المفيد بوجوب تصديق الشّيخ لو سرى هذا الوجوب إلى خبر المفيد لزم المحذور المذكور وأمّا لو قيل إنّ المستفاد من الآية حكم كلّي وهو وجوب التّصديق وقد تعلّق بموضوع كلّي وهو خبر العادل ولهذا الموضوع وجودات واقعيّة وهي الأخبار الّتي ثبتت بلا واسطة ووجودات تنزيلية وهي الأخبار الّتي تولدت من وجوب تصديق الإخبار بلا واسطة وحيثما وجد الفرد الواقعي أو التّنزيلي تعلق الحكم الكلّي به غاية الأمر تعلق الحكم الكلّي بالفرد الواقعي أولا وبالفرد التّنزيلي ثانيا لأجل كون الثّاني متولّدا من التّعلق بالأوّل ومجرد الترتّب في التّعلق لأجل ما عرفت لا يستلزم المحال نظير الأفراد الواقعيّة المتدرجة في الوجود الواقعي غاية الأمر أن يكون الشّارع