الظنّي لفرض قطعيّة اعتبارها وفيه أوّلا أنّ ظاهر العمومات حرمة العمل بما عدا العلم الوجداني ولا ريب أنّ القطع باعتبار خبر العدل على تقدير تسليمه لا يوجب خروجه من تحت العمومات بحسب الموضوع لأنّ القطع باعتباره لا يوجب كونه علميّا وغايته أن يخرج من تحت العمومات حكما لا موضوعا وثانيا أنّ دعوى القطع باعتبار خبر العدل فاسدة لأنّ ذلك بعد الفراغ عن تمامية دلالة الآية في مقابل العمومات بمنع تعارضهما أو علاجه ولم يتحقق لنا الفراغ عن ذلك بعد(قوله) ويندفع بأنّ خروج ما خرج إلخ من صورة عدم التّمكن والبينة والفتوى ونحوها وتوضيح المقام أنّ التّعارض بين دليلين أنّما يلاحظ بعد ملاحظة لواحق الكلام وبعد لحوق اللّواحق من تخصيص أو تقييد فما كان اللّفظ ظاهرا فيه تلاحظ النّسبة بينه وبين غيره وهذا بالنّسبة إلى المخصّصات المتّصلة وأمّا المنفصلة في كلام الشّارع فإنّما تلاحظ النّسبة بين كلّ واحد منها وبين العام حين ملاحظتها بينه وبين الخاص الآخر من دون ملاحظة تأخّر وتقدّم لأحدها فإذا ورد عام وخاصّان مثل أكرم العلماء ولا تكرم النّحويين ولا تكرم الأصوليّين فلا يخصّص العلماء أولا بالنحوي لترجع النّسبة بين الباقي تحت العام وبين الأصوليين إلى العموم من وجه بل يخصّص العام بكلّ منهما في أن واحد إن كانت النّسبة بينه وبينهما عموما وخصوصا مطلقا كما في المثال لأنّ الخاصين وإن صدرا عن إمامين أو عن إمام في زمانين إلاّ أنّ الأئمّة عليهمالسلام كلّهم بمنزلة متكلّم واحد وتكلمهم في الأزمنة المختلفة بمنزلة تكلمهم في زمان واحد لكونهم مخبرين عن الواقع فيجري عليهم حكم متكلم واحد في زمان واحد نعم لو كانت النّسبة بين العام واحد الخاصين عموما مطلقا والخاص الآخر عموما من وجه يخصّص العام بالأوّل أوّلا ثمّ تلاحظ النّسبة بينه بعد التّخصيص والخاص الآخر وسيأتي تحقيقه في خاتمة الكتاب بما لا مزيد عليه وإذا تحقق هذا ظهر لك أنّ اللاّزم فيما نحن فيه هو تخصيص عمومات حرمة العمل بالظنّ بكلّ من مفهوم الآية ودليل اعتبار البينة في أن واحد لكون النّسبة بينها وبينهما عموما وخصوصا مطلقا لا تخصيصها أولا بدليل اعتبار البينة ثمّ ملاحظة النّسبة بينها وبين المفهوم وبمثله يقال بالنّسبة إلى تخصيص عمومات حرمة العمل بالظنّ بزمان عدم التّمكن من العلم (قوله) ومنها أنّ مفهوم الآية لو دلّ إلخ هذا نظير ما يقال علي القائل بحجيّة ظواهر الكتاب إنّها لو كانت حجّة لزم منها عدم حجيّتها للآيات النّاهية عن العمل بالظنّ كما نبه عليه المصنف رحمهالله سابقا وعلى القائل بحجيّة الاستصحاب أنّه على تقدير حجيّته يلزم عدمها الاستصحاب عدم جعل الشّارع له حجّة والكلام في الكلّ على سياق واحد(قوله) إنّه لا يعم نفسه إلخ لقصور اللّفظ عن الشّمول لنفسه كما يظهر بملاحظة النّظائر في العرف كما لو قال المولى لعبده صدق زيدا في كل ما يخبرك فأخبره بألف خبر ثمّ أخبره عن المولى بتكذيبه في كلّ ما يخبره به عنه فلا ريب أنّ العبد يأخذ بهذا الخبر من دون التفات إلى أن لازمه عدم الأخذ به أيضا اللهمّ إلاّ أن يفهم المناط في أمر المولى بتكذيبه زيدا في سائر أخباره إلاّ أنّه لا دخل له في دلالة اللّفظ كما لا يخفى (قوله) لكن نقول إنّه وقع الإجماع إلخ إما من النافين فلفرض نفيهم حجيّة أخبار الآحاد مطلقا وإمّا من المثبتين فلفرض استلزام القول بحجيّة خبر السّيّد لعدم حجيّة أخبار الآحاد والأمر بالتّأمل يحتمل وجهين أحدهما الإشارة إلى كون دعوى هذا الإجماع من النّافين من قبيل دعوى الإجماع على الفرد لأجل كون الكلّي إجماعيّا ومن المثبتين من قبيل دعوى الإجماع على اللاّزم لأجل كون الملزوم إجماعيّا وقد تقدّم في مبحث الإجماع المنقول عدم حجيّة مثل هذا الإجماع ويمكن دفعه بإمكان دعوى القطع بدخول هذا الفرد في الكلّي وكذا كون اللازم مقصودا من الإجماع على الملزوم بخلافه في سائر الموارد الّتي من هذا القبيل وثانيهما الإشارة إلى كون دعوى هذا الإجماع من قبيل دعوى الإجماع في موضوع شخصي وهو ليس بإجماع مصطلح إذ الإجماع عندهم هو اتفاق الأمّة على حكم من الأحكام وحجيّة خصوص خبر السّيّد وعدمها ليست من الأحكام الكليّة ويمكن دفعه أيضا بأنّه وإن كان كذلك إلاّ أنّ هذا الفرد يستلزم حكما كليّا وهو عدم حجيّة أخبار الآحاد والحكم الجزئي المستلزم للحكم الكلّي في حكم الحكم الكلّي ولذا يجب التّقليد في مسألة تعيين الحائر وإن كان من الموضوعات الخارجة المشتبهة وليست هي محلا للتّقليد(قوله) لانصراف النبإ إلخ يمكن أن يقال بكون هذا الانصراف بدويا لا مضرا إجماليّا أو مبيّن العدم (قوله) وضعف هذا الإيراد بظاهره إلخ توضيحه أن المورد كأنّه توهم أنّ المقصود من الاستدلال بالآية إثبات خبر الصّفار عن الإمام عليهالسلام بواسطة إخبار الشّيخ مثلا لنا بخبره مع ما بينهما من الوسائط وليس كذلك إذ المقصود إثبات خبر المخبر في كلّ طبقة من طبقات سند الرّواية بالنّسبة إلى من يحكي له المخبر الخبر بلا واسطة مبتدئا من الطبقة المتّصلة بنا متدرجة إلى ما فوقها إلى أن تنتهي إلى الإمام عليهالسلام مثلا إذا قال الشّيخ حدّثني المفيد قال حدّثني الصّدوق قال حدّثني أبي قال حدّثني الصّفار قال كتبت إلى العسكري عليهالسلام فهنا أخبار متعدّدة بتعدد الوسائط فخبر الشيخ حدثني المفيد وهذا خبر عدل بلا واسطة يجب تصديقه إلى آخر ما ذكره المصنف رحمهالله وفيه نظر ووجهه لا يخلو عن دقة وذلك لأنّ الشيخ إذا قال حدثني المفيد قال حدّثني الصّدوق فهنا أمور أحدها المخبر له وثانيها المخبر وهو الشيخ وثالثها المخبر عنه وهو المفيد ورابعها خبر الشيخ وهو قوله حدّثني المفيد وخامسها خبر المفيد الثّابت بتصديق خبر الشيخ وهو قوله حدّثني الصّدوق ومقتضى مفهوم الآية أن يكون خبر المفيد حجّة بالنّسبة إلى الشيخ وخبر الشيخ بالنّسبة إلينا لأن خبر المفيد خبر بلا واسطة بالنّسبة إلى الشيخ وكذا خبر الشّيخ بالنّسبة إلينا وأمّا خبر المفيد الثابت بحكم وجوب تصديق الشيخ فيما أخبر به فلا دليل على حجيّته بالنّسبة إلينا ليثبت بها خبر الصّدوق أيضا إذ الفرض انصراف النبإ في الآية إلى الإخبار بلا واسطة ومقتضى وجوب تصديق خبر الشيخ هو البناء على صدقه وإنّ المفيد أخبره بما أخبر عنه الشّيخ وأمّا