اعتبار هذا الأصل بناء العقلاء وهو غير ثابت في الثّاني ولا ريب أنّ الحال الجارية بين النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا يصلح لأن يكون قرينة صارفة عن ظاهر الخطاب فمع الشّك في كونها كذلك لا يمكن دفعها بالأصل مع أنّ القدر الثّابت من الإجماع وغيره من الأدلة على الاشتراك في التّكليف أنّما هو الاشتراك في الأحكام الواقعيّة دون الظّاهريّة والحكم المستفاد من ظاهر الآية أعني حجيّة قول العدل ظاهري معتبر في مقام الجهل بالواقع ولا دليل على الاشتراك في مثله مضافا إلى أنّ اشتراكنا مع المشافهين فيما ثبت لهم من الأحكام أنّما هو بعد إحراز اتّحادنا معهم في الصّنف وهو غير ثابت في المقام لانسداد باب العلم غالبا للموجودين في زمان نزول الآيات لأنّ الأحكام أنّما صدرت عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تدريجا وغالب المكلّفين الموجودين في ذلك الزّمان كانوا غير متمكنين في أغلب أوقاتهم من الوصول إلى خدمة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخذ الأحكام منه بخلاف زمان السّد وأمثاله لأنّ الأصول المدوّنة في عصر الأئمة عليهمالسلام كانت مجتمعة في زمانه وكان تحصيل القرائن القطعيّة متيسّرا له لقرب عهده من عهدهم كيف وقد ادعى كون أكثر الأحكام معلوما له بالضّرورة والإجماع والأخبار المتواترة والمحفوفة بالقرائن القطعية مع أنّ مجرّد احتمال الانسداد للموجودين عند نزول الآيات والانفتاح له وأمثاله كاف في منع الاشتراك لاشتراطه كما عرفت باتحاد الصّنف فما لم يثبت الاتحاد لا يمكن الحكم بالاشتراك من جهة الإجماع ونحوه والجواب إمّا عن احتمال وجود القرينة فيما تقدّم في كلام المصنف رحمهالله من الاستدلال على حجيّة الظّواهر بما لا مزيد عليه من دون فرق بين احتمال وجود القرينة وكون الموجود قرينة كيف ولو لم تكن أصالة عدم القرينة جارية في الثّاني لانسد باب الاستدلال لأنّ الحال الجارية بين الأئمّة عليهمالسلام والمخاطبين تصلح لأن تكون قرينة صارفة للظواهر وإمّا عن اختصاص دليل المشاركة بالأحكام الواقعيّة فبأن ذلك وإن كان مسلما إلا أن الاشتراك في جواز العمل بأخبار الآحاد على تقدير ثبوته في حق المشافهين إجماعي وإمّا عن اختلاف الصنف فبأنا لو سلمنا انفتاح باب العلم في زمان السّيد فلا ريب في انسداده في أمثال زماننا فلا بدّ من القول باعتبار أخبار الآحاد في أمثال هذا الزمان لقرض مشاركتنا مع المشافهين ومنها أنّ الاستدلال بمفهوم الآية لإثبات حجيّة أخبار الآحاد من باب الظّن الخاصّ كما هو ظاهر المستدلّين به ومنهم المحقّق القمي رحمهالله لا يجتمع مع القول باعتبار الظّواهر في حقّ المعدومين من باب الظن المطلق كما يراه المحقق المذكور وهذا نظير ما أورده هذا المحقّق على صاحب المعالم من عدم صحة جمعه في الاستدلال على حجيّة أخبار الآحاد بين الأدلّة الخاصّة ودليل الانسداد لأنّ مقتضى القول باعتبارها من باب الظنّ الخاصّ هو الاقتصار على الظنّ الحاصل منها ومقتضى الاستدلال بدليل الانسداد هو جواز العمل بكل ظنّ وبمثله نقول عليه أيضا لأنّ مقتضى القول باعتبار الظواهر من باب الظنّ المطلق هو جواز العمل بكلّ ظنّ فلا وجه معه للاستدلال على حجيية أخبار الآحاد من باب الظنّ الخاصّ والجواب أنّ الظّاهر أن مقصود المحقّق المذكور من الاستدلال بمفهوم الآية وأمثاله هو إيراد حجج القوم والكلام على مقتضاها وإن لم تكن تامّة على مذهبه لا إثبات حجيّة قول العدل من باب الظنّ الخاصّ (قوله) والنّسبة عموم من وجه إلخ لأنّ العمومات عامة لخبر العادل والفاسق والشّهرة ونحوها وخاصّة بالخبر الظنّي والمفهوم عام لخبر العادل مطلقا سواء أفاد الظنّ أم العلم وخاص بخبر العادل فلا يشمل خبر الفاسق وغيره فيتعارضان في مادة الاجتماع وهو خبر العادل المفيد للظنّ (قوله) والمرجع إلى أصالة عدم الحجيّة إلخ يعني في مادة التّعارض وربّما ترجّح العمومات بالكثرة وكون دلالتها بالمنطوق بخلاف الآية لأنّ دلالتها بالمفهوم (قوله) ما لا يعلم صدقه ولا كذبه إلخ لأنّ ما يفيد العلم من خبر الفاسق متبيّن بنفسه والأمر بالتّبيّن عنه أمر بتحصيل الحاصل فإذا لم يشمل المنطوق ما يفيده لا يشمله المفهوم أيضا لكونه تابعا له فإذا كان المراد بخبر الفاسق في طرف المنطوق ما لا يفيد العلم خاصّة يكون المراد بخبر العادل في طرف المفهوم أيضا كذلك ومع تسليم كون النّسبة عموما من وجه يمكن ترجيح المفهوم بإدخال مادة التّعارض وهو خبر العادل غير المفيد للعلم تحته إذ لو أدخلت تحت العمومات ما لغى المفهوم حينئذ إذ لا يبقى تحته إلاّ خبر العادل المفيد للعلم وجواز العمل به من الواضحات الّتي لا تحتاج إلى بيان فيجب إدخالها تحت المفهوم محافظة على كلام الحكيم عن اللّغوية مضافا إلى أنّ من مرجحات الدّلالة كما سيأتي في خاتمة الكتاب كون أحد العامين أقل أفرادا من الآخر لكونه أشبه بالخاص فيكون أظهر في الشّمول من الآخر وما نحن فيه من هذا القبيل لعدم شمول المفهوم لما عدا خبر العادل بخلاف العمومات لشمولها جميع الأمارات الظّنيّة(قوله) أمّا من جهة اختصاصها إلخ للإجماع حتّى من السّيّد على ما نقله عنه في المعالم على جواز العمل بالظنّ في صورة الانسداد فتعم العمومات غير خبر العدل أيضا وتخص بزمان الانفتاح ويعم المفهوم صورتي الانفتاح والانسداد ويخص بخبر العدل وكذا على الجهة الثّانية تعم العمومات خبر عدل واحد والفاسق والشّهرة والقياس ونحوها سوى البيّنة العادلة ويتخصص من حيث عدم شمولها لها ويعم المفهوم خبر العدل الواحد والبيّنة العادلة في الموضوعات لأنّها ليست إلاّ عبارة عن العدل المنضم إلى مثله ويتخصّص من حيث عدم شموله غير خبر العدل وربّما يجاب على تقريري النّسبة وكذا على التّقرير الثّالث الّذي أشرنا إليه عند شرح قوله والنّسبة عموم من وجه بأن العمومات أنّما تدل على حرمة العمل بالظنّ إذا لم يقم على اعتباره دليل إذ لا معنى للذم والمنع من العمل بما هو قطعي الاعتبار وخبر العدل قد دلت الآية بمفهومها على اعتباره فلمادة الاجتماع خروج موضوعي من تحت العمومات لأنّ العمل بها عمل بالقطعيّ دون