عن الخبر العلمي مع قطع النّظر عن العلّة أمر بتحصيل الحاصل بخلاف المثال فتدبّر ثمّ إنّه قد يمنع عموم العلّة في المقام لاحتمال كونها حكمة للحكم فلا يجب اطرادها وفيه ما لا يخفى أمّا أولا فإنّ قوله (أَنْ تُصِيبُوا) الآية قد حذف فيه المصدر المعلّل به الحكم مثل مخافة أو كراهة أو ما يؤدّي موداهما وهو كالصّريح في العلّية فلا يعدل عنه إلاّ بدليل وأمّا ثانيا فإنّ معنى عدم اطراد الحكمة هو جواز تحقّق الحكم بدونها في بعض الموارد لا تحقّقها بدونه كذلك وحيث وجدت الحكمة في خبر العادل فلا بد من ثبوت الحكم فيه أيضا(قوله) بالمخصّص المنفصل إلخ لأنّه مع اتصال الكلام لا يحصل له ظهور إلاّ بعد الانتهاء إلى آخره كما صرّح به صاحب المعالم في غير المقام وإن أورد عليه المحقّق القمي ره في محلّه بما لا يخفى فإذا اتّصلت العلّة بالجملة الشّرطيّة فلا ظهور للتّعليق بالشّرط في إرادة المفهوم ما دام المتكلّم متشاغلا بالكلام وإذا حصل الفراغ عنه فعموم العلّة يمنع ظهوره فيها بخلاف ما لو انفصلت العلّة لحصول الظّهور في إرادة المفهوم للتّعليق بالشّرط بالفراغ عن القضيّة المشروطة فإذا علل الحكم المشروط في كلام آخر بعلّة عامّة لحكم المنطوق والمفهوم يتعارض ظهور التّعليق بالشّرط في إرادة المفهوم وظهور العلّة في إرادة العموم فيخصّص به عمومها لفرض كون المفهوم أخصّ منها(قوله) متعناه في العلّة إلخ يعني أنّ جواز تخصيص العام بمفهوم المخالفة أنّما هو لرجحان الخاص بالنوع وإن كان مفهوما وأظهريته من العام كذلك وإن كان منطوقا وإلاّ فقد يقدّم العام على الخاص ويرتكب التّأويل فيه دونه لرجحان خارجي في خصوص المقامات ولذا قيل ربّ عام يقدم على الخاص وما نحن فيه من هذا القبيل لخصوصيّته في التّعليل أوجبت أظهريّة عمومه بالنّسبة إلى ما يخالفه من مفهوم الشّرط سيّما مع ملاحظة كونه مفهوما(قوله) لنكتة خاصّة إلخ كشدة ضعف عقولهنّ (قوله) فلعلّ النّكتة فيه التّنبيه إلخ قيل نزلت الآية في وليد بن عقبة (عتبة) ابن أبي معط حيث بعثه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بني المصطلق متوليا لأمر الصّدقات فلما أبصروه ركبوا إليه مستقبلين له فظنهم مقاتلين له فعاد إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبره بأنّهم قد ارتدوا وأرادوا قتله فأجمع النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على غزوهم وقتلهم فنزلت الآية(قوله) وهذا وإن كان يدفع الإيراد إلخ يعني تعارضا عموم المفهوم وعموم العلّة ووجه الدّفع أنّه إذا كان المراد بالتبيّن تحصيل الظّهور العرفي والاطمئنان كان المراد بالجهالة في العلّة مقابل ذلك وإذا فرض عدم إفادة خبر الفاسق له وإفادة خبر العادل له فلا تشمل العلّة خبر العادل لا محالة وفيه نظر لأنّه إن أراد بالفرق الّذي ذكره أنّ خبر الفاسق لما كان غير مفيد لاطمئنان غالبا وخبر العادل مفيدا له كذلك أمر الله تعالى بالتبيّن والتّثبت عن خبر الفاسق غير المفيد للاطمئنان دون خبر العادل المفيد له بأن كان المراد بخبر الفاسق في المنطوق خصوص ما لا يفيد الاطمئنان وبخبر العادل في طرف المفهوم هو خصوص ما يفيده حتّى يكون خبر العادل غير المفيد له مشاركا لخبر الفاسق في وجوب التبيّن عنه يرد عليه أنّه مخالف لظاهر الآية المفصّلة بين الفاسق والعادل لأنّ التّفصيل قاطع للشركة وإن أراد به أن خبر الفاسق لما كان غير مفيد للاطمئنان غالبا وخبر العادل مفيدا له كذلك حكم الله تعالى بعدم وجوب التبيّن عن خبر العادل مطلقا بأن كان ذلك حكمة في الحكم بعدم وجوب التبيّن عن خبر العادل لا علّة له يرد عليه منع اندفاع الإيراد المذكور حينئذ لبقاء التّعارض حينئذ بين عموم العلّة وعموم المفهوم بالنّسبة إلى الفرد النّادر نعم لو كان خبر العادل مفيدا للاطمئنان مطلقا وخبر الفاسق غير مفيد له أصلا كما هو ظاهر كلامه أخيرا اتجه ما ذكره وقد يقال في تقريب ذلك إنّ المراد بالفاسق في الآية من خرج من طاعة الله تعالى ولو بالصّغائر كما هو معناه لغة فيكون المراد بالعادل بقرينة المقابلة في طرف المفهوم من لم يخرج من طاعة الله سبحانه ولو بصغيرة أصلا ولا ريب في إفادة خبر مثله للوثوق بل وكذلك من تاب بعد الفسق بلا فصل إن قلنا بشمول العدالة في المقام له وأمّا خبر الفاسق فهو وإن فرض إفادته للاطمئنان والوثوق أحيانا إلا أنّه اطمئنان في بادئ النّظر ويزول بالالتفات إلى فسقه وعدم مبالاته المعصية وإن كان متحرزا عن الكذب كما صرّح به المصنف رحمهالله أخيرا ولكنّك خبير بأنّه على هذا الوجه يلغو قيد الغلبة في إفادة خبر العادل للاطمئنان مع أنّ دعوى إفادته للاطمئنان مطلقا لا تخلو عن تمحّل كيف وقد تعارضه أمارات ظنية غير معتبرة أو معلوم عدم اعتبارها كما في رواية أبان في قطع أصابع المرأة وكذا دعوى زوال الاطمئنان الحاصل من خبر الفاسق في بعض المقامات مطلقا بالالتفات إلى فسقه وإن كان متحرزا عن الكذب لا تخلو عن تحكّم سيّما مثل حسن بن علي بن فضال الفطحي الذي ذكروا فيه ما ذكروه (قوله) ثمّ إنّ المحكي عن بعض إلخ الظّاهر أنّه ذكره في دفع معارضة عموم المفهوم وعموم العلّة على تقدير كون المراد بالتبيّن هو التبيّن العلمي ووجه الدّفع على ما ذكره واضح لأنّ العمل بخبر الفاسق من دون تبيّن من أفعال السّفهاء عند العقلاء بخلاف العمل بخبر العادل وإن لم يفد العلم وحاصل ما أورد عليه المصنف رحمهالله إن أخذ الجهالة بمعنى السّفاهة مضافا إلى مخالفته لظاهرها ينافيه الأمر بالتبيّن عن خبر الفاسق مطلقا وإن أفاد الوثوق لعدم كون العمل بالخبر المفيد للوثوق سفها وإن كان المخبر فاسقا كما أن العمل بخبر الوليد في مورد الآية لم يكن كذلك لأن جماعة من العقلاء لا يقدمون على الأمور من دون وثوق بخبر المخبر بها ولكن الاستناد في ذلك إلى مورد الآية لا يخلو عن شيء لاحتمال كون عمل العاملين بخبر الوليد لأجل ظنّهم بعدالته قبل نزول الآية ولذا ولاّه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمر الصّدقات بل عمل بخبره حين أخبر بارتداد بني المصطلق فلذا أجمع على غزوهم وقتلهم فنزلت الآية تنبيها على فسقه في الواقع وأنّه لا ينبغي الائتمان على خبره قبل التبيّن عنه (قوله) فالأولى لمن يريد التّفصي إلخ توضيح المقام أنّ المراد من التبيّن هو تحصيل الوثوق والاطمئنان الذي يسمّى بالعلم العرفي لاستناد أهل العرف