مع ملاحظة مناسبته للعلّية كما هو ظاهر كلامه ففيه منع صلوح المناسبة الخارجة لانفهام العلّية من مجرّد تعليق الحكم على الوصف المذكور مع قطع النّظر عن دلالة التعليق بالشّرط أو الوصف كما هو مفروض كلامه وأمّا الرّابع فيظهر من المحقّق القمي رحمهالله وهو يبتني على كون المراد بالتبين أعمّ من العلمي والظنّي وزاد بعضهم في توضيحه بأنّ التبيّن أعمّ من التّفصيلي والإجمالي ودعوى اختصاصه بالأوّل ممّا لا يصغي إليه وحينئذ نقول إنّهم قد قسموا الأخبار إلى صحيح وموثّق وحسن وضعيف والأخير إلى منجبر بالشّهرة وغيره فهذه أقسام خمسة والآية الشّريفة تقتضي عدم حجيّة الضّعيف غير المنجبر يقينا لعدم تحقّق التبيّن فيه لكنّها تعطي حجيّة المنجبر منه لكون الخبر مع الشّهرة مبيّنا تفصيليّا وكذا الموثّق إذ كون الرّاوي عدلا في مذهبه وموثوقا به في أقواله وإن كان فاسقا باعتقاده تبين إجمالي عن خبره وكذلك الحسن لأن كون الرّاوي إماميّا ممدوحا وإن لم يبلغ مرتبة التّعديل مثل كونه من مشايخ الإجازة وما ذكروه في إبراهيم بن هاشم من أنّه أوّل من نشر أخبار الكوفيّين بقم مع ما هو المعروف من أهلها من قدحهم في الرّواة بأدنى صفة مرجوحة فيهم تبين إجمالي أيضا عن خبره فهذه الأقسام الثّلاثة تندرج في منطوق الآية لأجل تعميم التبيّن من التّفصيلي والإجمالي وأمّا القسم الصّحيح فيمكن إثبات حجيّته أيضا إمّا بالأولويّة القطعيّة لأنّه إذا كان ما هو أدون منه حجة فهو أولى بذلك وإمّا بتنقيح المناط لأنّ المناط فيما أفادت الآية حجيّته من الأقسام الثلاثة هو الظنّ أو الوثوق بصدق الرّواية وهو حاصل في الصّحيح أيضا وربّما زاد بعضهم على هذه الجملة بأنّ الآية أنّما تفيد كون المناط في القبول هو التبيّن الصّادق مع الظنّ بصدق الرّاوي فلا بدّ أن يكون كلّ تبيّن كذلك حجّة فيلزم منه كون مثل الشّهرة بل مطلق الظنّ حجة ويرد عليه أوّلا منع كون التبيّن أعمّ من العلمي والظنّي إذ التّبين هو طلب البيان والظّهور وهو لا يصدق إلاّ مع العلم بل ربّما يدعي عدم صدقه إلاّ بالعلم الضّروري لا مطلق العلم وأمّا إطلاقهم كون الخاصّ الظنّي بيانا للعام في مباحث العام والخاص فإنّما هو بعد الفراغ عن اعتبار الخاص شرعا وصيرورته دليلا شرعيّا والمقصود في المقام إثبات اعتبار الظنّ الخبري أو مطلق الظنّ بعموم التبيّن له ولغيره وثانيا أنّه لا يخلو إمّا أن يريد كون التبيّن حقيقة في التبيّن الظني ومجازا في العلمي أو مشتركا بينهما لفظا أو معنى أو حقيقة في العلمي ومجازا في الظنّي على عكس الأوّل ولا سبيل إلى الأوّل يقينا والثّاني خلاف الأصل والثّالث وإن كان مقدّما على الأخير عند الدّوران والشكّ إلا أنّه فرع ثبوت استعمال اللّفظ المشكوك في معناه في القدر المشترك على وجه يعتدّ به وهو منتف في المقام لعدم ثبوت استعمال التبيّن في المعنى الأعمّ في الشّرعيّات ولا العرفيّات أصلا فضلا عن موارد يعتد بها فتعين الرّابع فيقدم احتمال الحقيقة والمجاز حينئذ للغلبة وثالثا مع أنّه تسليم كونه أعمّ من العلمي والظّنّي لا يناسب التّعليل بمخافة الإصابة وبالجهالة المستعقبة للندامة إذ الظّاهر من الجهالة مقابل العلم فنعم العلّة صورة الظنّ أيضا لاحتمال الوقوع في الندم فيها أيضا لا محالة فلا بدّ حينئذ من تخصيص التبيّن بالعلمي إن سلمنا شموله لغة للظنّي أيضا ورابعا أنّ المراد بالتّبيّن لو كان هو المعنى أعمّ وبالجهالة هو الشكّ فهو لا يناسب مورد نزول الآية لأنّ العاملين بخبر الوليد الّذين نزلت فيهم الآية لم يكن عملهم به مع الشكّ في صدقه وكذبه لعدم إقدام عاقل على العمل بالخبر المشكوك الصّدق والكذب فلا بدّ أن يكون عملهم به لأجل ظنّهم بصدقة فتكون الآية حينئذ واردة في مقام الذمّ والتوبيخ على العمل بالظنّ فتكون صريحة في نفي العمل به فلا بدّ من حمل التبيّن حينئذ على العلمي إن سلّمنا عمومه بحسب اللغة والعرف وأمّا الخامس فيظهر الكلام فيه تقريبا وتزييفا ممّا تقدّم وهنا مسلك سادس سلكه المصنف رحمهالله في إثبات اعتبار الخبر الموثوق بالصّدور وسيأتي تحقيق الكلام فيه إن شاء الله تعالى (قوله) الثّاني أنّه تعالى إلخ الوجه الأوّل يظهر من الأكثر وهذا الوجه من السّيّد عميد الدّين في المنية وعبارة المتن له بأدنى تغيير غير مضرّ وقال بعد قوله قبل حصول العرضي ذلك يمنع من التعليل به لاستحالة كون اللاّحق علّة للسّابق فإذا أخبر العادل لم يجب التثبّت لانتفاء علّته فإمّا يجب الرّد فيكون أسوأ حالا من الفاسق وهو باطل قطعا أو القبول وهو المطلوب انتهى (قوله) والاقتران إلخ أي اقتران الحكم وتعلّقه به وحيث كان الاقتران واضحا اقتصر على ذكر وجه المناسبة(قوله) أقول الظّاهر إلخ هذا توجيه لوجهي الاستدلال توطئة للاعتراض عليه وتوضيحه أنّ الأمر بالتبيّن في الآية الشّريفة إن كان لأجل كون وجوبه نفسيّا بأن كان التبيّن والكشف عن حال المخبر عند إخبار الفاسق واجبا بنفسه كالصّلاة عند دخول الوقت فحينئذ يتمّ ما أخذوه في تيمم وجهي الاستدلال من أنّه إذا لم يجب التبيّن عند إخبار العادل فإمّا يجب القبول وهو المطلوب أو الرّد وهو يستلزم كونه أسوأ حالا من الفاسق إذ لولاه لا يتم الاستدلال على وجهيه لأنّ هنا أمورا ثلاثة الفحص عن الصدق والكذب والرّد من دون تبيّن والقبول كذلك فإذا دلت الآية بمفهومها الشّرطي أو بحسب تعليق الحكم على الوصف المناسب للفحص على عدم وجوب التبيّن نفسا عند إخبار العادل فهو لا يدلّ على جواز قبول خبره من دون تبين لجواز ردّه كذلك فلا يتم الاستدلال إلاّ بضميمة كون ردّه كذلك مستلزما لكونه أسوأ حالا من الفاسق وإن كان لأجل كون وجوبه شرطيّا بأن كان المقصود بالأمر بالتبيّن بيان كونه شرطا في جواز العمل بخبر الفاسق فحينئذ يتم الاستدلال على وجهيه من دون ضمّ المقدّمة المذكورة إذ ليس حينئذ بعد نفي اشتراط العمل بخبر العادل بالتبيّن بمقتضى المفهوم شرطا أو وصفا إلاّ قبول خبره من دون تبيّن وحيث استظهر المصنف رحمهالله كون الأمر بالتبيّن شرطيّا بالوجوه الّتي ذكرها فاعترض على أخذ المقدّمة المذكورة