تبليغ الأحكام الواقعيّة إلى الحاضرين والغائبين لو لا تسبّب المكلفين لعدم وصولها إليهم وقد تسببوا لأعظم من ذلك كيف لا ولو أرادوا السّبب لظهر الإمام عليهالسلام وانتفعنا بوجوده الشّريف وما معه من الأحكام وغيرها مع أنّ الحكمة قد تقتضي اعتبار قول الثّقة أو العدل مثلا تعبّدا أو مع إفادته الظنّ أو الوثوق كما هو كذلك على القول بالظّنون الخاصّة كيف لا ولا بدّ أن يكون كذلك لوضوح عدم تمكّن آحاد المكلّفين المشتتين في مشارق الأرض ومغاربها حتّى في زمان حضور الإمام عليهالسلام وبسط يده من أخذ الأحكام من الإمام عليهالسلام أو الوسائط على سبيل القطع واليقين ومنها ما ذكره الأمين الأسترآبادي أيضا من أنّه تواترت الأخبار بأنّهم عليهمالسلام أمروا أصحابهم بتأليف ما يسمعونه منهم وضبطه ونشره ليعمل بها الشّيعة في زمن الغيبة وأخبروا بوقوعه انتهى وقد عرفت الجواب عنه عند الجواب عن السّؤال السّابق مضافا إلى منع دلالتها على صدق جميع الرّواة في جميع طبقاتهم إلى يومنا هذا كيف وهو خلاف المعاين المحسوس ومنها ما ذكره الأمين الأسترآبادي أيضا من أنّ أكثر أحاديثنا موجودة في أصول الجماعة الّتي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم أي على أنهم لم ينقلوا إلاّ الصّحيح وللعلم بوجودها في تلك الأصول طرق من جملتها أن نقطع بقرينة المقام أنّ الطّريق المذكور للحديث أنّما هو طريق إلى الأصل المأخوذ منه الحديث وتلك القرينة وافرة في كتابي الشّيخ وكتاب من لا يحضره الفقيه بل في كتاب الوافي أيضا عند النّظر الدّقيق وقد ذكرهم شيخنا الثقة الجليل الصّدوق أبو عمر الكشي قدّس الله سرّه في كتابه فقال قال الكشي أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام وأصحاب أبي عبد الله عليهالسلام وانقادوا لهم بالفقه فقالوا أفقه الأوّلين ستّة وساق الكلام في الطبقات الثلاث لهؤلاء الجماعة إلى أن قال مستند الإجماع الّذي نقله الكشي في حقّ هؤلاء الجماعة الرّوايات النّاطقة بأنّهم معتمدون في كلّ ما يروون وبهذا التحقيق ظهر عليك وانكشف لديك أن ممّا ذكره رئيس الطّائفة في كتاب العدّة من أنّه أجمعت الطّائفة على صحّة مراسيل جمع من الرّواة كما أجمعوا على صحّة مسانيدهم مبني على ورود الرّوايات النّاطقة بأنّهم معتمدون في كلّ ما يروون والمتأخرون كالشّهيد الثاني في شرح رسالته في فنّ دراية الحديث تكلموا على الإجماع الثّاني وسببه قلّة تتبعهم واستعجالهم في التّأليفات واشتغالهم قبل أن يحققوا المباحث وبناء تصانيفهم على المقدمات المألوفة المشهورة الّتي يوجد مصداقها في أحاديث العامّة وفي رواة أحاديثهم كما صرّح بذلك ولد الشّهيد الثّاني وقد مرّ نقله عنه انتهى وأنت خبير بما فيه أمّا أوّلا فإنّ الإجماع المذكور منقول في كلام الكشي وهو خبر واحد لا يفيد القطع وأمّا ثانيا فإنّهم قد اختلفوا في بيان المراد بالموصولة في قوله على تصحيح ما يصحّ عنهم بأنّ المراد بها الرّواية والنّقل أو الخبر المنقول فعلى الأوّل لا يدلّ ذلك إلاّ على كون الرّاوي ثقة مع السّكوت عن حال المروي عنه قال الشّيخ محمّد سبط الشّهيد الثّاني في محكي حاشية الإستبصار عند شرح قول الشّيخ وأمّا ما رواه محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال الكرّ من الماء نحو حتّى هذا قال السّند فيه إرسال غير أن عبد الله بن المغيرة قد ذكر الكشي أنّه ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه وفهم بعض الأصحاب أنّ المراد بهذا الكلام صحّة ما رواه بحيث تصحّ الرّواية إليه وحينئذ لا يضرّ الإرسال ولا ضعف من روى عنه عبد الله بن المغيرة وتوقّف في هذا بعض قائلا إنا لا نفهم منه إلاّ كونه ثقة والّذي يقتضيه النّظر القاصر أنّ كون الرّجل ثقة مشترك فلا وجه لاقتصار الإجماع بهؤلاء المذكورين وحينئذ لا بدّ من بيان الوجه ثمّ ما ذكر القائل الأوّل ينافيه ما قاله الشّيخ في الرّواية الآتية عن عبد الله بن المغيرة من أنها مرسلة فإنّ الشّيخ أعلم بمقاصد الكشي من المتأخرين ولا يبعد أن يكون الوجه في ذكر الإجماع على الجماعة المخصوصين أنّ عمل المتقدّمين بالأخبار أنّما هو مع اختصاصها بالقرائن فإذا كانت الرّواة ممن اجتمع على تصحيح ما يصحّ عنهم كان الإجماع من جهة القرائن وبدون هذا يحتاج إلى زيادة بيان القرائن وساق الكلام في النقض والإبرام على هذا المرام إلى أن قال ويؤيد ما ذكرته أن ابن أبي عمير من جملة من اجتمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه والكلام في مراسيله كثير من أنّه لا يروي إلاّ عن ثقة والمناقشة بعدم العلم بهذا ونحو ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى فيه القول فلو كان المراد بالإجماع على تصحيح ما يصحّ عن الرّجل ما قاله القائل لا حاجة إلى التوثيق في مراسيل ابن أبي عمير كما لا حاجة إلى قولنا إنّه لا يروي إلاّ عن ثقة فإنّه لو روى عن ضعيف لا يضرّ بالحال وقد ردّ الشيخ رواية رواها ابن أبي عمير عن بعض أصحابه في آخر باب العتق بالإرسال والشيخ أعلم بالحال فالعجب من دعوى بعض الأصحاب أنّ مراسيل ابن أبي عمير مقبولة عند الأصحاب مطلقا فينبغي التأمّل في هذا كلّه انتهى ويا ليت شعري أنّ المدّعي لقطعيّة أخبار الكتب الأربعة لأجل الإجماع المذكور بمعنى استناده في ذلك إلى كون تلك الأخبار في أصول الجماعة الّذين ادعى الإجماع على تصحيح ما يصح عنهم مثلا ما يقول لو اطلع على ردّ الشّيخ لبعض أخبار هؤلاء الجماعة بإرسال ونحوه مع أنّ الشّيخ أعرف بمقاصد الكشي منه كما عرفت وسيأتي تحقيق الكلام في قولهم أجمعت العصابة على تصحيح ما عنهم في تضاعيف أدلّة حجيّة أخبار الآحاد إن شاء الله تعالى وممّا ذكره قدس سرّه يظهر فساد ما طعن به على الشّهيد الثّاني وغيره إذ بعد طعن مدع الإجماع في مراسيل ابن أبي عمير بالإرسال كيف يعتمد عليها وأمّا ثالثا فإنّ المراد بالصحّة في كلام الكشي هو الوثوق بالصدور دون اليقين به كما عرفت التصريح بكون المراد بالصحّة ذلك في كلمات القدماء من شيخنا البهائي والمحدث الجزائري وعرفت تحقيق الحال في ملاحظة القدماء لسند الأخبار وقال