وإن خرج من المرجّحات المنصوصة كما هو مختار الأصوليين خلافا للأخباريين كما سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى (قوله) ولهذا كانت الرّواية المشهورة إلخ ظاهره حمل قوله عليهالسلام فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه على نفي الرّيب حقيقة ولذا صرّح بكون الرّواية المشهورة من قبيل بيّن الرّشد وحينئذ إن أراد نفى الرّيب حقيقة من جميع الجهات فهو بيّن الفساد وإلاّ لم يبق وجه لتحير السّائل وسؤاله عن شهرة الرّوايتين وجواب الإمام عليهالسلام بالأخذ بموافق الكتاب ثمّ بمخالف العامة وإن أراد نفي الرّيب حقيقة من حيث الصّدور يرد عليه أنّه لا وجه حينئذ لتقديم الترجيح بالأعدلية والأفقهية والأصدقية وغيرها من مرجحات الصّدور على التّرجيح بالشّهرة الّذي مقتضاه جواز التّرجيح بالأمور المذكورة وإن كان الخبر الآخر مشهورا أيضا وإن أراد نفي الرّيب عن المجمع عليه بالإضافة إلى الشاذ النّادر يرد عليه أنّه لا يبقى حينئذ وجه لما استشهده لما رامه لأنّ مقصوده بالاستشهاد كون دخول المشهور في بيّن الرّشد شاهدا بكون المراد بالمشهور معنى يوافق المعنى المراد بالمجمع عليه ولذا أشار بقوله وإلاّ فلا معنى إلى آخره إلى أنّه لو كان المراد بالمشهور معرفة الأكثر كما في الشّهرة في الفتوى فلا معنى للاستشهاد بحديث التّثليث لفرض عدم كون المشهور حينئذ من قبيل بين الرّشد نعم يمكن أن يختار الشّق الثاني ويدعى كون ما تقدم من المرجّحات على الشّهرة في المقبولة من مرجحات الحكمين دون الرّواية كما سيأتي تحقيقه في خاتمة الكتاب فيكون أوّل مرجّحات الرّواية فيها هي الشّهرة خاصّة فتأمل (قوله) خبر الواحد في الجملة إلخ المراد بخبر الواحد هنا مقابل المتواتر فيشمل المستفيض وهو ما زاد رواية على الاثنين أو الثّلاثة على الخلاف وفي حكم المتواتر خبر الواحد المحفوف بالقرائن القطعيّة لعدم كونه صالحا للنّزاع إلا من حيث البحث عن حجيّة القطع والمفروض في المقام بيان الظّنون التي خرجت أو قيل بخروجها من أصالة حرمة العمل بالظنّ ثمّ إنّ الواحد صفة للرّاوي أي خبر الرّاوي الواحد فما يوجد في بعض كلمات المحقّق القمي رحمهالله وغيره من تعريف الخبر أيضا المشعر بكون الواحد صفة للخبر لا وجه له لأنّ الخبر الواحد أنما هو مقابل الاثنين والثلاثة مثلا سواء كان الواحد من الآحاد أو من المتواترات وهو ليس من محلّ الكلام نعم يحتمل أن يكون الوصف باعتبار المتعلّق والمعنى الخبر الواحد راويه مثل قولنا زيد كريم الأب والتقييد بقوله في الجملة يحتمل وجهين أحدهما الإشارة إلى أنّ النّزاع في اعتبار خبر الواحد وخروجه من أصالة حرمة العمل بالظن أنّما هو على القول باعتباره من باب الظنّ الخاصّ وإلا فعلى القول باعتباره من باب الظنّ المطلق لا معنى للاستثناء إذ الأصل حينئذ جواز العمل بالظنّ لا حرمته وثانيهما الإشارة إلى أنّ الخارج من الأصل ليس خبر الواحد مطلقا بل صنف خاص وهذا الصّنف أيضا ليس متعيّنا بل مختلف باختلاف الآراء(قوله) موقوف على مقدّمات ثلاث إلخ لا يخفى أنّ جهات البحث عن الأدلّة الظنّية لا تخرج من الجهات الثّلاث الّتي جعلها المصنف رحمهالله مقدمات لإثبات الحكم الشّرعي بالأخبار المرويّة عن الحجج عليهمالسلام أمّا أخبار الآحاد المحكيّة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام فالبحث عنها يتأتى على جميع هذه الجهات كما صرّح به المصنف رحمهالله وأمّا الكتاب والسّنة النّبوية المتواترة فالبحث فيهما أنّما هو عن الجهة الثالثة خاصّة لانتفاء احتمال التّقيّة فيهما وكذلك احتمال تعمد الكذب لاعتبار التّواتر في الكتاب وكذا في السّنة بالفرض ومن هنا يظهر انحصار البحث عن السّنّة الإماميّة المتواترة في الجهة الثّانية والثالثة وأمّا السّنة النّبوية المحكيّة بالآحاد فالبحث عنها أنّما هو عن الجهة الأولى والثّالثة لانتفاء احتمال التقيّة فيها وأمّا الإجماعات المحكيّة في كلمات القدماء فالبحث فيها عن كلّ واحدة من الجهات الثلاث لاحتمال التقيّة من المدّعي فيها وأمّا المحكية في كلمات المتأخرين فالبحث فيها من الجهة الأولى والثالثة للقطع بانتفاء التقية فيهم (قوله) ومن هنا يتّضح دخولها إلخ توضيح المقام أنّه قد وقع الخلاف في جملة من المسائل الأصولية كمسائل مقدمة الواجب واجتماع الأمر والنّهي والاستصحاب والاجتهاد والتقليد ونحوها في كونها منها أو الفروع أو علم الكلام ومنها هذه المسألة فربّما يظهر من المحقق القمي في بعض حواشيه دخولها في المبادي حيث قال وقد يعدّ من جملة ذلك البحث عن كون خبر الواحد حجة والإجماع المنقول حجّة وليس بذلك إذ ذلك كلام في تعيين الدّليل لا في عوارض الأدلّة فتدبّر انتهى وتحقّق المقام أنّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذّاتيّة أي ما يعرض الشيء ويلحقه لذاته أو لجزئه أو لأمر مساو له ومسائله هي المحمولات العارضة للموضوعات نفيا أو إثباتا وموضوع علم الأصول هي الأدلّة المبحوث فيه عن أحوالها وعوارضها ومسائله هي العوارض اللاحقة لها فعلى تقدير كون موضوعه هي الأدلّة بوصف كونها أدلّة كما يظهر من المحقق المذكور حيث جعل مناط إخراج البحث عن خبر الواحد والإجماع المنقول ذلك يلزم إخراج أكثر مباحث علم الأصول منه مثل البحث عن حجيّة الكتاب والسّنّة والإجماع والاستصحاب والبراءة ونحوها لكون البحث في جميعها عن حجيّتها وعن كونها أدلّة شرعيّة فمرجع البحث عنها إلى البحث عن تشخيص الموضوع فيدخل في المبادي ولم يبق ممّا يدخل في مقاصده إلا مثل البحث عن جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد وعدمه وجواز تخصيصه بخبر الواحد وعدمه والبحث عن التعادل والترجيح ونحوها مع أنّ الأخير ذكروه في الخاتمة وهو مشعر بخروجه من المقاصد وكيف كان فخروج جميع ما ذكرناه من المقاصد بعيد جدّا والأقرب دخولها فيها لكون مرجع البحث عن جميعها إلى البحث عن أحوال الأدلّة ويقرر ذلك بوجوه يعمّ بعضها جميعها ويحض بعضها ببعضها أحدها ما ذكره صاحب الفصول قال وأمّا بحثهم عن حجيّة الكتاب وخبر الواحد فهو بحث عن الأدلّة لأنّ المراد بها ذات الأدلّة لا هي مع وصف كونها أدلّة فكونها أدلّة من أحوالها اللاّحقة لها فينبغي أن يبحث عنها أيضا انتهى وهذا هو ما حكاه المصنف رحمهالله ناسبا له إلى التّكلف والتجشم وعليه فالمراد بموضوع علم الأصول ذات الأدلّة بمعنى ما يصلح لأنّ يكون دليلا وحينئذ يدخل فيه أيضا مثل القياس والاستحسان