وقول أصحابنا بعدم حجيّتها لا يخرجهما من صلاتهما لذلك كما أنّ قول الأخباريين بعدم حجيّة الكتاب والاستصحاب لا يخرجهما من ذلك وبالجملة أن قول العامة بحجيّتهما كاف في دخول البحث عن حجيّتهما في مسائل هذا العلم لأن المراد بمسائل هذا العلم هو المسائل المعهودة المقررة في كتب القوم ومخالفة بعضهم أو طائفة منهم في بعضها لا يخرجه من كونه من مسائلها ومن هنا يظهر فساد ما ذكره المحقق القمي رحمهالله تبعا لشيخنا البهائي في إخراج القياس من موضوع هذا العلم من أنّه ليس من مذهبنا اللهمّ الآن يقال إنّ مسائل هذا العلم هي القواعد الممهّدة في كتب القوم للاستنباط مثل أنّ الكتاب حجة والسّنة حجة وهي مختلفة باختلاف أنظار المجتهدين فمن قال بحجيّة الكتاب مثلا كانت داخلة في جملة مسائلها عنده ومن نفاها فلا بد أن ينفي كونها منها وهكذا في غيرها وثانيها كون مرجع البحث عن حجيّة خبر الواحد إلى البحث عن جواز تخصيص الكتاب أو الخبر المتواتر به وعدمه وكذلك إلى البحث عن جوار رفع اليد عن الأصول المعتبرة مثل البراءة والاستصحاب والاحتياط في مورده وعدمه فمرجع البحث عن حجيّة خبر الواحد إلى البحث عن أحوال الكتاب والسّنة المتواترة والأصول المعتبرة بعد الفراغ من حجيّتها فيدخل بهذا الاعتبار في مسائل علم الأصول وثالثها ما ذكره المصنف رحمهالله وهو أحسن الوجوه وأمتنها وحاصله أن مرجع البحث عن حجيّة خبر الواحد إلى البحث عن أحوال السنة المعلومة الحجيّة من جواز إثباتها بخبر الواحد وعدمه إذ السّنة هي قول المعصوم أو فعله أو تقريره والخبر هو الحاكي لأحدها مثل قول الرّاوي قال الصّادق عليهالسلام كذا إذ قوله قال هو الخبر الحاكي وقوله كذا هي السّنة المحكيّة والنسبة بينهما عموم من وجه ومادة الاجتماع حكاية معصوم عن معصوم مثل قول الرّاوي قال الصّادق قال أبي كذا إذ قوله قال أبي خبر من حيث كونه حكاية عن معصوم وسنّة من حيث كونه قول المعصوم ومادة الافتراق من الجانبين ما عرفته من المثال (قوله) وكتبنا في سالف الزّمان إلخ لم أقف على هذه الرّسالة بعد أن تفحّصت عنها في زمان المصنف وبعده ولا بأس بأن نورد شطرا ممّا وقفت على كلماتهم في المقام موضحا لضعفها ومبنيا لفسادها أن لا تحصل الشّبهة للنّاظر في كتبهم كما حصلت لهم فنقول مستمدا من الملك العلاّم وحججه أهل العصمة عليهمالسلام أن هذه المسألة من أهمّ المسائل الأصوليّة الّتي قد اختلفت آراؤهم فيها وقد كثر القيل والقال فيها بين المجتهدين والأخباريين بما لا تسع هذه التعليقة لذكر عشر معشاره لكني قد أحببت أن لا تخلو هذه التّعليقة من بعض مقالاتهم وإن كانت ضعيفة وعن بعض كلماتهم وإن كانت سقيمة فإن في الاستقصاء تضييعا للمداد والقرطاس ولتقدم أمام الخوض في المقصود جملة من أقوالهم أو أفعالهم الّتي صدرت عنهم عن تعصّب وعناد فنقول إنّ طائفة من جهّالهم قد تعصّبوا على المجتهدين فارتكبوا من الشّنائع ما لا يرتكبه الجاهل وتحلّوا من القبائح بما لا يرضى به العاقل ففي منتهى المقال قال حكى لي غير واحد ممن أثق به عن رجل ورع صالح ممن يدعي الأخباريّة من أبناء هذا الزمان أنّه كان في دار شيخنا يوسف فتناول كتابا لينظر إليه ما هو فقيل له قبل أن يفتحه أنّه كتاب الشّرائع فطرحه من يده مسرعا كأنّه عقرب لدغته ثمّ أشار إلى كتاب آخر فقيل إنّه كتاب المفاتيح ففتحه وجعل ينظر فيه وحكى الأستاذ العلاّمة أدام الله أيّامه أن أوائل قدومه العراق كان يرى الرّجل منهم إذا أراد أن ينظر إلى كتاب من كتب فقهائنا رضوان الله عليهم كان يحمله مع منديل ونقل أنّه شهد بعض الطلبة عند الشّيخ محمّد بن الحرّ العاملي بشهادة فأجازها فقال المدعي عليه وهو من بعض تلامذته تقبل شهادة هذا وأقيم لك الشّهود على أنّهم رأوه بطالع في كتاب زبدة الأصول فقال إذن لا نقبله وهذا أفضل فضلائهم وأصلح صلحائهم شيخنا يوسف يقول في مقام الرّد على المحقّق الشيخ حسن في تقسيمه الحديث إلى صحر وصحي الإعراض من كلامه أحرى فإنّه ممّا زاد في الطّنبور نغمة أخرى فشبه أصول فقه الطائفة بالطنبور وذكرنا نبذة من مقالاتهم في رسالتنا عقد اللّئالي البهية في الرّد على طائفة الغبية انتهى والعجب أنّ الشّيخ يوسف مع ما عرفت من غلوّه وطغيان قلمه في تشبيه أصول الفقه بالطنبور قد طعن في اللّؤلؤة على رئيس الأخباريين المولى محمّد أمين الأسترآبادي قال كان فاضلا محقّقا مدققا ماهرا في الأصولين والحديث أخباريا صلبا وهو أوّل من فتح باب الطّعن على المجتهدين وتقسيم الفرقة الناجية إلى أخباري ومجتهد وأكثر في كتابه الفوائد المدنية من التّشنيع على المجتهدين بل ربّما نسبهم إلى تخريب الدّين وما أحسن وما أجاد ولا وافق الصّواب والسّداد لما قد ترتب على ذلك من عظيم الفساد انتهى ويا ليته كان واعظا لنفسه وناظرا في عمله قبل تخطئة صاحبه وقال في الفوائد المدنية في آخر الفصل الثّامن وقع تخريب الدّين مرتين مرة يوم توفي النّبي صلىاللهعليهوآله ومرّة يوم أجريت القواعد الأصوليّة للعامة والاصطلاحات الّتي ذكرتها العامّة في الكتب الأصوليّة وفي كتب دراية الحديث في أحكامنا وأحاديثنا انتهى وقال الميرزا محمّد في رسالة المسمّاة بميزان التميز في العلم العزيز في جملة كلام له في الرّد على المجتهدين العاملين بالظّنون الاجتهادية مغرور بوسوسة جمهور وفتوى بلا دليل شيخ زنبور وملاّ سنطور مباش ودليل را از كتاب الله وأمناء الله مى جويى وطريق ايمن از ضلال ثقلين را ميپويى أقول لا أدري ما أجرأه في الاستهزاء والسّخريّة على العلماء الذين هم الحجج بعد الحجج الأطهار عليهمالسلام على العباد على ما نطقت به الأخبار وصرّحت به الآثار ومن عجب العجاب أنّه قد صرّح في تلك الرّسالة بأن طريقة أعاظم العلماء الإماميّة ورؤسائهم كانت طريقة الأخباريين في انحصار طريق الاستنباط عندهم في الكتاب والسّنة وقال ما ترجمته قد نقلنا عبارات ما بقي