ذلك هي المقدمّة الثّانية وأمّا الثّالثة فهي كالنتيجة للمقدّمتين كما سنشير إليه (قوله) وهي متحققه ظاهرا في الألفاظ إلخ توضيحه أن نقل السّبب الكاشف قد يكون معلوما بحسب ظاهر لفظ النّاقل أو نصّه بأن قال اتفق الأصحاب أو أصحابنا أو العلماء أو أجمع الأصحاب مثلا سيّما إذا أكّده بقول جميعا أو أجمع أو كافة أو نحو ذلك ولا ريب في دلالة أمثال هذه على السّبب الكاشف وقد تشتبه الحال من حيث الدّلالة على السّبب الكاشف بأن نقل الإجماع من دون إضافته إلى الأصحاب أو العلماء مثلا بأن قال يدلّ عليه الإجماع أو المسألة كذا إجماعا أو هذا الحكم إجماعيّ سيّما إذا كان ذلك في مقام الاستدلال دون نقل الأقوال لأنّ الغرض في مقام الاستدلال هو إثبات المطلوب بأيّ نحو اتفق فربّما يستدل عليه باتفاق جماعة لا يكون سببا عاديا في الكشف عن قول الإمام عليهالسلام بل يحصل له القطع من ذلك من باب الاتفاق لا من باب الملازمة العادية بخلاف المنقول بلفظ الإجماع في مقام نقل الأقوال لأنّ ظاهره حينئذ دعوى اتفاق الجميع وكيف كان فإذا قال النّاقل المسألة كذا إجماعا فربّما يسري إليه احتمال أن يلقى النّاقل الإمام عليهالسلام أو انكشف له الواقع بالرّياضات النّفسانيّة كما تدعيه الصّوفيّة فيدعى الإجماع جمعا بين إظهار الحق وكتمان السّر كما ستعرفه في الحاشية الآتية لكن بناء الإجماعات المدّعاة في كلمات العلماء سواء نقلت في مقام الاستدلال أو نقل الأقوال ليس على أحد الوجهين وإن وجد ففي غاية القلّة فلا تحمل عليه الإطلاقات (قوله) ولا الوجه الأخير إلخ قيل المراد بالوجه الأخير هو الوجه الثّاني عشر الّذي ذكره في رسالته وهو أن يرى الفقيه الإمام عليهالسلام في أمثال زماننا ويأخذ منه الفتوى لكنه يريد أن يجمع بين إظهار الحق وكتمان السّر فيدعي الإجماع في المسألة وأقول قد أشار العلاّمة الطّباطبائي في فوائده إلى هذا الوجه بقوله وربّما يحصل لبعض حفظة الأسرار من العلماء الأبرار العلم بقول الإمام عليهالسلام بعينه على وجه لا ينافي الرّؤية في هذه الغيبة فلا يسعه التّصريح بنسبة القول إليه فيؤديه في صورة الإجماع جمعا بين إظهار الحق والنّهي عن إذاعة مثله بقول مطلق انتهى (قوله) وربّما بالغوا إلخ هذا تأييد لكون مرادهم بالإجماع اتفاق الكل (قوله) من جهة العبارة إلخ من حيث الدّلالة على اتفاق الكل كما تقدم (قوله) والمسألة إلخ من حيث كونها من الفروع القديمة المعنونة في كلمات القدماء أو الفروع الجديدة(قوله) والنقلة إلخ من حيث الكثرة والقلّة ومن حيث كون النّاقل كثير التتبّع في الأقوال وعدمه (قوله) الثّانية حجيّة نقل السّبب إلخ لا يذهب عليك أن هذه المقدّمة قد اشتملت على عدّة أدلّة على حجيّة نقل السّبب كلّها لا يخلو من نظر أحدها أن نقل فتاوى العلماء في ما نحن فيه ليس إلاّ كنقل فتوى المجتهد إلى مقلّديه فيعتبر نقل الثّقة فيما نحن فيه أيضا بجامع كون كلّ واحد منهما نقل الثقة فتوى المجتهد إلى غيره وفيه أنّه قياس مع الفارق وهو أن نقل الثّقة فتوى المجتهد إلى مقلديه لو لم يعتبر لزم العسر والحرج على المقلّدين في أخذ جميع مسائلهم من المجتهد على سبيل العلم وعلى المجتهد في بيانه لهم بخلاف ما لو لم نقل باعتبار الإجماعات المنقولة وتعيّن العمل في مواردها بسائر الأدلّة إن وجدت وإلا فبالأصل الجاري فيها كيف لا ولم يتمسك بها أحد فيما أعلم إلى زمان الفاضلين وثانيها أن نقل الثّقة فيما نحن فيه ليس إلاّ كنقله ما عدا قول المعصوم عليهالسلام ونحو قوله من سائر ما تضمّنته الأخبار كالأسئلة التي تعرف منها أجوبتها مثل ما روي أنّه عليهالسلام سئل عن جواز بيع الرّطب بالتمر فقال أينقص إذا جفّ فقالوا نعم فقال فلا إذن وكذا الأقوال والأفعال الّتي تعرف منها تقريره عليهالسلام بأن يفعل في حضرته فعل أو يذكر قول فيسكت عن الرّد عليه مع تمكنه منه وفيه أن المقصود الأصلي في أمثال ذلك نقل جوابه أو تقريره عليهالسلام ونقل السّؤال أو الفعل أو القول أنّما هو من باب التبع فما دل على اعتبار نقل السنة أعني قوله عليهالسلام وفعله عليهالسلام وتقريره عليهالسلام يدل على اعتبار نقل السّؤال أو فعل الغير أو قوله الذي قرّره الإمام عليهالسلام بالدّلالة الالتزاميّة بخلاف نقل فتاوى العلماء فيما نحن فيه لأنّها مقصودة بالأصالة إذ الغرض منه نقل السّبب ليستدل به على مسبّبه فالقول باعتبار الأوّل لا يستلزم القول باعتبار الثّاني وثالثها أن نقل الثّقة فيما نحن فيه ليس إلاّ كنقل تذكية الرّواة أو جرح بعضهم بعضا وفيه أن الخلاف في وجه اعتبار قول علماء الرجال معروف فذهب جماعة إلى اعتباره من باب الشهادة فاعتبروا فيه العدد وقيل باعتباره من باب الرّواية ولعلّه قول الأكثر وقيل باعتباره من باب الظنّ المطلق فالإجماع على اعتباره في الجملة غير مجد في المقام ورابعها أنّ نقل الثقة فيما نحن فيه ليس إلاّ كنقله للشّهرة واتفاق سائر أولي الآراء والمذاهب وذوي الفتوى أو جماعة منهم وفيه أنّ الإجماع في المقيس عليه غير معلوم ولذا ترى أنّ بناء العلماء في الكتب الفقهية على المراجعة إلى أقوال غيرهم في كتبهم بحسب الإمكان وعدم اكتفائهم بمجرّد نقل الغير ولذا ترى كثيرا تخطئة بعضهم بعضا في نسبة القول إلى أحد أو نقل الشّهرة أو الاتفاق وربّما يتوقف في صدق النّسبة ومنه ما تقدّم من المصنف رحمهالله عند نقل وجوه تقرير الأصل في العمل بالظنّ فلو كان نقل الثّقة معتبرا عندهم إجماعا في أمثال ذلك لاستراحوا عن أمثال ما ذكرنا إلى نقله وخامسها ما دل على اعتبار قول الثقة بقول مطلق وفيه أن المتقين من ملاحظة مجموع الأدلّة الّتي أقيمت على اعتباره هو اعتباره في نفس الأحكام الكليّة لأنّ أدلّة خبر الواحد كلّها مخدوشة والمتيقّن من ملاحظة مجموعها ما ذكرناه وسادسها دليل الحاجة إلى العمل بالظنّ فيما لا غنى عنه أعني دليل الانسداد وفيه منع الحاجة في إثبات الأحكام الكليّة إلى العمل بالظنّ في موارد الاتفاقات المنقولة الّتي لا يوجد فيها دليل سواها لعدم ثبوت التّكليف فيها بحيث يلزم من العمل بالأصول فيها محذور بناء على ما هو التحقيق من انفتاح باب العلم شرعا في غيرها(قوله) فاسد من أصله إلخ لفساد مبناه لأن مبناه إمّا أصالة حرمة العمل بالظنّ أو استبعاد إثبات المسائل الأصوليّة الّتي هي مباني الفروع بمثل خبر الواحد ويرد على الأوّل أنّ الخارج من الأصل ليس خصوص الفروع لعموم أدلّة