مرتبا على عدم إبطال الاجتهاد الأوّل ولا على كتابة الاجتهاد الثّاني في موضع آخر أمّا الأوّل فإنّ أهل العصر الأوّل إمّا أن يكونوا مخالفين للاجتهاد الثّاني أو موافقين له فعلى الأوّل يكون إجماع العصر الأوّل منعقدا على خلاف الاجتهاد الثّاني لا محالة فلا وجه لنفي ذلك وعلى الثّاني يكون الاجتهاد الأوّل مانعا من انعقاد إجماع العصر الأوّل على طبق الاجتهاد الثّاني فيكون أثر عدم إبطال الاجتهاد الأوّل هو ذلك لا بيان عدم انعقاد إجماع العصر الأوّل على خلاف الاجتهاد الثّاني كما هو المقصود وأمّا الثّاني فواضح لأنّ إجماع العصر الأوّل إما أن يكون موافقا للاجتهاد الثّاني أو مخالفا له فعلى الأوّل يكون الاجتهاد الأوّل مانعا من انعقاد إجماع العصر الأوّل على طبق الاجتهاد الثّاني لا من انعقاده على خلافه مع أنّ ذلك من آثار عدم محو الاجتهاد الأوّل لا من آثار كتابة الاجتهاد الثّاني في موضع آخر وعلى الثّاني ينعقد إجماع العصر الأوّل على خلاف الاجتهاد الثّاني وليس ضبط الاجتهاد الثّاني مانعا منه (قوله) من عدم الاعتبار إلخ قال الفيومي استكثرت من الشيء إذا أكثرت فعله وقول النّاس أكثرت من الأكل ونحوه يحتمل الزيادة على مذهب الكوفيين ويحتمل أن يكون للبيان على مذهب البصريين والمفعول محذوف والتقدير أكثرت الفعل من الأكل وكذلك ما أشبهه انتهى (قوله) ظاهره الانطباق إلخ لأنّ ظاهره قدح مخالف واحد في انعقاد الإجماع في عصر واحد وهو منطبق على قاعدة اللّطف وإلاّ كان الأنسب أن يعتذر بعدم قدح وجود المخالف مطلقا لا بانقراض عصر المخالف فالاعتذار به ظاهر في الاستناد إلى القاعدة(قوله) وكأنّه لأجل مراعاة هذه الطّريقة إلخ فيه نظر لأنّ الشّهيد قال في الذكرى يثبت الإجماع بخبر الواحد ما لم يعلم خلافه لأنّه أمارة قوية كروايته وقد اشتمل كتاب الخلاف والانتصار والسّرائر والغنية على أكثر هذا الباب مع ظهور المخالف في بعضها حتّى من النّاقل نفسه والعذر إمّا بعدم اعتبار المخالف المعلوم النّسب كما سلف وإمّا تسميتهم لما اشتهر إجماعا وإمّا بعدم ظفره حين ادعى الإجماع بالمخالف وإمّا بتأويل الخلاف على وجه يمكن مجامعته لدعوى الإجماع وإن بعد كجعل الحكم من باب التخيير وإمّا إجماعهم على روايته بمعنى يد ومنهم في كتبهم منسوبا إلى الأئمة عليهمالسلام انتهى فإن تأويل الإجماع في محل الخلاف بكون المخالف معلوم النّسب لا يتم على طريقة اللّطف لكون خروج معلوم النّسب أيضا قادحا على هذه الطّريقة فهو أنّما يتمّ على طريقة القدماء وبالجملة أنّ في كلامه مواضع تدل على اعتباره في الإجماع دخول مجهول النّسب في جملة المجمعين منها ما عرفت ومنها ما أشار إليه بقوله كما سلف فإنّه أشار به إلى ما ذكره في تعريف الإجماع لأنّه قال الإجماع هو اتفاق علماء الطّائفة على أمر في عصر واحد لا مع تعيين المعصوم عليهالسلام فإنّه يعلم به دخوله والطّريق إلى دخوله أن يعلم إطباق الإماميّة على مسألة معينة أو قول جماعة فيهم من لا يعلم نسبه بخلاف قول من يعلم نسبه ومنها غير ذلك يجده من لاحظ كلامه والأظهر أن توجيه الشّهيد لإجماعات الشّيخ والسّيدين وأضرابهم أنّما هو لأجل دعواهم الإجماع في المسائل الخلافيّة حتّى من المدّعي كما عرفته من كلامه لأنّ الإجماع في اصطلاحهم عبارة عن اتفاق الكل غير المجامع لوجود الخلاف فأوّل هذه الإجماعات بإرادة غير المعنى المصطلح عليه ولو كان هو اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليهالسلام وإن خرج منهم من خرج من معلومي النّسب أو غير ذلك ممّا ذكره (قوله) قلت إنّ الظاهر من الإجماع إلخ حاصله أن الإجماعات المذكورة في كلمات العلماء مبنية على التحدس بمبادي محسوسة عن موافقة قول الإمام عليهالسلام مع عدم الملازمة بينهما من وجهين أحدهما أن ظاهر الإجماع هو اتفاق علماء عصر واحد وهو غير ملازم لموافقة قوله عليهالسلام فحصول العلم بموافقته من باب الحدس اتفاقا وثانيهما أن الاطلاع على فتاوى علماء عصر واحد إذا كثروا متعسّرا ومتعذّر لتشتتهم في الأمصار والأصقاع فيتعذر العلم بفتاواهم على سبيل السّماع وأمّا على سبيل الظفر بها في كتبهم فكذلك أيضا إذ ربّ عالم غير مصنّف وربّ مصنّف غير معروف وربّ مصنّف معروف لا تصل كتبه النبأ حين دعوى الإجماع فلا بدّ في دعوى اتفاق الجميع من حدس آخر بأن يتحدس باتفاق المعروفين عن اتفاق الجميع وبه عن الموافقة لقول الإمام عليهالسلام وربّما يقال بمسيس الحاجة إلى الحدس من وجه ثالث وهو التحدّس بظواهر عبارات الأصحاب عن آرائهم لأن النقوش والألفاظ وإن كانت حسيّة إلا أن الانتقال منها إلى آرائهم حدسيّ ومبني على الاجتهاد وفيه أنه وإن كان حدسيّا إلاّ أنّه يعد من الحسّيات وأوّل من تنبّه على ابتناء الإجماعات المذكورة في كتب العلماء على الحدس دون الحسّ هو سلطان العلماء قال في ذيل احتجاج صاحب المعالم لما اختاره من حجيّة الإجماع المنقول بقوله لنا أن دليل حجيّة خبر الواحد كما ستعرفه يتناوله بعمومه فيثبت به كما يثبت خبره قد يقال كون المسألة إجماعية ليس من قبيل الأخبار حتّى يكفي فيه النقل بل من قبيل المسائل الاجتهاديّة التي يجري فيها الترجيح لوقوع الخلاف في شرائط حجيّته بين أهل الخلاف وكذا عندنا من حيث استنباط دخول المعصوم عليهالسلام فيه بالقرائن والأمارات المفيدة لظن الدّخول وغير ذلك فالعمل بخبر الغير فيه نوع من التقليد إلا أن يصرح بكيفيّة اطلاعه فتأمل انتهى ثمّ إنّ في كلام المصنف رحمهالله إشكالا من وجوه أحدها أن ما استظهره أنّما يتم أن وقعت دعوى الإجماع في كلمات القدماء وإلا فلو وقعت في كلمات المتأخرين لا يتم ما استظهره لما تقدم منه في الأمر الثّاني من دعوى شيوع إطلاق الإجماع على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليهالسلام بل على اتفاق رجلين أحدهما الإمام عليهالسلام وإن هذا الشّيوع قد بلغ إلى حيث يكاد ينقلب الاصطلاح إذ لا ريب أنّه مع هذا الشّيوع لا يبقى للفظ الإجماع ظهور في نقل فتاوى الجميع فالأولى في الجواب بالنّسبة إلى ما وقع في كلمات المتأخرين من دعوى الإجماع منع الظّهور أوّلا ومع تسليمه دعوى تعسّر الاطلاع أو تعذره أو منع الاستكشاف