حجيّة قول اللّغوي وعدل عنه في الدّورة الأخيرة فأضاف قوله هذا ولكن الإنصاف إلى آخره إلى المتن ولكنّك خبير بأن ما أنصفه هنا غير مجد بعد ما اعترف به آنفا من عدم إمكان تمييز حقائق الألفاظ عن مجازاتها بقول اللغويين مع أنّ الأكثريّة الّتي ادعاها مع اعترافه بعدم لزوم محذور في التوقف والعمل بالقواعد والأصول في موارد الحاجة الّتي ذكرها غير مغنية من شيء مضافا إلى أنّ القول باعتبار قول اللّغوي لأجل كثرة موارد الاشتباه يقتضي اعتباره من باب الظنون المطلقة لأجل دليل الانسداد وهو خلاف المطلوب كما أشرنا إليه في الحاشية السّابقة مع أن الاستناد ثانيا إلى الاتفاقات المستفيضة يقتضي اعتباره من باب الظّنون الخاصّة فالتّنافي بين الدّليلين واضح مضافا إلى أنّ الاستناد إليها مع ما سبق منه من القدح فيها ممّا لا وجه له ولعلّه إلى بعض ما ذكرناه أو جميعه أشار بالأمر بالتّأمّل تنبيهات الأوّل أنا إذا قلنا بعدم اعتبار قول اللّغوي ثبت عدم اعتبار غيره من الأسباب المورثة للظنّ ممّا أشرنا إليه في بعض الحواشي السّابقة بطريق أولى نعم يستثنى حينئذ أصلان في إثبات الأوضاع أحدهما أصالة عدم النقل عند الشّكّ في طروء وضع جديد للفظ بحيث يكون منقولا إلى المعنى الجديد والآخر أصالة عدم الاشتراك عند عروض الشّكّ فيه إذ لم يخالف أحد من العلماء فيهما فيخرجان من تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ ، الثّاني أنا إذا باعتبار أقوال أهل اللّغة فإذا تعارضت اللّغات فقال العلاّمة الطّباطبائي في شرح الوافية فالواجب طلب المرجّح والعمل بالرّاجح ويحصل التّرجيح بالعدالة وكثرة التّتبع لكلام العرب والممارسة لفنون الأدب وغلبة الضّبط وقلّة الخلط بين الحقيقة والمجاز كما اتفق لكثير من المتأخّرين وقرب العهد من العرب العرباء وكون النّاقل عربيّا وإن غلب عليه اللّحن والتّغيير فإن حفظ الأصل هيّن على التكميل وغير ذلك ممّا يوجب قوة الظنّ فإن تساويا فالأقرب وجوب تقديم الإثبات على النفي والبناء على الأعمّ مطلقا أو من وجه كما في لفظي الصّعيد والغناء فإن أهل اللّغة اختلفوا في أنّ الصّعيد وجه الأرض مطلقا أو خصوص التراب وفي الغناء أنّه الصّوب المطرب أو ترجيع الصّوت فنقول الصّعيد وجه الأرض مطلقا والغناء الصّوت الذي فيه ترجيع أو طرب وذلك لأن ما يدعيه النّافي شهادة على النّفي ومرجعها إلى عدم الوجدان بعد الفحص وعدم الوجدان لا يقتضي عدم الوجود وقد ادعاه المثبت فيصدق وربّما يقال إنّ الواجب في صورة التعارض الأخذ بما اتّفق فيه القولان وترك ما اختلفا فيه لأن اللغة توقيفيّة والتعارض يوجب التساقط فلا يحصل التوقيف وفيه أنّه قد حصل بقول المثبت وقول النّافي لا يصلح للمعارضة كما عرفت انتهى كلامه زيد إكرامه وهو حقّ لا تعتريه ريب ومقتضاه الحكم بالاشتراك اللفظي مع التباين الكلي ومنه يظهر السّرّ في عدم الحكم بالتخيير مع التعارض بخلاف متعارضات الأخبار لأنّ التّخيير فرع التّعارض وقد فرضنا عدمه في اللغات لأن مرجع قولي أهل اللّغة مع تعارضهما إلى دعوى أحدهما وجدان أحد المعنيين وعدم وجدان الآخر لا نفيه وكذا الآخر ومع تسليم نفي كلّ منهما لما يدعيه الآخر لا دليل على اعتبار هذا النفي لأنّ ما دلّ على اعتبار قول أهل اللّغة أنّما دل عليه في الإثبات دون النفي ومن هنا يظهر أنّ المتجه هو الحكم بالاشتراك مطلقا حتّى مع التصريح بالنّفي هذا بخلاف تعارض الأخبار لأن كلا من المخبرين فيه ناف لما يخبر به الآخر وما دل على اعتبار خبر العدل مثلا قد دلّ على اعتباره مطلقا مع أنّ التخيير في متعارضات الأخبار ثابت بالأخبار المستفيضة بخلاف متعارضات اللّغة لأنّه لا يخلو إمّا أن نقول باعتبار اللّغة من باب الطّريقية أو من باب الموضوعيّة والسّببية ومقتضى القاعدة في التعارض على الثّاني وإن كان هو التخيير إلا أنّ القول باعتبارها من باب الموضوعيّة في غاية البعد ومقتضاها على الأوّل هو التساقط والرّجوع إلى مقتضى القواعد والأصول وممّا ذكرناه يظهر الإشكال في ملاحظة الترجيح في متعارضات اللّغات كما عرفته من العلاّمة الطباطبائي لما عرفت من عدم تحقق التعارض فيها حقيقة اللهمّ إلا أن يقال إنّ التّعارض مانع من حصول الظن بأحد المتعارضين وطلب التّرجيح أنّما هو لتحصيل الظنّ بما وافقه المرجح فتأمل وحاصل الكلام وفذلكة المقام أن ما ذكروه في تعارض الأخبار من حمل العام على الخاص والحكم بالتّساقط والرّجوع إلى مقتضى الأصول والقواعد في مادة التعارض في وجه أو ملاحظة حكم التّرجيح في وجه آخر في العامين من وجه والحكم بالتخيير في المتباينين غير جار في المقام والسّرّ فيه يظهر ممّا قدّمناه ، الثّالث اعلم أنهم قد ذكروا لمعرفة الحقيقة والمجاز علامات منها تصريح أهل اللّغة لكن يشكل تمييز ذلك في الأكثر بالرّجوع إلى كتب اللّغة لعدم تصريحهم بذلك فيها في الأكثر وحينئذ تنتفي فائدة تدوين اللّغة وجمعها غالبا من حيث معرفة الأوضاع لتثمر في مقام تعيين المرادات بالحمل على المعنى الحقيقي مع عدم القرينة وعلى المجازي معها نعم غاية ما يظهر ممّا جمعوه من كتب اللّغة استعمالات الألفاظ وإطلاقاتها إلاّ أنّه لا يترتب عليه كثير فائدة نعم قال العلامة الطباطبائي في شرح الوافية واعلم أنّ المجاز كالحقيقة قد يعرف بالضرورة من اللّغة كالأسد في الشّجاع والبد في النّعمة والغيث في النّيات والأصابع في الأنامل وبنصّ أهل اللّغة على أنّه مجاز كان يصرحوا باسمه أو حدّه أو خاصّته وقد يشكل التمييز بين الحقيقة والمجاز من كتب اللّغة حيث إنّ الأكثرين خلطوا بين المعاني الحقيقيّة والمجازية بحيث يصعب الفرق بينهما غالبا إذ لم يصرحوا بالاسم ولا بالحدّ والخاصّة إلاّ نادرا لكنّ الظّاهر أنّهم متى قالوا اسم لكذا أو كذا فإنّما يعنون به الحقيقة وإذا قالوا قد يقال لكذا وقد يطلق على كذا أو جاء أو يجيء لكذا فإنّما يعنون المجاز وقد ذكر بعض المحقّقين أنّ أوّل ما يذكرونه في العنوان مقدّما على غيره هو المعنى الحقيقي لبعد تقديم المجاز على الحقيقة في الذّكر وكذا في كون الجميع مجازات وهو قريب انتهى وأقول إن ما استقر به ممّا نقله أخيرا عن بعض المحققين واضح المنع