لأنّ مجرّد الاستبعاد لا يفيد شيئا وقد حصل منه ظن فلا دليل على اعتباره إلاّ على القول باعتبار مطلق الظنّ في الأوضاع لكنّ الكلام في حصول الظنّ بما ذكره الرّابع قد صرّح صاحب المعالم بعدم عمل العاملين بالقياس في الأحكام به في اللّغات وقال العلاّمة الطّباطبائي في شرح الوافية اعلم أنّ بعض النّاس ذهب إلى أنّ اللّغة تثبت بالقياس إذا كان بين الأصل والفرع جامع يصلح للعلية كتسمية النبيذ خمرا إلحاقا له بالعقار لمعنى مشترك هو التخمير للعقل وكذا تسمية اللائط زانيا والنّباش سارقا لجامع الإيلاج المحرّم والأخذ بالخفية انتهى أقول إنّ للناس في ذلك مذاهب أحدها المنع مطلقا كما عن الصّيرفي والقاضي في أحد النقلين وابن القطان وإمام الحرمين والغزالي والآمدي بل معظم الشافعية والحنفيّة وثانيها الجواز كذلك وعزاه جماعة إلى أكثر الشّافعية كالقاضي أبي طيب وابن برهان والسّمعاني ومن القائلين به ابن سريج وابن أبي هريرة وأبو إسحاق الشيرازي والإمام وثالثها أنّه يجوز ولكن لم يقع حكاه ابن فورك ورابعها ما حكاه السّمعاني عن ابن سريج واختاره من جواز ثبوت اللّغة بالقياس في الأسماء اللغويّة دون الشّرعيّة وخامسها أنّه تثبت به الحقيقة دون المجاز قبل هذا يخرج من كلام القاضي عبد الوهّاب وسادسها جوازه في غير أسماء الله تعالى وأدلّة هذه الأقوال مذكورة في الكتب لا يهمنا نقلها بعد بطلان أصل القياس في مذهبنا الخامس عن يونس وأبي عمر أنّهما قالا ما وصلنا ممّا قالت العرب إلاّ أقلّه وقال البرماوي شمس الدّين محمّد بن عبد الدّائم بن موسى الشّافعي في الفوائد السّنية قال الشّافعي في الرّسالة لسان العرب أوسع الألسنة لا يحيط بجميعه إلاّ نبي ولكنّه لا يذهب منه شيء على عامّها والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه لا نعلم رجلا جمع السّنن فلم يذهب منها عليه شيء وتوجد مجموعة عند جميعهم ونقل ابن فارس في فقه العربيّة عن بعض الفقهاء أنّه لا يحيط بها نبي قال وهو كلام خليق أن يكون صحيحا قال وما بلغنا عن أحد من الماضين أنّه ادعى حفظ اللّغة وما وقع في آخر كتاب الخليل أن هذا آخر كلام العرب فالخليل أتقى لله من أن يقول ذلك وذهب علماؤنا أو أكثرهم إلى أنّ الّذي انتهى إلينا من كلام العرب هو الأقلّ فلو جاءنا جميع ما قالوه لجاءنا شعر كثير وكلام كثير انتهى كلام البرماوي السّادس قال البرماوي قال ابن الحاجب إذا خرج بعض العرب عمّا عليه النّاس واستعمال الفصحاء كان مردودا عند أهل التّحقيق لأنّ قبولنا إيّاه أنّما هو لغلبة الظنّ بوفق ما وضعه الواضع فإذا خالف استعمال الفصحاء غلب على الظنّ النقيض فزال الموجب لقبوله انتهى وفي إطلاقه تأمل (قوله) الإجماع المنقول بخبر الواحد اعلم أنّ الإجماع إمّا محصّل أو منقول والمحصّل إمّا قطعي أو ظنّي والمنقول إمّا منقول بالتواتر أو بالآحاد وما عدا الأخير خارج من محل الكلام والمراد بالمنقول بالتواتر أن يكون عدد المدعين للإجماع وكذا الطبقات اللاحقة بالغين حدّ التّواتر وقد جعل المصنف رحمهالله ذلك عند الاستدلال على حجيّة أخبار الآحاد بالإجماع من قبيل المحصّل فلاحظ وتدبّر ثمّ إنّي قد بسطت ذيل الكلام في هذه المسألة في كتابنا المسمّى بعناية المأمول فمن أراد الوقوف على حقيقة الحال فليراجع هناك لأنا لا نورد هنا إلا ما دعت الضّرورة إلى بيانه (قوله) والمقصود من ذكره هنا إلخ لا يخفى أنّ الأولى تقديم الكلام في حجيّة خبر الواحد على الكلام في الإجماع المنقول لأنّ الفرض ابتناء حجيّة الثّاني على بيان مقدار دلالة أدلّة الأوّل (قوله) من الأقسام إلخ من كونه صحيحا أو موثّقا أو حسنا أو ضعيفا أو كونه آحادا أو مستفيضا أو متواترا أو مسندا أو مرسلا أو غير ذلك من أقسام الخبر والوجه في الكلّ واضح نعم قد يقال بعدم تأتي قسم المضمر والمقطوع وقد يسمى بالمنقطع وهو الموقوف على الصّحابي ومن بحكمه وكذا الموقوف وهو ما روي عن صاحب المعصوم من غير أن يسنده إلى المعصوم عليهالسلام في الإجماع المنقول لأنّ الثلاثة المذكورة قد اعتبر فيها احتمال كون الرّواية عن غير المعصوم مع قطع النّظر عن القرائن الخارجة بخلاف الإجماع المنقول لأنّه نصّ في الدّلالة على قول الإمام عليهالسلام أو رضاه سواء كان السّند مقطوعا أو مرفوعا أو كان المدعي له مكنيّا عنه بالضّمير اللهمّ إلا أن يدعى عروض هذه الأحوال بالنسبة إلى المدعي بأن يراد بالمضمر ما كنّي فيه عن المدّعي بالضمير وبالمقطوع والمرفوع ما أضيفت دعوى الإجماع فيه إلى غير المدعي بأن علم أن المدعي غير من أضيفت إليه وإن لم يعرف المدعي بشخصه أو اسمه (قوله) ويلحقه ما يلحقه من الأحكام إلخ من أحكام التعادل والتّرجيح وتخصيص العام منه بخاصّه وجواز تخصيص الكتاب به وعدمه ونحو ذلك وفي إطلاق هذا الحكم نظر لأنّ حمل العام على الخاصّ الصّادرين عن متكلم واحد أو متكلمين في حكم متكلم واحد أنّما هو من جهة أنّ حمل كل منهما على ظاهره موجب لإرادة المتنافيين وهو خلاف الحكمة فتعين حمل العام على الخاص لقوّة دلالة الخاص وهذا الوجه غير جار في إجماعين عام وخاص مع اختلاف مدعيهما لأنّ المدّعي للإجماع على العموم يدعي العلم برضا الإمام عليهالسلام به والمدعي له على الخصوص يدعي العلم برضاه به ولا يجري حكم متكلم واحد عليهما لعدم تنافي إرادة أحدهما للعموم بحسب اعتقاده والآخر للخصوص كذلك إذ مدعى العموم ربّما يكون مخطئا في دعواه بخلاف اللفظين المسموعين عن الإمام عليهالسلام لأنّ حكمه بالعموم أنّما هو مع كون حكم الخصوص في النظر وكونه معصوما من الخطاء(قوله) يحصل بتقديم أمرين إلخ وجه الحاجة إلى الأمرين أنّه قد تدعى الملازمة بين حجيّة الإجماع المنقول وخبر الواحد نظرا إلى كون كلّ منهما نقلا لقول المعصوم عليهالسلام فيدلّ على حجيّة الأوّل ما يدلّ على حجيّة الثّاني فبيّن في الأمر الأوّل أنّ خبر الواحد إخبار عن قول المعصوم عليهالسلام عن حسّ والإجماع المنقول إخبار عنه عن حدس وأدلة أخبار الآحاد أنّما تدل على حجيّة الأوّل دون الثّاني وقد تدعى الملازمة بينهما مع تسليم عدم دلالة أدلّة أخبار