غير الموافقة للقواعد الشرعيّة والعامل بأقوال أهل اللّغة إمّا هو الأدباء المتحلّين بالعلوم الأدبيّة فاهتمامهم بضبط اللغات وعنايتهم في حفظها وتدوينها واستمرار عادتهم على الرّجوع إلى كتب اللغة وإن كان ثابتا إلا أنّ ذلك لمسيس حاجتهم إلى ذلك في نظم الأشعار وجمع الخطب والرّسائل وحل الألغاز ومشكلات الألفاظ في محافل الرّؤساء والسّلاطين لأنّهم كانوا يدخلون عليهم ويتردّدون إليهم بالمدح والتوصيف بالأشعار والخطب ويصلون بذلك إلى الصّلات الكثيرة والعطايا الجزيلة ويطلبون به الجاه عندهم والتّقرب إليهم وكانوا ربّما ينازعون في مجالسهم في معاني الأشعار والخطب وبخطإ بعضهم بعضا فيحتاجون إلى مراجعة كتب اللّغة وضبطها وقصّة سيبويه والكسائي مشهورة قيل إنّ العرب أرشوا في موافقة الكسائي أو إنهم علموا مكانه عند الرّشيد وكان هذا عمدة السّبب في تدوين كتب اللّغة بل وسائر علوم الأدب أيضا وهذا حال الأدباء لا دخل لها فيما نحن فيه وأمّا العلماء الأعلام فلم يظهر منهم أيضا الرّجوع إلى كتب آحاد أهل اللّغة واعتمادهم عليها في إثبات الأحكام الإلزاميّة المخالفة للأصول والقواعد بحيث يحصل منهم الإجماع على ذلك لأن إجماعهم في الجملة وإن كان مسلما إلا أن عملهم يحتمل أن يكون مع اجتماع شرائط الشّهادة من العدد والعدالة ونحوهما كما اعتبروها في سائر المقامات ويحتمل أن يكون في موارد حصول العلم بمجرّد ذكر لغوي أو أزيد أو مع انضمام سائر القرائن الخارجة أيضا أو في مقام لا يتعلق بالتّكليف كتفسير الخطب والآيات والأخبار الواردة في القصص والحكايات أو يتعلق به لكن في موارد يتسامح فيها كالسّنن والمكروهات أو في مورد ثبت التّكليف فيه بالواقع بالدليل اللّفظي مع إجمال المراد منه وعدم إمكان الاحتياط فيه وبالجملة أنّ الإجماع المدّعى في المقام عملي فلا بدّ فيه من الاقتصار على المتيقّن من مورد عملهم وهو غير مفيد للمدّعى ومنه يظهر ضعف ما نقله عن المحقق السّبزواري من بناء العقلاء على اعتبار قول كلّ ذي فنّ بارع في فنّه وكل ذي صنعة مبارز في صنعته لأنّ هذا أيضا إجماع تقييدي لا اعتداد به مع إجمال جهة عملهم بقول أهل الخبرة بحسب الموارد لأنّ عمل العلماء بقول الطّبيب أنّما هو لدفع الضّرر المظنون في مخالفته وهو ممّا استقل به العقل وعدم عملهم بقول غيره في الطب مع فرض إفادته للظنّ أنّما هو لكون الظنّ الحاصل من قول غيره كالوهم عند العقلاء والعقل بعد ملاحظة بناء العقلاء على عدم الاعتداد به يرجع فيه عن عموم حكمه بوجوب دفع الضّرر المظنون نعم ربّما يحتاطون حينئذ بالرّجوع إلى الأطبّاء لأنّ قولهم إمّا يؤكّد هذا الظنّ بالموافقة أو يزيله بالمخالفة ومن هذا الباب رجوع المقلّد إلى المجتهد في الأحكام الشّرعية في وجه لأن ذلك أيضا لأجل دفع الضّرر المظنون والظنّ الحاصل للمقلّد من الأدلّة هنا أيضا كالوهم لغاية بعده عن إدراك الأحكام الشّرعيّة وعملهم بقول علماء الرّجال إمّا من باب الشهادة كما يظهر من جماعة كالأردبيلي وصاحبي المدارك والمعالم حيث اعتبروا فيه العدد والعدالة وإمّا من باب الرّواية وهو المعروف فيما بينهم وإمّا من باب الظّنون الاجتهاديّة كما يظهر من الوحيد البهبهاني واعتبارهم لقول المقوّم في قيم المتلقات وأروش الجنايات أنّما هو من باب الشهادة ولذا اعتبروا فيه العدد والعدالة وبالجملة أنّ جهة عملهم في أمثال هذه الموارد مختلفة أو مجهولة نعم الخبرة معتبر عندهم وبمجرّد ذلك لا يمكن إثبات حجيّة قول أهل اللّغة نعم لو كان عملهم بقول أهل الخبرة من حيث خبرتهم بأن كانت الخبرة علّة تامّة لعملهم تمّ ذلك وإذ ليس فليس (قوله) ونحو ذلك إلخ مثل كون الأخبار مستند إلى الحسّ دون الحدس والاجتهاد(قوله) وإمّا في مقام إلخ مع اشتراط عدم إمكان الاحتياط وإلاّ فلا دليل على جواز العمل بالظنّ حينئذ كما أشرنا إليه سابقا(قوله) بأنّ أكثر مواد اللغات إلخ يؤيّده أنّ بيان الأحكام الشّرعيّة أنّما ورد على حسب إفهام أواسط النّاس لعدم تعلق غرض الأئمّة عليهمالسلام في ذلك بإيراد الكلام على سبيل الإعجاز لتمس حاجتهم إلى إيراد الألفاظ المشكلة على حسب ما يقتضيه المقام ليحتاج في فهم معانيها إلى كتب اللّغة ويقتصر فيه على ما يحصل منها من الظنّ فمعاني أكثر الألفاظ المستعملة في بيان الأحكام الشرعيّة معلومة لا محالة على نحو ما قربه المصنف ره (قوله) أو التبادر بضميمة إلخ ظاهره اعتبار التّبادر الإطلاقي في إثبات الأوضاع وهو خلاف ما حققناه في محلّه (قوله) فيثبت به كونه إلخ هذا مبني على القول باعتبار الأصول المثبتة كما أنّ القول باعتبار التبادر الإطلاقي لإثبات الأوضاع مبني عليه (قوله) لقلة مواردها إلخ دعوى قلّة مواردها بحيث لا يلزم من العمل بالأصول والقواعد فيها محذور في غاية الإشكال بل تمكن دعوى فساده كما هو واضح على المطلع على الفقه (قوله) نعم سيجيء أن كلّ من إلخ يرد عليه أوّلا منع اقتضاء انسداد باب العلم في الأحكام جواز الاكتفاء بمطلق الظنّ في الأوضاع مع فرض الانفتاح فيها إذ الوصول إلى الواقع مطلوب شرعا وعقلا فحكم العقل بالاكتفاء بالطّرق الظنّية في نفس الأحكام لا يستلزم حكمه بجواز الاكتفاء بظنّ يستلزم هذا الظنّ ولذا ترى أنّ القائلين بالظنون المطلقة في نفس الأحكام قد عملوا بالظّواهر من باب الظّنون الخاصّة سوى ما يتراءى من المحقّق القمي رحمهالله حيث عمل بالظواهر من باب الظنون المطلقة أيضا وثانيا أنّ التمسّك بهذا الدّليل خروج من موضوع الكلام في المقام لأنّ الكلام أنّما هو في إخراج قول اللّغوي من تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ من حيث كونه قول لغوي وعلى تقدير تسليم انسداد باب العلم بالأحكام تنقلب أصالة الحرمة إلى أصالة الجواز فلا يبقى مجال لدعوى خروج قول اللّغوي من تحت الأصل أصلا(قوله) هذا ولكن الإنصاف إلخ كان المصنف رحمهالله قبل الدّورة الأخيرة من مباحثته الّتي لم تنم له وأدركه هادم اللّذات في أثنائها مقوّيا لعدم