أو بوجود القرينة المعتبرة بأن يشخص بالظنّ أنّ الوقوع عقيب الخطر قرينة معتبرة عند العرف وإمّا أن علم بكونه قرينة عندهم فهو خارج ممّا نحن فيه وإن كانت دلالته حينئذ ظنّية أيضا وعلى المقام بحث وهو أن نزاعهم في اعتبار الظنّ بالأوضاع وعدمه مختص بالظنّ الحاصل بأوضاع مواد الألفاظ لإجماعهم كما صرّح به صاحب الفصول في بعض كلماته على ما هو ببالي على عدم حجيّة الظنّ بأوضاع الهيئات وإن كان حاصلا من قول أهل اللّغة والسّر فيه ثبوت طريق العلم بأوضاع الهيئات لعدم اختلاف معانيها باختلاف اللغات فيمكن معرفتها بالرجوع إلى العرف وملاحظة مرادفها من سائر اللّغات بخلاف مواد الألفاظ وفي حكم الهيئات ما يمكن معرفة وضعه بالرّجوع إلى العرف من المواد مثل لفظ الواو والفاء ونحوهما من الحروف ولذا ترى الأصوليّين قد عنونوا الكلام في إثبات أوضاع الهيئات وجملة من الحروف من دون تعرّض لسائر المواد ولكن الإنصاف أنّ ذلك في الحروف محلّ نظر بل منع ومن هنا لعلّه قد طوى الكشح عن ذكر معاني الحروف أواخر المتأخرين في كتبهم الأصوليّة وكيف كان فالظّاهر تحقّق إجماعهم على عدم اعتبار الظنّ بالأوضاع في الهيئات ومن هنا يظهر أنّ تمثيل المصنف رحمهالله للمقام بصيغة افعل والجملة الشّرطية خارج من محلّ النّزاع ولعلّه لم يعتد بالإجماع المذكور لعدم تحققه عنده (قوله) عدا وجوه ذكروها إلخ هذه الوجوه على ما يظهر من طي كلماته أربعة أحدها الإجماع قولا وعملا الثّاني بناء العقلاء على العمل بقول اللغويين بل بقول كلّ ذي صنعة مبارز في صنعته وبارع في فنّه الثالث مسيس الحاجة إلى اعتباره وإلاّ انسداد باب الاستنباط عن الأدلّة اللّفظية الرّابع انسداد باب العلم بالأحكام الشرعيّة المستلزم لاعتبار قول اللغويين بتقريب ما ذكره المصنف رحمهالله وهنا وجه خامس وهو تقرير الأئمة عليهمالسلام للعمل بما في كتب اللّغة كما سنشير إليه (قوله) في إثبات جزئي من جزئيات إلخ اعلم أن ما يحصل منه الظنّ بالأوضاع أمور يختلف الظنّ الحاصل منها باختلافها قوّة وضعفا منها قول أهل اللّغة سيّما إذا كان من المعروفين بالضّبط وكثرة التّتبع مثل الخليل والأصمعي وابن سكيت والجوهري ومنها اشتهار المعنى بين الفقهاء ومنها قول الفقيه بأن يفسّر لفظا بمعنى ومنها سائر الأسباب المفيدة للظنّ من دون اختصاص بسبب دون آخر ممّا لم يقطع بعدم اعتباره كالقياس على ما ذكره صاحب المعالم من عدم عمل العاملين بالقياس به في إثبات الأوضاع وهذه أمور مفيدة للظنّ متدرّجة في الاعتبار قوّة وضعفا وأقواها أوّلها(قوله) والمراد بالظنّ المطلق إلخ فيه نظر لأنّ الظاهر أنّ المناط في الفرق بينهما أن الظنّ المطلق كلّ ظنّ كان اعتباره بهذا الوصف العنواني من دون خصوصيّة لسبب فيه سواء كان المثبت له هو دليل الانسداد المعروف أو غيره إذ لو فرض انعقاد إجماع أو ورود خبر قطعي على اعتبار الظنّ مطلقا من أيّ سبب حصل كان هذا مطلقا كما يشعر بما ذكرناه وصفه بالإطلاق والظنّ الخاص كلّ ظنّ اعتبره الشّارع باعتبار عنوان خاص من جهة الأسباب أو غيرها سواء كان المثبت له دليل الانسداد أم غيره ولذا ترى صاحب المعالم أنّه مع عدم عمله إلاّ بالخبر الصّحيح الأعلى قد استدل عليه بدليل الانسداد وهذا وإن كان فاسدا في نفسه إلا أنّه يدلّ على عدم كون المناط في تسمية الظنّ الخاصّ بهذا الاسم هو كون دليله غير دليل الانسداد لكن عذر المصنف رحمهالله فيما ذكره واضح لأن دليل الانسداد لما كان مقتضاه بحسب الواقع اعتبار الظنّ مطلقا وكان مقتضى غيره من الأدلّة اعتبار صنف خاصّ من الظّنون فسامح في جعل المناط في الفرق بينهما ما ذكره والأمر فيه سهل (قوله) باتفاق العلماء إلخ ممن ادعى الاتفاق في المقام هو العلاّمة الطّباطبائي قال في شرح الوافية ويدل على حصول الظنّ وحجيّته معا إطباق علماء الأمصار في جميع الأعصار على الحجيّة والاعتبار من دون توقف وإنكار فإن المفسّرين والمحدّثين والعلماء والأصوليين والفقهاء والأدباء على كثرتهم واختلاف علومهم وفنونهم لم يزالوا في وضع اللّغات وتعيين معاني الألفاظ يتمسكون بأقوال اللغويين ويعتمدون عليها ويراجعون الكتب المدونة في اللّغة قد جرت بذلك عادتهم واستمرّت طريقتهم حتّى إنّهم في مقام التّخاصم والنّزاع في اللّغة إذا استند أحدهم إلى نصّ لغوي موافق لمقالته التزم به خصمه أو عارضه ببعض آخر يقابله ولم يقل هذا خبر واحد وهو لا يفيد الظنّ وعلى تقدير إفادته فلا عبرة به إذ الحجّة هو القطع دون غيره ولو لا أن حصول المظنّة واعتبارها معا من الأمور المقرّرة المعلومة لديهم بل الضّرورية عندهم لما أمسكوا عن النكير إلى أن قال وناهيك في ذلك اعتناء الأكابر والأماثل بجمع اللّغة وضبطها وتدوينها وحفظها حتّى صنفوا فيها الكتب المشهورة والمؤلفات المعروفة وما فعلوا ذلك إلا لتكون الكتب المؤلّفة مرجعا لمن بعدهم من العلماء ومنهلا لمن يأتي من الفضلاء والأدباء ليأخذوا منها ويصدروا عنها إلى أن قال مع أنّ تدوين اللّغة بعد تحصيل المائة الثانية من الهجرة في زمان الصّادق والكاظم والرّضا عليهمالسلام وقد شاع غاية الشّيوع في المائة الثّالثة ولم ينقل عن الأئمة ولا غيرهم من التابعين إنكار ذلك أصلا بل ورد عنهم ما يقتضي الحثّ على تعلم اللّغة والمعرفة بوجوه اللّفظ كما يظهر لمن تتبع الأخبار انتهى وأقول أما ما ادعاه من الإجماع فيظهر منعه ممّا أجاب به المصنف رحمهالله وسنشير إلى زيادة توضيح لذلك وأما ما ادعاه من تقرير الأئمة عليهمالسلام فيرد عليه منع وجود خبر يدل على تقريرهم عليهمالسلام للعمل بقول أهل اللّغة ومجرّد عدم نقل إنكارهم لا يدل على رضاهم بذلك بل القطع بعدمه أيضا لا يدلّ عليه لاحتمال التقيّة والخوف وأمّا الحثّ على تعلمها هو أيضا لا يدلّ على جواز الاكتفاء فيها بالظنّ إذ لعلّه لأجل تحصيل العلم (قوله) وفيه أنّ المتيقّن من هذا الاتفاق إلخ توضيحه أنّ محلّ الكلام في المقام هو جواز العمل بقول اللّغوي غير المفيد للعلم في الأحكام الإلزاميّة