وأمّا الثّاني فإنّ الشّكّ في عموم الحكم المستفاد من الكلام المتضمّن للعام تابع لظهور اللّفظ في العموم وعدمه ومع ظهوره فيه لا يبقى مجال للشّكّ في عموم الحكم مع أن المقام من قبيل الشّكّ السّاري لأنّ الشّكّ في المخصّص مستلزم للشكّ في إرادة العموم من أوّل الأمر وسيأتي في محلّه عدم الاعتداد بالشّكّ السّاري (قوله) لكنه تفصيل في العمل بأصالة الحقيقة إلخ توضيح الكلام في هذا التّفصيل أنّ اللّفظ أو المقام قد يعلم بصلاحيّته لصرف اللّفظ عن حقيقته لكن يشكّ في وجوده وتحقّقه وحكمه ما تقدم قبل الحاشية السّابقة من نفيه بالأصل المجمع عليه وقد يعلم بوجوده ويشكّ في صلاحيّته للصّرف وله أمثلة منها المخصّص المتعقب بجمل متعددة بناء على حصول الشّكّ في عوده إلى ما عدا الأخيرة ومنها المجاز المشهور بناء على حصول الشّكّ في كون الشّهرة قرينة صارفة له عن الحقيقة ومنها الضّمير العائد إلى بعض مدلول العام بناء على الشّك في كونه مخصّصا للعام ودوران الأمر بينه وبين الإضمار ومنها الأمر الواقع عقيب وهم الخطر على القول بالتوقّف ومنها لفظان أحدهما مبيّن والآخر مجمل يصلح الأوّل بيانا للثّاني والثاني مورثا للإجمال في الأوّل إلى غير ذلك والحقّ وفاقا للمفصل والمصنف رحمهالله التّفصيل بين ما اقترنت بالخطاب فيه حال أو مقال كالشّهرة ونحوها ممّا لا ينفك عن الخطاب مطلقا أو غالبا وبينما انفصل عنه بالحكم بالإجمال في الأوّل والحمل على الحقيقة في الثّاني والفاصل بينهما هو العرف لبنائهم على أصالة الحقيقة في الثاني دون الأوّل سواء قلنا باعتبار الظواهر من باب الظنّ شخصا أم نوعا أو من باب التّعبد العقلائي ومن هنا يظهر فساد ما قدّمناه في بعض الحواشي السّابقة عن صاحب المفاتيح من نسبة القول باعتبار الظّواهر من باب الظنّ الشّخصي إلى المحقّق الخونساري من جهة عدم حكمه بأصالة الحقيقة فيما عدا الأخير من العمومات التي تعقبها مخصّص صالح للعود إلى الأخير والجميع ووجه الفساد كون ذلك أعم من المدعى إذ نحن مع قولنا باعتبار الظواهر من باب التعبّد أو الظن النّوعي لا نحكم بأصالة الحقيقة وإرادة العموم فيما عدا الأخير لأجل ما عرفت من صيرورة اللّفظ مجملا بعد اقترانه بما يشكّ في صلاحيته للقرينة لعدم حصول الظنّ النّوعي حينئذ أو عدم ثبوت تعبّد العقلاء به نعم قد ذهب جماعة هنا إلى إعمال الأصل والحكم بإرادة العموم فيما عدا الأخير كصاحب المعالم وغيره لكنّ الحقّ ما عرفت من التفصيل بين المتّصل والمنفصل (قوله) تفصيل آخر ضعيف إلخ حاصله التفصيل في الأمر الموجود الّذي يشك في كونه قرينة بين المعتبر منه وغيره بالقول بالإجمال في الأوّل دون الثّاني سواء كان متّصلا أو منفصلا وهو في الحقيقة تفصيل في بعض شقوق التفصيل المتقدّم وحاصل ما أجاب به المصنف رحمهالله تسليم الإجمال في المتّصل مطلقا ومنعه في غيره كذلك (قوله) خطاب مجمل إلخ مثل لا تكرم زيدا في المثال المتقدّم (قوله) احتمال خطاب آخر لكونه إلخ اللاّم صلة متعلّقة بقوله احتمال (تنبيه) هل يجب الفحص عن القرينة في العمل بأصالة الحقيقة أم لا وليعلم أنّ الكلام في المقام أنّما هو فيما لم يحصل العلم الإجمالي بوجودها إمّا بأن يفرض الكلام بالنسبة إلى من انفتح عنده باب العلم بالأحكام غالبا كالسّيّد وأمثاله وإمّا بأن يفرض بالنّسبة إلى من غفل عن العلم الإجمالي في المقام وإلاّ فلا إشكال في وجوب الفحص في الجملة على ما سنشير إليه وما يظهر من جماعة من عدم وجوب الفحص عن المخصّص حتّى مع العلم الإجمالي به ممّا لا يصغى إليه كما قرّرناه في محلّه وربّما يظهر من حجّة من منع من وجوب الفحص عن المخصّص عدم وجوب الفحص عن القرينة في المقام بل ربّما يظهر منها كونه اتفاقيا حيث استدلّ عليه بأنّه لو وجب الفحص عن المخصّص لوجب طلب المجاز في التّمسّك بالحقيقة ولا يجب ذلك في الحقيقة اتفاقا وقال المحقق القمي رحمهالله في مقام الجواب عن هذه الحجّة إنا لا نتفحص في العام عن المخصّص لاحتمال أن يكون المراد معناه المجازي بل لأن وجود دليل خاص برفع أحكام بعض أفراد العام محتمل أو مظنون وإن آل ذلك إلى حصول التجوّز في العام بعد ظهوره فتداخل البحثين لا يوجب كون كلّ منهما مقصودا بالذات انتهى وهو كما ترى صريح في وجوب الفحص عن المخصّص في العمل بالحقيقة في العام لكن لا من حيث كونه قرينة بل من حيث كونه معارضا لحكم بعض أفراد العام والتّحقيق عدم وجوب الفحص عن القرينة ولا المعارض في العمل بالحقيقة بعد ما تقدم سابقا من كون أصالة الحقيقة معتبرة من باب الظّنون الخاصّة لعدم الدّليل عليه بعد بناء العرف على العمل بالحقيقة من دون اعتبار الفحص لأجل احتمال وجود القرينة أو المعارض نعم لو حصل العلم إجمالا بوجود القرينة أو المعارض يجب الفحص حينئذ مقدارا يرتفع به العلم الإجمالي والفحص حينئذ ليس من جهة العمل بالحقيقة بل لصيرورة الظاهر مجملا بسبب العلم الإجمالي فلا حقيقة حينئذ حتّى يجب الفحص بل الفحص حينئذ لرفع الإجمال الطّارئ لا للعمل بالظّاهر وكيف كان فمع العلم الإجمالي إذا تفحّص مقدارا يرتفع به العلم الإجمالي لا يجب الفحص بعده مقدارا يحصل به الظنّ بعدم القرينة أو المعارض أو اليأس عنهما كما هو ظاهر جماعة بل صريحهم في إيجاب الفحص عن المخصّص في العمل بالعام بل لا معنى لذلك بعد اعتبارهم للظواهر من باب الظنّ الخاص إذ اعتبارهم الظنّ بالعدم أو اليأس عن المعارض مثلا أنّما يناسب القول باعتبارها من باب الظنّ المطلق الّذي يلزمه اعتبارها من باب الظنّ الشّخصي إذ مع فرض القول بها من باب الظنّ الخاصّ لا وجه لذلك أصلا والعجب ممّن اعتبر الفحص بمقدار لا يلزم منه تعطيل الأحكام لأنّ ذلك تحديد للظهور العرفي بدليل شرعي أو عقلي وهو واضح البطلان (قوله) فهو الظنّ الّذي يعمل التشخيص إلخ توضيح المقام أنه لا إشكال في اعتبار الظن الحاصل بالمراد بعد العلم بالوضع أو القرينة الظنّية الدّلالة ومرجعه إلى اعتبار الظواهر بعد القطع بالظهور النّاشئ من العلم بالوضع أو وجود القرينة الظنّية الدّلالة والكلام أنّما هو في اعتبار الظنّ بالظّهور الناشئ من الظنّ بالوضع