انّ الرّواية بظاهرها تدلّ على انّ ارتكاب الشّبهة مظنّة لأرتكاب الحرام وانّ اشتباه حكم المحرّم لا يوجب زوال حرمة الفعلية وليس لها دلالة على حرمة المشتبه على تقدير عدمه حرمته فى الواقع بل ظاهرها عدم تحريمه حينئذ كما يستفاد من قوله وهلك من حيث لا يعلم اذ لو كان حراما لكان الهلاك من حيث يعلم فلا بدّ من تاويلها ويمكن تنزيلها على انّ المكلّف اذا تجرّى على فعل الشّبهة تجرّى على الحرام ايضا فيكون الهلال باعتبار فعل المحرّم دون الشّبهة فقوله هلك من حيث لا يعلم اى من حيث جهله بانّ ارتكاب الشبهات يؤدى الى ذلك فلا تدلّ على تحريمها واعلم انّ هذا الدّليل لو تمّ لدلّ على تحريم المجهول فى الظّاهر سواء صادف الحرام الواقعى ام لا وامّا القول بتحريمه فى الواقع مطلقا فناش عن عدم تحقيق الفرق بين الحكم الواقعىّ والظّاهرى وقد بيّنا سابقا انّ كلّ حكم يتعلّق بالمكلّف لجهله بالواقع حكم ظاهرى لا واقعى فالحكم بحرمة غير المحرّم للجهل بعدم حرمته حرمة ظاهرية لا غير احتج القائلون بوجوب الاحتياط مطلقا بالعقل والنّقل امّا الاوّل فللقطع بثبوت الأشتغال بالاحكام الشّرعيّة فيجب ان لا يحكم بالبرائة الّا بعد اليقين بها ولا يقين الّا مع الأحتياط وامّا الثّانى فلقوله دع ما يريبك الى ما لا يريبك فانّ العمل بالأحتياط مما لا ريب فى حصول البرائة به بخلاف غيره فيجب تركه اليه ويدلّ عليه ايضا قوله (ع) ادى لك ان تاخذ بالحائطة لدينك والجواب امّا عن الاوّل فبانّ اليقين بالبرائة انّما يجب تحصيله على القدر الثّابت المعلوم من الاشتغال وامّا الأشتغال المحتمل فلا يجب تحصيل اليقين بالبرائة عنه وامّا عن الثّانى فبالحمل على استحباب العمل بالأحتياط دون الفتوى لانّ الفتوى بمقتضى الاصل متعيّنة جمعا بينها وبين ما دلّ على عدم وجوب الاحتياط كقوله (ع) فانت فى سعة حتى تلقى صاحبك مضافا الى الرّوايات السّابقة المعتضد لا بالعقل والشّهرة العظيمة مع ما فيها من الملائمة للطّريقة السّمحة السّهلة احتج القائلون بوجوب التّوقف بقوله تعالى (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وقوله تعالى (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) فانّ القول بالبرائة عند الجهل بالحكم اتّباع لما لا علم به وقول على الله بما لا يعلم فيكون حراما بنصّ الايتين وقريب منها الايات الدّالة على تحريم الحكم بغير ما انزل الله حيث انّ الحكم بالأباحة فيما يحتمل غيرها يحتمل ان يكون حكما بغير ما انزل الله فيجب الكفّ عنه دفعا لخوف ضرر الوقوع فى الحرام ولقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التّهلكة ولظاهر جملة من الاخبار منها قول الصادق (ع) فى موثقة حمزة بن طيّار لا يسعكم فيما نزل الله بكم مما لا تعلمون الّا الكف عنه والتّثبت والرّد الى ائمة الهدى الحديث وقول الكاظم (ع) فى موثقة سماعه ما لكم والقياس انّما هلك من هلك من قبلكم بالقياس ثم قال اذا جائكم ما تعلمون فقولوا به وان جائكم ما لا تعلمون فها واهوى