بالنّدب والكراهة وذهبت الأخبارية على ما نقل عنهم الى انّه حجّة فيما لا يحتمل التّحريم واختلفوا فيما يحتمله الى اقوال لنا على المختار وجوه الاوّل قطع العقل بالبرائة عند عدم امارة الاشتغال وقبح التّكليف بدون الاعلام وقد سبق بيانه انفا فلا نطيل باعادته الكلام الثّانى استصحاب البرائة الثابتة فى حال الصّغر وشبهه فانّ قضيّة عموم ادلّته كما سيأتى عدم اختصاص مورده بغير البرائة ولا يخفى انّ هذا الدّليل اخصّ من المدّعى اذ بين مورد الأستصحاب ومورد البرائة عموم من وجه لجريان الأستصحاب فى غير مورد البرائة وجريان اصل البرائة حيث لا يتقدم برائة كمن علم بوقوع جنابة وغسل عمّا فى الذّمّة منه وشكّ فى التّاخّر فانّ قضية اصل البرائة هنا عدم تحريم جواز المسجدين واللّبث فى المساجد وقرائة العزائم عليه مع انّه لا مسرح للاستصحاب فيها الثالث ما دلّ على نفى التكليف عند عدم ما يدلّ عليه من الكتاب والسّنة فمن الاوّل قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) فانّ الأتيان لا يصدق فيما لا ينصب امارة عليه وفيه تأمّل وقوله تعالى (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) فانّ قضية تخصيص الهلاك والحيوة بصورة وجود البينة نفيها عند انتفائها وقضية ذلك نفى الوجوب والحرمة واخويهما حينئذ على اشكال فى دلالته على نفى الكراهة وقريب منه قوله تعالى (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ) وقد يستدل ايضا بقوله تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) فانّ المتبادر من بعث الرّسول فى المقام هو التّبليغ ويشكل بعد التّسليم بانّ نفى التّعذيب لا يدلّ على نفى الوجوب والحرمة لجواز الأستحقاق والعفو كما مرّ فى رفع حجّة المنكرين للملازمة بين العقل والشّرع ومن الثّانى ما روى فى الصّحيح عن الصّادق (ع) قال قال رسول الله (ص) رفع عن امّتى تسعة وعدّ منها ما لا يعلمون وفى الموّثق ما حجب الله تعالى علمه عن العباد فهو موضوع عنهم وفى رواية عبد الأعلى قال سئلت ابا عبد الله (ع) عمن لم يعرف شيئا هل عليه شيئ قال لا فانّ الرّفع والوضع وعدم شيئ عليه فى معنى البرائة نعم يتمّ الاحتجاج بالرّواية الأخيرة اذا حملت على السّلب الجزئى واستدل بعضهم ايضا بالصّحيح كلّ شيئ يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه وفيه انّ المتبادر من الرواية هو كلّ شيئ اى عين او نوع يشتمل على النّوعين لا على احتمالهما فيعتبر العلم بهما فيه كما هو الأصل فى تشخيص ساير الموضوعات فيختصّ بالشّبهة فى الموضوع دون الحكم احتج القائلون بالتحريم بما رواه فى الكافى عن عمرو بن حنظلة عن الصّادق (ع) قال قال رسول الله (ص) حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن ترك الشّبهات نجى من المحرّمات ومن اخذ بالشّبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم وجه الدلالة انّ كلّ مجهول الحكم شبهة فيحرم نبصّ الرّواية والجواب انّ الرّواية المذكورة على تقدير سلامة سندها محمولة على ارتكاب المشتبه قبل الرّجوع الى المدارك الشرعيّة مع الامكان جمعا بينها وبين ما مرّ من الاخبار المعتضدة بمرجحات عديدة واعلم