فصل اذا عمل مكلّف بمحضر المعصوم عملا فعلم به ولم ينكره عليه بان انتفت موانع الأنكار كالتّقية وطال زمن الفعل بحيث تمكّن المعصوم (ع) من زجره عنه على تقدير حرمته او ظهر منه العزم على المعاودة فانّه يستفاد من ترك الأنكار عدم التحريم فى حق الفاعل على تقدير علم الفاعل بتحريمه وتعليمه حكم التّحريم على تقدير جهله به وفى حق غيره من جهة انّ الحكم الواحد حكم الجماعة واما اذا لم يعلم به او كان هناك مانع من الأنكار كالتّقية وكذا لو كان الانكار غير نافع ولم يكن المعصوم مبسوط اليد على الفاعل او قصر زمان الفعل بحيث لم يسع الأنكار ولم يظهر من فاعله العزم على المعاودة لم يكن فى ترك الأنكار دلالة على الجواز امّا فى ما عدا الاخير فواضح واما فى الاخير فلجواز كونه من الصغائر فيقع من فاعله مكفّرا نعم يدل على عدم كونه من الكبائر قطعا ولو عمل بمحضره عملا من عبادة او معاملة قاصدا به شرعيّته بحيث علم المعصوم به وبنيّته ولم يكن هناك مانع من الانكار دلّ على كون العمل مشروعا صحيحا والّا لانكر عليه لحرمة التشريع وكذا الكلام فى كيفيّة العمل اذا ظهر من حال فاعلها التّعمّد بها والّا جاز ترك الانكار للحمل على السّهو والأشتباه فلو صلّى مصّل بمحضره وترك السّورة او التّشهّد ولم يظهر من حاله التعمّد لم يكن فى ترك الأنكار دلالة على عدم وجوبهما نعم لو قصد عرض صلوته عليه اتّجه ذلك وفى حكم الفعل حكاية الفعل فتستفيد من عدم انكاره لتعويل السّائل على ظنّه حيث قال ظننت ان الأمام ركع فركعت ان التّعويل على الظّن بسبق الأمام جائز الى غير ذلك
المقالة الثّالثة فى الأدّلة العقليّة
والمراد بالدّليل العقلى كل حكم عقلى يمكن التوصل بصحيح النّظر فيه الى حكم شرعى وينقسم الى ما يرجع الى قاعدة التّحسين والتّقبيح العقليّين ومؤدى هذا القسم قد يكون حكما واقعيا كوجوب شكر المنعم وقد يكون ظاهريا كاباحة تناول الاشياء الخالية عن امارات المفسدة واليه يرجع مسئلة اصل البرائة والأستصحاب فى وجه والى ما لا يرجع اليها كحكمه باستلزام تعليق شيئ على شيئ انتفائه عند انتفائه فى الجملة وانّ الأمر بالشيئ لا يجامع النّهى عنه مع وحدة الجهة امّا القسم الاول فقد انكره الأشاعرة اولا من حيث اصله لمنعهم من تحسين العقل وتقبيحه وبعد التنزل انكره كثير منهم من حيث وصفه فمنعوا كونه دليلا على الحكم الشّرعى ووافقهم فى ذلك جماعة من اصحابنا حيث انكروا الملازمة بين حكم العقل والشّرع واما القسم الثانى فالظّاهر اطباق السّلف على حجيّته نعم ربّما يظهر من بعض المتأخرين انكاره ايضا حيث اطلقوا القول بعدم حجيّة الدّليل العقلىّ فصل اختلف القائلون بالقبح والحسن العقليين فى الملازمة بين حكم العقل والشّرع فذهب الاكثرون الى اثباتها مطلقا وصار اخرون الى نفيها كذلك وفصّل بعض فخصّ النفى بالاحكام المتعلّقة بالفروع واثبتها فى الأصول ولا بدّ اولا من تحرير محلّ النّزاع فنقول نزاعهم فى المقام يرجع الى مقامين الاول وهو المعروف بينهم ان العقل اذا ادرك جهات الفعل من حسن او قبح فحكم