على الفعل لعدم مساعدة دليله على ذلك الخامس يعتبر فى التّسامح امران الأوّل ان لا يعارضه دليل التحريم او الوجوب وان كان عموما او اطلاقا فلو ورد دليل على تحريم الغناء مثلا على الأطلاق ووردت رواية ضعيفة دالّة على استحبابه فى قرائة القران او مرثية الحسين (ع) او مجلس العرس لم يعمل بها امّا لانصراف اطلاق روايات الباب عن مثل ذلك او لأنّ رواية النهى تتضمن الثّواب على الترك وهى اقوى مستندا فيتعيّن الترجيح ومن هذا الباب منع البعض عن صلوة الاعرابى نظرا الى معارضة رواياتها لعموم ما دلّ على انّ النّافلة كلّ ركعتين منها بتشهد وتسليم عدا الوتر ومن صلوة الفضيلة وشبهها لمعارضة رواياتها لما دلّت عليه الأخبار المعتبرة من انّه لا تطوع فى وقت فريضة الثانى ان لا يكون شاذا غير معمول به بين الأصحاب او مخالفا لما هو المشهور عنهم لقوله دع الشّاذ النّادر فانّه وان ورد فى الخبرين المتعارضين الّا انّه يعطى عليه الشّدوذ لترك العمل وهى مشتركة وفى حكم التّصريح بالخلاف ما لو ظهر فيهم الاعراض كتركهم التعرض لبيان الحكم فى مقام يقتضى البيان مع كون الرواية بحيث يبعد خفائها عليهم ومن هذا الباب ما ورد فى بعض الأخبار من زيادة بعض الفصول فى الاذان واعراض اصحابنا عنه
القول فى الفعل والتقرير
فصل اختلفوا فى النّاشى بفعل النّبى (ص) فذهبوا الى مذاهب فقيل بالوجوب وقيل بالاستحباب وقيل بالأباحة وقيل بالوقف وموضع النّزاع ما لو فعل فى غير مقام البيان ولم يعلم وجهه ولم يكن فى نفسه من الافعال العادية كالاكل والشّرب والنّوم او كان ولكن اوقعه على وجه غير عادى كمداوته الافطار بالحلو والقيلولة والمختار عندى هو القول بالأستحباب لنا قوله تعالى (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) فانّ المستفاد من هذه الاية حسن التّاسّى والأقتداء بافعاله وهو تقييد الرجحان المشترك بين الوجوب والاستحباب ولا سبيل الى حمله على الوجوب وان قلنا بانّه الظّاهر من اطلاق الطّلب لان اكثر افعاله مندوبة فى حق الكلّ وبعض ما وجب عليه مندوب فى حقّنا فلا يتصوّر وجوب الأقتداء فيها وتخصيصه بما ثبت عدم وجوبه موجبه للتخصيص بالاكثر وهو ابعد من حمل الامر على الاستحباب وحمله على خصوص الأفعال الواجبة فى حقه مع التّخصيص بالبعض او فى حقنا بعيد عن مساق الاية فتنزيل الطّلب المستفاد منه على مطلق الرّجحان اولى احتج القائلون بالوجوب بوجوه منها الاية السّابقة وقد عرفت عدم دلالتها على الوجوب بالبيان الّذى سلف ومنها قوله تعالى (فَاتَّبِعُوهُ) فانّ الاتّباع يعم اتباعه فى الفعل والقول فيجب وقوله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) فانّ مفاده انّ من احب الله اتّبع الرّسول فينعكس بعكس النّقيض الى قولنا من لم يتّبع الرّسول لم يحب الله وحبّه تعالى واجب كما يدل عليه قوله الذين امنوا اشدّ حبّا لله وقوله ان كان ابائكم الى قوله احب اليكم من الله الاية وفى هذا البيان