ثبوت الضّبط على الاصل لأنّه مقتضى الفطرة الأنسانية لو لا عروض المانع المنفى
بالاصل بشهادة الغالب به فلا حاجة الى التّصريح به بل يكفى عدم التّصريح بخلافه او
على خلاف الاصل لكونه صفة حادثة والأصل عدمها وجهان اقويهما الاول لا سيّما
بالنّسبة الى مقام الرّواية لما عرفت من انّ التّعويل فيها على الظّن وبهذا يتضح
الوجه فى جواز الأعتماد على قولهم صالح او متديّن ممّا لا ايماء فيه الى الضّبط
واما قولهم ثقة فهو متضمن للضّبط اذ لا وثوق لغير الضّابط ومثله قولهم مسكون الى
روايته او اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصّح عنه ونحو ذلك فصل قد تداول بين اصحابنا التّسامح فى ادّلة السّنن والمكروهات واثباتها
بالرواية الضّعيفة الغير المنجبرة وخالف فى ذلك بعض متاخرى المتاخرين والمذهب
المشهور هو المنصور ويدلّ عليه امران الاول الأحتياط الثّابت بالعقل والنّقل اما الاول فلانّ
الاتيان بالفعل المحتمل المطلوبيّة دون المبغوضيّة لأحتمال المطلوبيّة وترك الفعل
المحتمل للمبغوضية دون المطلوبية لأحتمال المبغوضيّة راجح عند العقل رجحانا ظاهرا
بالضّرورة واما الثّانى فلما سيأتى فى محله من قوله احتط لدينك وغيره وكما يصدق
الأحتياط على المحافظة على فعل الواجب او ترك المحرّم كذلك يصدق على المحافظة على
فعل المندوب وترك المكروه ولو سلّم عدم الشمول امكن اتمام القول بعدم الفارق الثانى وهو المعروف الأخبار منها الصّحيح المروى فى المحاسن وثواب الأعمال عن هشام بن
سالم عن ابيعبد الله (ع) انّه قال من بلغه شيئا من الثواب على شيئ من الخبر ففعله
كان له اجر ذلك وان كان رسول الله (ص) لم يقله ورواه فى الثانى بسند معتبر عن
صفوان ايضا ومنها الصّحيح المروى فى الكافى عن هشام ايضا عنه انّه قال من سمع شيئا
من الثّواب على شيئ فصنعه كان له اجره وان لم يكن على ما بلغه وفيه ايضا عن محمّد
بن مروان قال سمعت ابا جعفر (ع) يقول من بلغه ثواب على عمل فعمل ذلك العمل التماس
ذلك الثّواب اوتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه ووجه الأستدلال ان هذه الأخبار
بعمومها يشمل ما اذا كان الخير ضعيفا وحيث انها لم تتضمن الّا ترتب الثواب على
العمل لم يلزم منها ثبوت وجوب او تحريم وقد اورد على هذا بوجوه الاول انّ الظّاهر من هذه الاخبار انّ الأعتماد على مطلق الخير
انما هو فى ترتب قدر من الثّواب على عمل ثابت الرّجحان لا فى اثبات اصل الرّحجان
بدليل قوله (ع) على شيئ من الخير اذ لا بد من ثبوت خيريّة العمل والجواب انّ الظّهور المذكور انّما يتم فى الرّواية الاولى مع
امكان ان يقال المراد به ما هو خبر بمقتضى التبليغ وامّا الرّوايتان الأخيرتان
المذكور فيهما لفظه شيئ وعمل وهما متناولان ما كان ثابت الرّحجان وغيره ولا سبيل
الى تقييد الأطلاق فيهما بما فى الرّواية الاولى اذ لا موجب له الثّانى انّها على تقدير تسليم دلالتها لا تدّل على الأذن فى
الاتيان بذلك العمل بل غاية ما يستفاد منها الاخبار يسعه فضله وكرمه تعالى وهذا لا
يقتضى ان يكون ما تضمّنه الخبر من الطّلب صحيحا حتى تثبت به الدّعوى بل لا يفيد
اباحة العقل