سواء وقع الفعل او لم يقع مع العصيان كما فى الواجب التّعيينى العينىّ وبدونه كما فى الواجب المخيّر ثمّ العبرة بوقت العمل فى غير الموسع بانقضاء زمن يتمكّن المكلّف من ايقاع الفعل او بدله فيه على وجهه فدخل نسخ الواجب المشروط بعد مضى زمن يتمكّن من ايقاعه فيه على وجهه وخرج النّسخ فى اثناء العمل فانّه من باب النسخ قبل العمل وامّا الموسّع فالعبرة فيه بأحد الأمرين من وقوع الفعل او انقضاء الوقت امّا الثانى فظاهر وامّا الاوّل فلانّ الفعل فى بعض الازمنة يقوم مقامه فى الجميع كما هو شان البدليّة فيكون النّسخ بعده وقبل انقضاء الوقت بمنزلة النّسخ بعد انقضائه واختلفوا فى جوازه قبل وقت العمل بمعنى تعلّقه بما قبله كما لو قال صم يوم الخميس ثم قال قبل مجيئه لا تصم يوم الخميس فجوّزه جماعة ومنعه آخرون احتج المانعون بوجهين [الوجه] الأول : انّه لو جاز ذلك للزم البدا لاستلزامه التغيير فى الإرادة مع اتحاد الفعل ذاتا وجهة وهو ممتنع فى حقّه تعالى [الوجه] الثاني : انّ الفعل اذا كان مشتملا على مصلحة امتنع النّهي عنه فيمتنع النسخ والّا امتنع الأمر به احتج المجوّزون بوجوه [الوجه] الأول : قوله تعالى (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) فانّه بعمومه يتناول محلّ النّزاع ايضا [الوجه] الثاني : ان إبراهيم (ع) امر بذبح ولده اسماعيل (ع) ونسخ عنه الأمر قبل وقوع الذّبح واذا ثبت وقوعه ثبت جوازه [جوابه :] وأجيب عنه بوجوه اظهرها ان يقال انّه لم يأت فى المنام بفعل الذّبح بل بمقدّماته واطلاقه على مثل ذلك امر شايع والدّليل عليه قوله تعالى قد صدّقت الرّؤيا فانّ التّصديق المتعدّى بنفسه ظاهر فى جعل الشّيء صادقا مطابقا للواقع فتصديق الرّؤيا انّما يتحقّق اذا كان الصّادر منه فى المنام نفس المقدّمات الّتى اتى بها فى اليقظة دون الذّبح فلا يلزم النّسخ قبل العمل وامّا عدّ ذلك بلاء فمن حيث توطئة النّفس على الذّبح على تقدير الأمر به من حيث قضاء الظاهر بورود الأمر بالشّيء بعد الأمر بمقدّماته وامّا الفداء فيجوز ان يكون عما قضى الظّاهر بورود الأمر بالشّيء او بوقوعه عما كان يؤمر به على تقدير عدمه هذا بعض كلمات القوم فى المقام والتحقيق انّا ان قلنا بانّ النسخ عبارة عن رفع الظّنّ بالحكم الشّرعىّ او رفع الحكم الظّاهرى فالقول بجوازه قبل حضور وقت العمل مما لا يقبل النزاع ولا تنهض حجة المانع على منعه لكن تعريف النسخ بهذا المعنى مما لا يكاد يصحّ لانتقاضه بالتّخصيص والتّقييد المتاخرين وبقرينة التّجوز المتاخرة وان قلنا بانّ النّسخ رفع للحكم الواقعى فان جعلنا التكليف عبارة عن الإرادة الحقيقيّة فامتناعه قبل حضور وقت العمل فى حقه تعالى مما لا يقبل النّزاع وان جعلنا التّكليف عبارة عن امر جعلى مغاير للإرادة او جعلناها عبارة عن الإرادة المبروزة او الاحكام المسطورة فى لوح المحو والاثبات فجوازه قبل وقت العمل ممّا لا ينبغى التامّل فيه ولا تساعد على دفعه حجة المانعين ويمكن ان ينزّل عليه حكاية ابراهيم عليهالسلام فصل : اختلفوا فى النسخ لا الى بدل فذهب الأكثرون الى الجواز وبعضهم الى المنع وتحرير