بعد ذلك لا تكرم زيدا فترك اكرام غيره ايضا ولا ريب انّ فهم العرف اذا استند الى اللّفظ كان وايضا ان الصّحابة وتابعيهم كانوا يستدلّون بالعمومات المخصّصة من غير نكير فيهم وذلك اجماع منهم على حجّيتها وقد يستدلّ ايضا بانّ اللّفظ كان متناولا للباقى فيستصحب وارتضاه بعضهم بناء على ان يكون المراد استصحاب حكم التّناول الظّاهرى بمعنى انّه كان حجّة فى الجميع وكان يجب العمل بمقتضاه فيه فخرج ما خرج لقيام الدّليل وبقى الباقى فيستصحب حجّية فان اريد به التّناول الواقعى فهو مختصّ بما يكون تخصيصه بدائيا ولا علم به او التّناول الظاهرى فلا معنى لاستصحاب الظّهور والسّر فيه ان ظهوره فى الباقى قبل التخصيص ظهور تبّعى وضعيّ بخلافه بعده فلا يتحد الموضوع ليستصحب فصل : اختلفوا فى التّمسك بالعامّ قبل استقصاء البحث عن المخصّص فذهب الأكثرون الى المنع ومنهم من جوّز العمل به قبل ذلك ثم اختلف المانعون فى مقدار الفحص فمنهم من اكتفى بالظّن بعدم المخصّص وهو قوىّ مع قوّة الظّنّ ومنهم من اعتبر القطع بانتفائه والحقّ عندى ما ذهب اليه الاكثرون من عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص الموجب للظّنّ بعدم المخصّص والمعارض كما هو الاصل فى كلّ دليل ظنّى يحتمل المعارض وهذه المسألة فى الحقيقة من جزئيات تلك المسألة كما اشار اليه بعض الافاضل الّا انّهم تداولوا افرادها بالبحث نظرا الى انّ احتمال المعارض فيها اقوى لنا ان علمنا بوجود المخصّص لأكثر العمومات الّتى بلغت الينا كما يشهد به ادنى تتبّع مع شيوع حكايته واستفاضة من المتتبعين يوجب عدم الوثوق بعموم عام نصادفه بمجرّد عدم مصادفة المخصّص معه اذ يتساوى حينئذ عندنا احتمال كونه من العمومات المخصّصة واحتمال كونه من غيرها اذ لم يترجح الاوّل بالنظر الى الغلبة المذكورة ولا دليل على حجّية تلك العمومات مطلقا حتى عند عدم البحث وعدم الوثوق بعمومها لعدم مساعدة الاجماع والعقل على ذلك وهذا ظاهر وكذلك الكتاب والسّنة اذ ليس فيهما ما يقتضى حجّيتها حينئذ كما سنشير الى البعض واما بعد التّتبع المورث للظّنّ بالعدم فيتجه التعويل عليه اذ لو اعتبرنا العلم بذلك لزم العسر والحرج المنفيان عن الشريعة السّمحة وتفويت الوقت فى تحصيل قليل من المسائل وطرح اكثر العمومات لعدم التّمكن من تحصيل العلم بعدم المخصّص فيها وهذا الدّليل بعينه يجرى فى ساير الأدلّة الظّنيّة سواء كان ظنيّتها من حيث السّند كخبر الواحد او من حيث المتن كالامر والنّهى والمطلق وغيرها من الظّواهر اللّفظية فانّا متى صادفنا شيئا منها لم نلتزم بمؤدّاها ما لم نبحث عن المعارض فنظنّ عدمه وذلك لعلمنا بوجود المساوى او الرّاجح فى كثير منها فتحتاج فى تحصيل الظّنّ بانّ ما صادفناه ليس من جملتها الى الفحص واعلم انّ القدر الكافى من الفحص والتتبع ما يحصل معه الظّنّ والوثوق بعدم المعارض كما مرّ ويكفى فيه تتبع الأبواب