خرج عن قاعدة اعتبار القطع فى الاصول بالاجماع تعليلا بانه لم يزل العلماء يقولون على نقل الآحاد كالخليل والاصمعى ولم ينكر ذلك احد عليهم من العصر السابق واللاحق فصار ذلك اجماعا واورد فى الوافية فى بحث الفور والتراخى السؤال بان الاجماع المنقول بخبر الواحد لا يفيد الا الظنّ والمسألة من المطالب العلمية التى يجب تحصيل العلم بها واجاب بمنع كون المسألة علمية قال بل هى من المطالب المتعلقة بمقتضيات الالفاظ وقد صرّحوا بالاكتفاء بالظن فيها ولو سلم كونها من غير تلك المطالب فلا نسلم وجوب تحصيل القطع فى غير المعارف الالهية ولو سلم فلا نسلم وجوب تحصيل القطع فيما لا يمكن فيه ذلك لانه تكليف بالمحال والمسألة كذلك اذ كل من القول بالفور والتراخى وطلب الماهية مبنى على الادلة الظنية كما لا يخفى وايضا اشتراط القطع فى الاصول مطلقا ولا سيّما فى اصول الفقه كعدمه مبنى على الادلة الظنية كالآيات القرآنية ونحوها والاصل وحكم الفاضل الخوانسارى فى تعليقات الباغنوى فى بحث الحقيقة الشّرعية بان وجوب القطع فى كل مسئلة اصولية محل المنع بل فى المسائل التى تتعلق بوضع الالفاظ واللغة يكفى حصول الظنّ قال كيف لا وانتم تقولون انه اذا دل خبر الواحد على ان المراد من هذا اللفظ هو ذلك المعنى يجب العمل به مع انه لم يحصّل الظن والعقل لا يجد فرقا بين ان يحصل الظنّ بان المراد من هذا اللفظ هو كذا وان هذا اللفظ موضوع لكذا فاذا جاز العمل بالظن فى الاول جاز فى الثانى بلا ريبة وايضا لا فرق بين ان يقول صاحب القاموس مثلا ان هذا اللفظ موضوع لهد المعنى فى اللغة او يرد خبر بانه موضوع له فى الشرع فكيف يعمل بالاول دون الثانى إلّا ان يقال انه ليس العمل بمجرد قول واحد من اهل اللغة بل اذا اخبر جماعة من اهل اللغة بانه موضوع كذلك المعنى فى اللغة (١) ويجب العمل به فتامل فانه انما يتم فى بعض الالفاظ المشهورة واما فى البعض الآخر فلا شك فى ان المدار على الظنّ وحكى السّيّد الصّدر فى بحث خبر الواحد عن استاده فى رسالته انه قال بعد ثبوت جواز العمل بظاهر القرآن تخصيصه بمسائل جزئية فرعية لا وجه له بل ما يدل على جواز العمل به فى المسائل الجزئية الفرعية يدل على الجواز العمل به فى القاعدة الكلية المتعلّقة بالامور الشرعية الفرعية والاصول التى لا تصحّ الاكتفاء فيها بالادلة الظنية انما هى اصول الدين لا اصول الفقه قرب مسائل من اصول الفقه يستدلون عليها بالادلة الظنية وليس لها طريق غير الظنّ مثل الدليل على صيغة الامر والنهى للوجوب والحرمة او غيرهما لكن نقول ان عدم جواز التمسك بالكتاب فى اصول الدّين كما هو مقتضى كلامه محل الكلام بل لا ريب فى جواز التمسّك بالظن مطلقا فى اصول الدّين مع انسداد باب العلم وحكم العضدى فى اوائل بحث الامر بانه يكفى الظنون ونقل الآحاد فى مدلولات الالفاظ قال والا لتعذر العمل باكثر الظواهر اذ المقدور فيها انما هو تحصيل الظنّ واما القطع فلا سبيل اليه البتة واعترض فى بحث مفهوم الوصف على الاستدلال المتقدم على عدم حجية مفهوم الوصف بانا نقطع ان العلماء فى الاعصار والامصار كانوا يكتفون فى معانى الالفاظ بآحاد كنقلهم عن الاصمعى والخليل وابى عبيدة وسيبويه واعترض فى بحث القياس على الاستدلال على حجية القياس بحديث معاذ انى اقيس الامر بالامر بان دلالته واضحة الا ان المتن ظنى لانه خبر واحد والمسألة اصولية مبنية على الاكتفاء بالظن فيها وربّما يقتضى الاستدلال على حجية خبر الواحد بآية البناء والنفى وكذا الاستدلال على حجية الاجماع من العامة بالكتاب والسنّة جواز العمل بالظن فى الاصول إلّا ان يقال انّ غاية ما يتاتى من ذلك انما هى جواز التمسك بالاصول بالظواهر المعتبرة ولا يتاتى منه جواز العمل بمطلق الظنّ فى الاصول لكن نقول ان الاستدلال المذكور وان يمكن ان يكون مبنيّا على التفصيل لكن يمكن ان يكون مبنيّا على القول باطلاق الجواز ويرشد اليه ما اعترض به على الايراد على الاستدلال على حجية الاجماع من العامة بالكتاب بلزوم الدّور لابتناء حجية الظواهر على الاجماع والمفروض الاستدلال على حجية الاجماع بظاهر الكتاب من عدم ثبوت الاجماع على حجية الظواهر فى الاصول بناء على اشتراط القطع فيها وربّما توقف فى الباب شيخنا البهائى فى بحث دلالة الامر على الوجوب حيث انه اورد على اعتراضهم على الاستدلال على دلالة الامر على الوجوب بشيوع استدلال السّلف بالامر على الوجوب بانه ان اريد جميع السلف فهو ممنوع وان اريد البعض مع سكوت الباقين فهو اجماع سكوتى وليس بحجة بان استمرار سكوت الباقين من السّلف على تعاقب
__________________
(١) ووافيا انه مستعمل فيه فى استعمالاتهم يحصل العلم القطعى بانه موضوع له فى اللغة