طرق ثلاثة يحتمل ان يكون كل منها موصلا الى المقصود فظن من الخبر او الشّيوع بين المكارين او من شيء آخر من ثباته الظن ان الطّريق هذا دون هذين فسلكه لا يجوزون العقلاء مؤاخذته ولو جعله المولى فى مورد المؤاخذة والملامة قائلا له لم فعلت وبئسما فعلت لينكرونه ويذمونه ويعدونه قبيحا خارجا عن قانون العدل والحكمة ولا نعنى بحجيّة الظنّ الا هذا بل لا ينحصر العمل بالظن من العقلاء فى صورة التمكن من العلم ويعملون بالظنّ مع التمكن من العلم ايضا دون من تطرق لومة لائم عليه وبالجملة لا شك فى ان المقرر عند العقلاء والثابت عند اهل العرف والعادة هو اتباع الظنّ وبه ينتظم امور معاشهم ومن تامل بعين الصواب ونظر ببصر البصيرة راى ان اهل كل صناعة وحرفة وارباب التكسّب والصّناعة قد استقرت طريقتهم واستمر ديدنهم على اتباع الظنّ فيما يتعلق بهم بل لا يمكن انتظام امورهم إلّا به فهذه اهل التكسّب والتجارة يعملون بمقتضى ما يظنّون من الربح والخسران والزيادة والنقصان فى البيع والشراء والشركة والمضاربة والقرض والنقد والنّسية وامثالها وكذا يتبعون الظنّ فى المسافرة الى البلاد النّائية والممالك البعيدة ولو لا اتباع الظنّ لا يكاد ان يتحقق امر تكسّبهم وتجارتهم قطعا وهذه اهل الزراعة حيث انهم يعملون فى امر زراعتهم بظنونهم فى امر البذر والاراضى والكيفيّات المتعلّقة بالزّراعة وانظر الى ارباب العلوم العقليّة حيث انهم يكتفون بامور ظنّية والى ارباب السّياسات فانهم ياخذون بما يظنّون به وينتظم امر سياستهم وهكذا اهل كل حرفة وصنعة فان قيل ان اعتمادهم على الظنون فى امثال هذه الموارد لا يقتضى حجية الظنّ شرعا فى رياستهم الشرعيات والمقايسة باطلة ولا سيّما الشرع بالعرف قلت انّ المقصود انّه اذا جرت طريقة العقلاء على اعتبار الظن عند تعذر الوصول الى الواقع او مطلقا فليس فى العمل به فى الاحكام الشرعية عند انسداد باب العلم خروج عن الوظيفة الّتى تليق بحال المكلف ولا يجوز مؤاخذته فى ذلك عقلا ولا نعنى بالحجيّة ازيد من ذلك المعنى اقول انّ الجواب عن الايراد بان اعتبار الظنّ عرفا لا يقضى باعتباره شرعا بعدم خروج المكلف بالعمل بالظن فى الاحكام الشرعية عن الوظيفة اللائقة بحاله بعد اعتبار الظنّ عرفا تكرار للدعوى واعادة للمدّعى كما لا يخفى فلا عبرة بالوجه المذكور بوجه نعم يمكن تقريره بتقرير التقرير بالوجه الغير المتعارف المتقدم نظيره غير مرة بان يقال انه استقرّ طريقة العقلاء على العمل فى امورهم العرفية حتى فى صورة التمكن من العلم ولو كان السّلوك فى هذا المسلك فى باب احكام الشرعية غير مرضى لردع ارباب العصمة عن تعميم الطريقة فى باب الاحكام الشرعية ولم يتات الرّدع فثبت حجية الظنّ فى باب الاحكام الشرعية لكن قد تقدم عدم اطمينان النفس بمثله فلا ينفع لانه انما ينفع لو افاد العلم والا فلو افاد الظنّ فحجيّة الظنّ المستفاد من التقرير مبنية على حجية مطلق الظنّ فالاستدلال به على حجيّة مطلق الظنّ يستلزم الدّور ومع هذا المثال المذكور فى الاستدلال غير مطابق لمورد النزاع اذ المدار فى المثال على ظاهر الحال بلا اشكال على عدم تعيين العمل ببعض الامور عند التحيّر من المولى ولا جواز العمل ببعض الامور من باب القدر المتيقن والقائل بحجيّة الظنون الخاصّة يدّعى اعتبار ما اجتهادا من باب نصب الطريق او عملا من باب القدر المتيقن او غيره إلّا ان يقال ان التمثيل بالمثال المشار اليه مبنى على فرض عدم ثبوت اعتبار الظنون الخاصة اجتهادا ولا عملا لكن نقول انه لو كان الحال على هذا المنوال فلا محيص عن حجية مطلق الظن بلا اشكال ولا حاجة الى الاستدلال بالوجه المختلّ الظاهر الاختلال السادس ان الظنّ اقرب الى الواقع قطعا واعتبار الاقربيّة الى الواقع من محكومات العقل والمتفق عليه بين العقلاء واستمرّت عليه طريقة العرف والعادة فالقائل بحرمة اتباعه يفتقر الى دليل صالح للخروج عن القاعدة اقول انّ المدار فى الاستدلال بالعقل على عقل كل عاقل حتى المستدلّ والمرجع الى التمسّك بالعلم والاستدلال من باب التمسّك بما يستقلّ بادراكه العقل كما هو عنوان معروف واما الاستدلال بطريقة العقلاء فالمدار فيه على الاستدلال بحيلة الناس والمرجع الى التمسك بالتقرير إلّا انه قد يتمسك بطريقة الناس فى اخذ الاحكام الشرعية وقد يتمسّك بها فى باب الامور العرفية كما تقدم وربّما يتوهم اتحاد الاستدلال بالعقل مع الاستدلال