والكذب والردّ من دون تبين والقبول كذلك لكنك خبير بان الامر بالتبيّن هنا
مسوق لبيان الوجوب الشّرطى وان التبيّن شرط للعمل بخبر الفاسق دون العادل فالعمل
بخبر العادل غير مشروط بالتبيّن فيتم المطلوب من دون ضمّ مقدّمة خارجيّة وهى كون
العادل أسوأ اذ لا معنى للاشتراط الا تعيّن المشروط والدّليل على كون الامر
بالتبيّن للوجوب الشّرطى لا النّفسى مضافا الى انّه المتبادر عرفا فى امثال المقام
والى ان الاجماع قائم على عدم ثبوت الوجوب النفسى فى خبر الفاسق وانما اوجبه من
اوجبه عند ارادة العمل لا مطلقا هو ان التعليل فى الآية بقوله تعالى ان تصيبوا لا
يصلح ان يكون تعليلا للوجوب النفسى لان حاصله يرجع الى انّه لئلا تصيبوا قوما
بجهالة بمقتضى العمل بخبر الفاسق فندموا على فعلكم بعد تبين الخلاف ومن المعلوم ان
هذا لا يصلح الا علة لحرمة العمل بدون التبيّن وهذا هو المعلول ومفهومه جواز العمل
بخبر العادل من دون تبيّن مع ان فى الاولويّة المذكورة فى كلام الجماعة بناء على
كون وجوب التبيّن نفسيا ما لا يخفى لان الآية على هذا ساكتة عن حكم العمل بخبر
الواحد قبل التبيّن كما انّهما يشتركان قطعا فى جواز العمل بعد التبيّن والعلم
بالصّدق لان العمل ح بمقتضى التبيّن لا باعتبار الخبر فاختصاص الفاسق بوجوب
التعرّض لخبره والتفتيش عنه دون العادل بعد ايجابه بالنّسبة الى الفاسق يقتضى علوّ
رتبة العادل بالنّسبة الى الفاسق اقول انه لم يظهر كون اخذ المقدّمة المذكورة
مبنيا على كون وجوب التبيّن نفسيّا بل من البعيد كمال البعد دعواه من من المستدل
وغاية ما يقتضيه كون وجوب التبيّن شرطيّا ان يكون الامر بمنزلة ان يقال يشترط فى
حجية خبر الفاسق التبين وهذا التّعبير احسن من القول بكون مدلول الآية اشتراط
العمل بخبر الفاسق بالتبيّن كما ذكره القائل المذكور اذ العمل غير مشروط وانما
المشروط هو جواز العمل والحجيّة فالمفهوم انه لا يشترط فى حجية خبر العادل التبين
وهذا اعمّ من عدم حجيّة خبر العادل وحجيته بدون التبيّن ولا بد فى دفع الاحتمال
الاول من دعوى استلزامه كون العادل أسوأ حالا من الفاسق او كونه خلاف الظاهر
والمستدل استند الى الاوّل وهو دليل عقلى قطعى والقائل المذكور لم يات فى دفعه
بشيء ولا مندوحة فى تعيين وجوب القبول من دفع احتمال عدم الحجيّة ووجوب الردّ
تعليلا باحد الوجهين وان قلت ان هذا الاحتمال غير متصوّر فى المقام قلت كلا وحاشا
لا شبهة فى ان مفهوم يشترط جواز العمل بخبر الفاسق بالتبيّن اعم بنفسه من عدم حجية
خبر العادل وحجيته بدون التبين غاية الامر كون الاوّل خلاف الظّاهر بل باطلا قطعا
لكن ليس عموم المفهوم له ابعد من حيث كونه خلاف الظاهر من احتمال كون السّالبة
بانتفاء الموضوع ولا اشكال لاحد فى احتماله ويؤيّد ما ذكرناه ما اورد بعض الفحول
فى موضع استنقاذا من كلام الباغنوى على ما نسبه اليه فى موضع آخر على المقدمة
المذكورة بالمنع لابتناء تلك المقدّمة على كون وجوب التبيّن والتجسّس والفحص عن
الصّدق والكذب فى خبر الفاسق واجبا شرطيّا للقبول لكن يمكن ان يكون الوجوب المذكور
تعبديّا باعتبار ان الفاسق لا حرمة له ومن الظّاهر ان من لا حرمة له لا يقبح الفحص
عن معانيه واظهار وليس العدل كذلك لانه محترم فلعلّه لذلك رفع تعالى وجوب التبيّن
فى خبره اذ لو وجب ايضا وجب هتك حرمته وهو ينافى كونه محترما فعدم التبين فى خبر
العدل باعتبار كونه محترما لا يقتضى قبول خبره ألا ترى انّه لو قال السيّد لعبده
لا تقبل خبر العادل ولا خبر الفاسق ولكن اذا اخبرك الفاسق يجب عليك ان تتفحّص عن
صدقه وكذبه واذا اخبرك العادل فلا يجب عليك ان تتفحّص عن صدقه وكذبه بل لا يجوز لم
يكن فى كلامه تناقض ولا مضادة وليس ذلك الّا لان عدم وجوب التبيّن لا يستلزم
القبول الّا ان الإيراد المذكور غير وارد للقطع بانّ وجوب التبيّن ليس من باب
الوجوب النفسى وان قلت ان مقتضى المفهوم المذكور اعنى عدم اشتراط حجيّة خبر العدل
بالتبيّن ثبوت اصل الوجوب فلما انتفى الاشتراط يثبت الحجيّة ولا مجال لاحتمال
الردّ حتى يحتاج فى دفعه الى لزوم كون العدل أسوأ حالا من الفاسق قلت ان الاقتضاء
المدّعى انما هو من باب اشتباه القضيّة المفهوميّة بالقضيّة المنطوقيّة حيث ان
القضيّة المذكورة لو كانت واقعة فى المنطوق فالظّاهر منها ورود النّفى على القيد
ومقتضاه ثبوت اصل الحجيّة فمن نفى اشتراط حجيّة خبر العدل يثبت الحجيّة بدون
التبيّن لكن المفهوم لا يرد النّفى فيه على القيد كما يظهر ممّا ياتى فلا يثبت
حجيّة خبر العدل بدون التبيّن ولا دافع لاحتمال عدم حجيّة خبر العدل راسا كيف لا
وجميع السّوالب يحتمل كونها بانتفاء الموضوع ويحتمل كونها