ومتى حصل لهم يعتمدون عليه فيه ولا يطلبون ازيد منه والحاصل انه يصدق امتثال الامر بالتبين بتحصيل الظن القوىّ فيجوز قبول خبر الفاسق مع حصوله لان الامتثال تقتضى الاجزاء والمراد بالفاسق الخارج عن اطاعة الله مع اعتقاداتها طاعة او مطلقا فعلى الثانى يدل بمنطوقه على حجيّة الخبر الموثق والضّعيف المنجبر بل على حجيّة الصّحيح اما الثالث فظاهر وامّا الاولين فلان التبيّن حاصل بنفسهما ومع حصوله يمتنع تحصيله والحاصل ان الغرض من الامر بالتبيّن حصول الاعتماد (١) بقوله وفى الحسن والموثق الاعتماد بقول المخبر حاصل لكونه معتمدا فى اقواله فلا احتياج فيهما الى تحصيل الاعتماد لحصوله واذا كانا حجتين يكون الصّحيح حجة بالفحوى وبمفهومه على حجيّة الصحيح بل على حجية كل خبر معتمد لان المستفاد من التعليل ان قبول خير العدل انما يكون للاعتماد بقوله فكل خبر معتمد حجة للاعتماد ولا شك ان الحسن والموثق والضّعيف المنجبر بالشّهرة ونحوها من المعتمد فيكون حجة بمقتضى المفهوم ايضا فيدل الآية على حجيّة جملة من اقسام الخبر الصّحيح والحسن والموثق والضّعيف المنجبر اى شيء كان الجابر وبالجملة اذا كان التبين اعمّ من العلم والظنّ المعتمد تدل الآية بالمنطوق الى حجية خبر الفاسق المعتمد وعلى حجيّة خبر غيره مع كونه معتمدا بالفحوى وبالمفهوم على حجية خبر العدل وما يكون معتمدا مثله فالخبر المعتمد يستفاد حجيّة من المنطوق والمفهوم معا وعلى الاول يدخل الموثق فى المفهوم ويخرج عن المنطوق لان خروج الرّاوى عن طاعته تعالى ليس مع اعتقاد انها طاعة والّا لما كان موثقا فلا يكون فاسقا بل هو عادل اقول انّ التقرير المذكور فى تقريب مفهوم الوصف مندمج العبارة وتحريره بان يقال انه تعالى امر بالتثبت عند اخبار الفاسق وخبر الفاسق فيه وصف ذاتى وهو كونه خبرا واحدا ووصف عرضى هو كونه خبر فاسق وهذا الوصف من جهة مناسبة للتبين واقترانه له بحيث لو لا عليّته لبعد الاقتران يدل على العلّية فكانّه سبحانه قال ان جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا لكونه فاسقا فالامر بمنزلة التّعليل بالوصف العرضى صريحا فلا مجال لكون العلة هى الوصف الذاتى والا لوجب التعليل به بان يقال ان جاءكم احد بنبإ اذ التعليل بالذاتى الصّالح للعلّية اولى من التعليل بالعرضى لحصوله قبل حصول العرضى مع انه لو كان الوصف الذاتى هو العلّة لكان التّعليل بالوصف العرضى كما هو مقتضى تعليق الحكم على الوصف المناسب من باب الكذب فتدبّر واذا لم يجب التثبت عند خبر العادل فاما ان يجب القبول وهو المطلوب او يجب الردّ فيكون حاله أسوأ من حال الفاسق لا يقال ان من دفع احتمال وجوب الردّ لا يتبيّن القبول لاحتمال التخيير لان الخبر ان كان حجة فيجب القبول والا فيجب الرد فلا مجال لاحتمال وجوب الردّ ووجوب القبول وكيف كان مرجع التقرير المذكور الى احتمال رجوع النّفى فى المفهوم الى قيد الوحدة فالمرجع الى تزييف الاستدلال بمفهوم الوصف على حجية خبر العدل لكن نقول ان النّفى فى المفهوم لا يرجع الى القيد كما مر وياتى فلا دلالة فى مفهوم الآية على ثبوت المجيء فى ضمن غير البناء ولا على ثبوت البناء فى ضمن غير الفسق ولا على ثبوت الفسق فى ضمن غير الوحدة كما انه لا دلالة فى المفهوم على ثبوت اصل حجية خبر الواحد فالنّفى يرجع الى القيد والمقيّد نظير ان النفى فى المنفى بلا المشابه بليس وان امكن كونه راجعا الى الوحدة لكن الظاهر الرجوع الى الوحدة لكن الظّاهر الرّجوع الى الطبيعة كما فى المنفى بلا نفى الجنس ونظير ان نفى الجمع المنكر بلا المشابه بليس ظاهر فى نفى الطّبيعة ايضا وان امكن رجوع النّفى الى قيد الجمعيّة او الى قيد الوحدة ونظير ان نفى الوجوب الظاهر فى الوجوب التعيينى ظاهر فى نفى اصل الوجوب وان امكن رجوع النفى الى التّعيين وياتى مزيد الكلام ويظهر الحال مزيد الظهور بالرّجوع الى ما حرّرناه فى محلّه ومع ذلك النّفى انما يرجع الى كل قيد كان المتكلم فى مقام بيان حال المقيّد بالنّسبة الى مورد هذا القيد وغيره ولا شكّ ان مفهوم الآية ليس فى مقام بيان حال خبر الفاسق من حيث الوحدة والتعدّد بل المفهوم بتبع المنطوق فى بيان حال الخبر من حيث كون المخبر فاسقا وعادلا لو لم يكن الآية واردة مورد الاجمال لكن الآية لما كانت واردة مورد الاجمال فلا يثبت لها المفهوم الا ان المفهوم على تقدير الثبوت ولو كان من باب مفهوم الشّرط لا يشمل ما لو لم يجئ مخبر او جاء الفاسق بدون الخبر لظهور الآية فى كون الغرض بيان حكم الخبر نفيا واثباتا من حيث حال المخبر فسقا وعدالة وربما قال بعض اصحابنا انّ اخذهم للمقدّمة الاخيرة فى التقرير المشار اليه وكذا فى تقرير مفهوم الشّرط وهى انّه اذا لم يجب التثبت وجب القبول لان الردّ مستلزم لكون العادل أسوأ حالا من الفاسق على ما يتراءى من ظهور الامر بالتبيّن فى الوجوب النّفسى فيكون هنا امور ثلاثة الفحص عن الصّدق و
__________________
(١) بالخبر وهو حاصل فيهما فيجوز قبولهما لحصول شرط فالمستفاد من الآية الشرط قبول خبر الفاسق حصول الاعتماد