التبيّن الظنى والامر بمنزلة ان يقال ان جاءكم فاسق بنبإ فاستكشفوا عنه وبتحصيل الظنّ يتحصّل امتثال الامر بالاستكشاف عرفا وربما يقال انه لا يعمّ للتبيّن بالظن الّذى لم يثبت حجية ولو عم التبيّن للتبين الظنى وليس بالوجه وقد يقال ان التبيّن يعم العلم والظنّ المطمئن وانما كان مبدا اشتقاقه يقتضى الاختصاص بالعلم ودونه المقال لعدم اختصاص مبدا الاشتقاق بالعلم كما يظهر ممّا مر وتطرّق الاشكال فى عموم التبيّن للظنّ بعد اختصاص مبدا الاشتقاق بالعلم بل عدم اختصاص التبيّن بعد العموم للظنّ بالظنّ المطمئن ان كان المقصود هو الظنّ المتآخم للعلم كما لعلّه الظّاهر وعلى اىّ حال فالمقصود بالتبيّن فى الآية اما مجرد وجوب التفحّص من دون دلالة على لزوم كون الحاصل بعد الفحص هو خصوص العلم او كفاية الظنّ كما هو مقتضى كلام البيضاوى حيث فسّر بقوله فتعرّفوا وتفحّصوا فلا دلالة فى الآية الحاصل بعد الفحص هو خصوص العلم او كفاية الظنّ كما هو مقتضى كلام البيضاوى حيث فسر بقوله فتعرفوا وتصفحوا فلا دلالة فى الآية على المنع من القبول لو لم يتحصّل بعد التفحّص شيء حتى الظنّ او وجوب التفحص مع الدلالة على الحاصل بعد الفحص ايضا بلزوم كونه هو العلم او كفاية الظنّ المعتبر او كفاية الظنّ المطمئن او كفاية مطلق الظنّ على الخلاف ويمكن ان يقال على تقدير كون البيان اعمّ من العلم والظنّ ودلالة الآية على الحاصل ايضا ان اطلاق الامر بالتبيّن وارد مورد عدم جواز المسارعة الى القبول والعمل وبيان وجوب التبيّن من باب التقريب لبيان عدم جواز المسارعة حيث ان وجوب التبيّن يستلزم عدم جواز المسارعة نظير ما يقال تامل فى افعالك واقوالك فان المقصود منه عدم جواز المسارعة الى القول والفعل بدون التّامل ولا يكون المتكلّم فى مقام تفصيل التامّل علما وظنّا بل نظير قوله سبحانه كلوا مما امسكن عليكم حيث انّ بيان جواز الاكل من الصّيد فيه من باب التقريب لبيان عدم كون اصطياد الكلب موجبا لحرمة الأكل منه اذ جواز الاكل ولو فى الجملة يستلزم عدم كون الاصطياد موجبا للحرمة فلا يصحّ الاستدلال باطلاق الموصول على الاكل مع عدم غسل موضع العض فلا دلالة فى اطلاق الامر بالتبيّن على كفاية الظنّ بل انّما يدل على لزوم حصول الظهور الاعمّ من جواز الظنّ فى الجملة فالقدر المتيقن مما يلزم ان يحصل هو العلم ولا بدّ فى كفاية الظنّ من دليل آخر فمقتضى الآية عدم جواز القبول لو لم يتحصّل بعد التفحّص شيء من العلم والظنّ وعن الحمزة والكسائى القراءة بباء بين ثاء مثلثة وتاء بنقطتين فوقانيتين قال البيضاوى اى توقفوا حتى يتبيّن لكم الحال فمقتضى تفسيره عدم لزوم الفحص على هذه القراءة فالمعنى اطلبوا القرار قال فى فى المجمع ثبت الشيء ثباتا وثبوتا دام ويمكن ان يكون المقصود اطلبوا ثبوت النبإ فيتّحد المعنى مع القراءة بالنون بناء على كون المقصود على تلك القراءة هو مجرد التفحص واليه يرشد ما قاله فى الكشاف من ان التثبت والتبيّن متقاربان وهما طلب الثبات والبيان والفرق بين القراءتين على تقدير كون المقصود بالتبيّن هو التفحص وبالتثبت هو التوقّف هو لزوم الفحص على القراءة الاولى دون الثانية بل تقتضى الآية على الثانية عدم جواز العمل بعد ظهور الصّدق ايضا لاطّراد العلّة لاحتمال الاصابة بالجهل لاحتمال المخالفة للواقع إلّا ان يقال بعدم الشمول لصورة ظهور الصّدق على وجه الظنّ او الظنّ المطمئن او العلم لانصرف الجهل الى الشك إلّا ان يقال بلزوم تعميم الجهل هنا للزوم اللغو فى الامر بالتثبت لولاه حيث ان احدا من العقلاء لا يقدم على العمل بالخبر من دون رجحان صدقه عنده والفرق على تقدير كون المقصود بالتبيّن هو تحصيل البيان وبالتثبت هو التوقف بعد الدلالة على عدم جواز القبول قبل الظهور على القراءتين هو الدلالة على جواز القبول بعد حصول البيان على الاولى دون الثانية لو لم نقل بالدلالة على عدم جواز القبول بعد حصول البيان ايضا على الثانية والفرق بينهما على تقدير كون المقصود بالتبين هو تحصيل البيان وبالتثبت هو طلب ثبوت الخبر هو الفرق بين المعنيين المذكورين على القراءة الاولى ولا فرق فى البين على تقدير كون المقصود بالتبيّن التفحّص وبالتثبّت طلب ثبوت الخبر ثم ان المقصود بالتبيّن انما هو التبيّن عن خبر الفاسق فلا يعم التبيّن عن غير خبر الفاسق كالتبيّن عن حال الفاسق (١) الّا ان الظّاهر من التبين فى الآية انما هو التبيّن عن خبر الفاسق بلا واسطة فلا يشمل التبيّن عن خبر الفاسق بتوسّط التبيّن عن حاله فلا يثبت بالآية اعتبار الخبر الموثق بناء على عدم اجتماع العدالة مع سوء المذهب وكذا اعتبار الخبر الحسن والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة العمليّة كما يتوهّم ولا يعم ايضا التبيّن عن خبر غير الفاسق كما فى الخبر الضّعيف المنجبر بالشهرة المطابقة كما يتوهّم لافادة الشّهرة المطابقة
__________________
(١) وان تادّى الى التبين عن خبر الفاسق