الدّرجة اللاحقة ومقتضى بعض آخر من كلماته تثليث الدّرجات وعلى ذلك المنوال يكون المقصود بقوله مفادا فى قوله فالرّجوع الى ما يكون اقرب اليه مفادا هو الاعتبار باعتبار كونه مستفادا مما دلّ عليه ومفادا له اى من جهة كونه مفادا ويرشد اليه قوله بعد ذلك كان اللازم الرجوع فى ذلك الى ما يستفاد اعتباره وكانه قال اعتبارا لكن نقول ان الوجه المذكور غير مراد بلا كلام مع ان مقتضى قوله ومع تعذر هذا النّوع من الظنّ فالرّجوع الى ما يكون اقرب اليه مفادا هو انتفاء الظنّ بالكلية فى الدّرجة الثّانية وهذا ينافى كون الغرض التفصيل فى درجات الظنّ وان امكن كون الغرض تعذّر الظنّ الاقوى على ان تثليث الدرجات فى بعض آخر من كلماته ينافى ذلك ايضا لعدم انحصار درجات الظنّ فى ثلث درجات وربما يتوهم ان المقصود انه يلزم العمل بالطريق الذى ثبت اعتبارها بالظنّ وبعد تعذّر هذا يلزم العمل بالظنّ بالواقع فقوله فالرجوع الى ما يكون اقرب اليه مفادا بمعنى انّه يلزم الرّجوع الى ما يكون اقرب الى الطريق المظنون اعتبارها وهو الظنّ بالواقع وعلى تقدير تعارض الظنّ بالطريق والظن بالواقع يتاتى التّخيير وليس بشيء ولما كان عمدة الظّنون الخاصّة هى خبر الواحد فالمناسب نشر الكلام فى الادلّة التى استدلّ بها على حجية خبر الواحد وان لا يحتاج القول بحجية مطلق الظنّ الى التعرّض لذلك لما يظهر مما مر من عدم دلالة شيء مما لو فرض دلالته على حجيّة خبر الواحد على جهة الخصوصيّة لكن لا شكّ ولا ريب فى ان التعرّض لها وانسب لما فى التعرّض لها من حصول البصيرة الكاملة بما لا يتفق فى ترك التعرّض مع انه ربما لا يسلم دلالة تلك الادلّة ولو بعضا على الحجيّة فى الجملة فالمناسب الاطلاع على حقيقة الحال على انّه لو لم يسلم دلالة تلك الادلة على الحجيّة فى الجملة فالقول بحجيّة مطلق الظنّ اقوى منه على تقدير الدلالة فالمناسب الاطلاع على حالها فنقول انّه قد استدلّ على حجية خبر الواحد بوجوه من الكتاب والسّنة والاجماع امّا الاوّل فهو آيات الأولى قوله سبحانه فى سورة الحجرات (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) قوله سبحانه فتبيّنوا قرأ الاكثرون بالباء والنّون اى اطلبوا البيان والظّاهر ان البيان بمعنى الظهور كما هو ظاهر النّهاية والمغرب والمجمل والمصباح الّا انّه قال بان الامر تتبيّن فهو بيان ثمّ قال والاسم البيان ومقتضى كلامه كون البيان بمعنى المبيّن بالفتح وربما يقتضى كلام صاحب الصّحاح كونه مشتركا بين الفصاحة وما به يحصل الوضوح ونفس الوضوح حيث انّه جعل البيان بمعنى الفصاحة واللسن ثمّ جعل البيان ما يتبيّن به الشيء من الدّلالة وغيرها ثم قال وبان الشيء بيانا اتّضح ومقتضى كلام صاحب القاموس الاشتراك بين الوترين حيث انّه قال بان بيانا اتضح ثم قال والبيان الافصاح مع ذكاء هذا على تقدير اتحاد المعنى الاوّل مما فى الصّحاح مع المعنى الاخير مما فى القاموس واما على تقدير الاختلاف كما هو الظّاهر فظاهر القاموس الاشتراك بين الوضوح والفصاحة مع ذكاء لكن الاشتراك خلاف الظّاهر وخلاف ظاهر النّهاية والمغرب والرّجحان فى هذا الجانب لكون القائل به ازيد مضافا الى ان الفعل اعنى بان بمعنى ظهر بلا اشكال فكون البيان بمعنى مطلق الفصاحة او الفصاحة مع الذكاء نادر النّظير او فاقد النّظير واما كونه اسم المصدر كما هو صريح المصباح بل صرّح به الفخرى او مصدرا كما هو ظاهر طائفة من كلمات اللغويّين فهو بعد ابتنائه على على الفرق بين المصدر واسم المصدر وقد تعرّضنا للكلام فيه فى بعض الفوائد فلا جدوى للكلام فيه وربما جعله العميدى من البين بمعنى الفرقة بين الشّيئين وجعله المحقق القمّى ماخوذا من بان بمعنى ظهر او من البين بمعنى الفرقة وهو ماخوذ ممّا صنعه العضدى وتبعه الكاظمى حيث جعلاه مشتقا من بان بمعنى ظهرا وانفصل وكل منهما مخالف لكلمات ارباب اللغة حيث ان مقتضاها كونه من بان بمعنى ظهر وهل البيان حقيقة فى العلم او فيما يعمّ الظن عن كثير من المحققين القول بالاوّل واختاره بعض الفحول واليه ذهب بعض ولو قيل بعموم الظهور للظن وصرّح بعض بالثانى فالكلام يقع تارة فى تطابق البيان والظّهور مفهوما واخرى فى عمومهما وخصوصهما مع الاختلاف فى المفهوم وقد يقع الكلام فى عموم البيان للظن اطلاقا ولو عمه وضعا والاظهر التّطابق مفهوما حيث انه مقتضى طائفة من كلمات اللغويّين ويساعده العرف وعموم كلّ من البيان والظهور للظن وضعا لانه المتبادر عرفا وان تكثر استعمال الظهور فى الظنّ فى لسان الفقهاء والأصوليّين كما يقال والظّاهر انّه كذا وان يطلق على العلم ايضا كما يقال ومن الظّاهر انه كذا ويعمّ اطلاق البيان للظنّ عرفا لتبيّن فى الآية يعمّ