مفاد الأمر هو الوجوب والمتبادر من المادة ايضا هو التحريم كمفاد مادّة الأمر على ما مر قوله : هل هو الكفّ الخ اقول قد عرفت انّ مفاد النّهى هو الزّجر عن الماهيّة ومعناه الزّجر عن وجودها يعني انّ الماهيّة بلحاظ وجودها قد يبعث نحوها وقد يزجر عنها وليس مفادها ايجاد العدم حتّى يقال المعدوم معدوم بذاته ولا معنى لإيجاد العدم فيه اذا العدم المتّصف به ازلىّ سابق ويمتنع تاثير القدرة فيه للزوم تحصيل الحاصل واثر القدرة متاخّر عنها بل لا بدّ ان يكون متعلقه معدوما اذ هو القابل لأن يتعلّق به الزّجر حتّى يبقى على العدم والبعث حتّى يوجد فان قلت هل مفاد الهيئة الّا الحكم وهو من الأعراض فكيف يكون العدم معروضا له والحال انّ الحكم موجود وعروض الشّىء لشيء فرع ثبوت المثبت له قلت نعم الّا انّ ظرف العروض ليس الخارج قطعا بل ظرفه الذّهن وان كان يتّصف به في الخارج وتمام الكلام ياتى في تضاعيف المقام واعلم انّه لا بدّ في صحّة النّهى وفعليّته كون متعلّقه مقدورا ويكفى ح كونه قابلا لأن يوجده او لم يوجده والقدرة لا يحتاج الى تاثير في طرف العدم لأنّه ليس بايجاد بل هو عدم الإيجاد بل اللّازم هو التّاثير في الوجود وابقاء العدم واستمراره ليس بفعل من الأفعال لأنّ العدم الحاصل ليس بفعل من الإنسان ولو كنت قادرا على الإيجاد فالعدم المبقى كالعدم السّابق متحقّق بعلّة واحدة وان كانت عدم علّة الوجود وابقائه ليس الّا العدم عقيب العدم فما ذكره المض كأكثر كلمات القوم لا يخلو عن حزازة ومسامحة ثمّ لا يخفى عليك انّ فعليّة النّهى انّما يكون في مورد يصح ان يكون زاجرا عن الفعل والّا فمن كان له في نفسه زاجرا عن الفعل لا يكاد يتنجّز النّهى في حقّه كما في النّهى عن اكل الغائط او شرب البول فعدم الإتيان بالفعل في مثل هذا الشّخص ليس امتثالا للنهى لعدم فعليه النّهى في حقّه وكذلك من لم يلتفت الى النهى او الفعل اصلا ليس تركه للفعل امتثالا للنّهى فمجرّد عدم الإتيان بالمنهى عنه لا يكون امتثالا للنهى ومطيعا الّا اذا كان مع القدرة على الفعل وكونه في مورد الابتلاء له وكونه ملتفتا الى النّهى وموضوعه ولعلّ هذا هو المراد ممّن عبر بالكف وانّما اراد ذلك في مقام الفعليّة لا انّه معنى اللّفظ ولهذا صرّح بعض بعدم الفرق بين القولين مع وضوح الفرق بينهما قال التّفتازاني في المطوّل انّهم قد اختلفوا في ان مقتضى النّهى كف النّفس عن الفعل بالاشتغال باحد اضداده او ترك الفعل وهو نفس ان لا يفعل والمذهبان متقاربان انتهى ويمكن ان يكون المراد من التّرك الأعراض عن الفعل قولهم تركت فلانا اى اعرضت عنه فيرجع ح التّرك الى الكف ولذا قال بتقاربهما هذا مع قطع النّظر عن لزوم قصد التقرّب في مقام الإطاعة والامتثال ولكنّه مع ذلك يمكن ان ينازع في انّ الامتثال والإطاعة انّما هو بذلك الأمر الوجودى او بنفس عدم الإتيان والفعل والأمر سهل اعلم انّي لست اقول انّ الابتلاء شرط لتعلّق النّهى بمعنى انّ من لا يكون المنهى عنه مورد الابتلاء لا يكون النّهى متعلّقا به ويكون تعلّق النّهى به مشروطا بتحقّق الابتلاء كسائر المشروطات من الأوامر والنّواهى كما