النفس من تصور امر الى تصور أمر آخر اما الملازمة بين التصورين ولو اتفاقا أو لاعتقاد النفس بالملازمة بين المتصورين والملازمة اما ذاتية أو غير ذاتية اعني انها جعلية وعليه تنحصر الدلالة بالاضافة الى اسبابها ومعداتها الى ذاتية وجعلية اما العقل فيكون طريقا لاستكشاف الملازمة بكلا نحويه كسائر الطرق كالطبع والشاهد على ذلك في الملازمة العقلية يرى الناظر ان المؤثر هي الملازمة بحيث يكون غافلا عن علمه (فان قلت) الملازمة بين الشيئين اما أن تكون ذاتية أو جعلية وكل منهما نستدعي الدوام خصوصا الذاتية فما معنى قولك ولو اتفاقا وكيف تتصور الملازمة الاتفاقية (قلت) لا ريب في أن تصور النفس لبعض الأمور قد يستلزم تصور أمر آخر لا ملازمة بين وجوديهما في الخارج كما تسمعهم يقولون الشيء بالشيء يذكر ولا ريب ايضا في تحقق الملازمة بين العلة والمعلول فينتج من ضم الصغرى المزبورة الى هذه الكبرى ان الملازمة بين ذينك التصورين اتفاقية وهو المقصود بقولنا ولو اتفاقا (وقد اتضح) ايضا أن الدلالة اللفظية الوضعية على المشهور وهو المختار دلالة تصورية قد تقترن بالدلالة التصديقية لا باقتضاء الوضع بل باقتضاء القرائن كما اشرنا اليه واما الدلالة المستندة الى اعتقاد الملازمة بين المتصورين ولو كانت الملازمة جعلية فهي دائما مقترنة بالتصديق بالمدلول لكونها مستندة الى اعتقاد الملازمة بين المتصورين وجودا فتصور أحدهما والتصديق بوجوده يستلزم تصور الآخر والتصديق بوجوده فمن نظر الى العلم المنصوب على رأس الفرسخ فكما انه يتصوره ويصدق بوجوده كذلك يتصور رأس الفرسخ ويصدق بوجوده في مركز العلم لاعتقاده بالملازمة المجعولة بينهما والملازمة الذاتية كذلك بطريق اولى.
(ثم ان الدلالة اللفظية) تنقسم الى المطابقة والتضمن والالتزام فالمطابقة هي دلالة اللفظ على تمام ما وضع له والتضمن هي دلالة اللفظ على جزء مطابق ما وضع له بمعنى انتقال الذهن الى جزء مطابق ما وضع له بسبب انتقاله إلى المعنى الموضوع له والالتزام هي دلالة اللفظ على الأمر الخارج عما وضع له بسبب الملازمة بينهما ذهنا أو خارجا والدلالتان الأوليان كما تتحققان في الدلالة اللفظية كذلك تتحققان في غيرها واما دلالة الالتزام فيشكل تحققها في غير الدلالة اللفظية (وجه ذلك) أن منشأ الدلالة غير اللفظية هي الملازمة وهي كما تكون متحققة بين الدال والمدلول