ودليلا عليه كما في النحو الثاني من الدلالة فدلالة اللفظ على معناه الذي وضع له على رأي المشهور اعني به كون تصور اللفظ مستلزما لتصور معناه انما هي من هذا النحو واما التصديق بان ما تصوره سامع كلام المتكلم هو مراده الذي استعمل فيه اللفظ المسموع فهو أمر آخر يفتقر اثباته الى دليل من القرائن الحالية أو المقالية الموجبة لذلك ومنها مقدمات الحكمة.
(واما النحو الثاني) اعني به انتقال النفس من تصور أمر إلى تصور أمر آخر لاعتقادها بالملازمة بين المتصورين فهو المعنى المشهور في تفسير الدلالة وأساس الاستدلال في موارد النظر والجدال وتلك الملازمة اما ذاتية او غير ذاتية فالذاتية هي ما كان منشأها اقتضاء ذات أحد المتلازمين للآخر كملازمة العلة والمعلول أو اقتضاء ذات أمر ثالث لهما كملازمة المعلولين لعلة واحدة وغير الذاتية هي الملازمة التي منشأها جعل جاعلها لغاية ما كالملازمة التي جعلها ناصب العلم على رأس الفرسخ لينتقل من يراه الى كون مركزه هو رأس الفرسخ (وقد يقال) أن دلالة اللفظ من هذا القبيل بمعنى أن الواضع وضع اللفظ ليدل بوجوده الخارجي على وجود معناه في نفس المتكلم به فتكون الملازمة المجعولة بين اللفظ الذي ينطق به المتكلم والمعنى الذي يتصوره موجبة لانتقال ذهن السامع لذلك اللفظ الى وجود معناه في ذهن المتكلم به وعليه تكون دلالة اللفظ من النحو الثاني (واما تصديق) السامع بان المتكلم يريد هذا المعنى الذي تصوره به فهو يفتقر ايضا الى دليل آخر من القرائن كما هو شأن دلالة اللفظ بالنحو الأول (والفرق) بين دلالة اللفظ بالنحو الأول ودلالته بالنحو الثاني هو أن دلالة اللفظ بالنحو الأول تفتقر في مقام الافادة الى دلالتين تصديقيتين احداهما الدلالة على كون المتكلم بذلك اللفظ قد تصور معناه وثانيهما الدلالة على كون المتكلم يريد افهام السامع ذلك المعنى واما دلالة اللفظ بالنحو الثاني فلا تفتقر إلا إلى دلالة تصديقية واحدة وهي الدلالة على كون المتكلم يريد افهام السامع ذلك المعنى.
(ومما ذكرنا) يتضح لك انه لا وجه لتقسيم الدلالة الى اقسامها المشهورة اعني بها الدلالة العقلية كدلالة الكلام الذي تسمعه من وراء الجدار على وجود المتكلم به والدلالة الطبعية كدلالة أح أح على وجع الصدر والدلالة الوضعية كدلالة لفظ رجل على المعنى المعروف (وذلك) لما عرفت من أن الدلالة عبارة عن انتقال