عدم الوجوب التخييرى فاما أن يكون من جهة ان أحد الاطراف وهو ترك الارادة مما لا يعقل تعلق التكليف به ومقتضى ذلك عدم امكان التخيير بين جميع التروك واما من جهة ان التروك ليست متساوية الاقدام من ناحية استناد ترك الحرام اليها لان عدم المبغوض يستند الى ما هو السابق من التروك وهو ترك الارادة كما ان الفعل يستند في وجوده الى اسبق اجزاء العلة وهو المقتضى فما عدى ترك الارادة من التروك اجنبي عن استناد ترك المبغوض اليه فلا ملاك فيه للوجوب التخييري والمفروض ان ترك الارادة خارج عن الاختيار فلا يكون واجبا كي يحرم نقيضه وهو الارادة فتحصل ان ملاك الوجوب التعييني والتخييري ليس له تحقق في شيء من التروك فلا يحرم شيء من مقدمات الحرام هذا غاية ما يستدل به على القول الاول.
(ويرد عليه اولا) ان الجزء الاخير من العلة المركبة من اجزاء غير متلازمة فى الوجود انما يسرى اليه الحكم الثابت في المعلول بملاك انه من اجزاء العلة فقط فيلزم بمقتضى هذا الملاك سراية الحكم الى جميع الاجزاء (وثانيا) ان الاستدلال على عدم سراية الحرمة من الحرام الى المقدمات التي ليست بالاضافة اليه توليدية بارجاع مبغوضية الحرام الى محبوبية تركه وان تركه مستند الى السابق من التروك على ما تقدم توضيحه ليس بمستقيم لان المبغوضية كالمحبوبية قائمة بوجود الفعل اولا وبالذات واتصاف ترك المبغوض بالمحبوبية كاتصاف ترك المحبوب بالمبغوضية يكون ثانيا وبالعرض ولذا لم يكن ترك الواجب حراما نفسيا فمقوم الحرمة هو مبغوضية الوجود كما ان مقوم الوجوب محبوبيته ومقتضى ذلك سراية البغض الى علة الفعل المبغوض فيكون كل جزء من اجزاء العلة التوام مع وجود سائر اجزائها بنحو القضية الحينية مبغوضا بالبغض التبعي وحراما بالحرمة الغيرية كما كان الأمر فى مقدمة الواجب من دون فرق بينهما اصلا وبذلك يتضح اندفاع القول الاول (واما القول الثالث) فان كان المصير اليه من طريق مبغوضية وجود الحرام كما قربناه آنفا فيرد عليه جميع ما تقدم فى رد القول بوجوب خصوص ما يقصد به التوصل الى الواجب من مقدمات الواجب وان كان اختياره من ناحية محبوبية الترك كما هو مبني المشهور فينحصر المدرك له بانطباق عنوان التجري عليه ومقتضى ذلك عدم عده قولا ثالثا في هذه المسألة (وبما تقدم) كله يتضح توجه القول