(الامر الاول) ان الاحكام الشرعية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية فكما ان الحكم في القضية الحقيقية يتناول جميع افراد الموضوع المحققة والمقدرة ويكون فعليا عند فعلية كل فرد من افراد الموضوع ويكون مقدرا في افراده المقدرة كذلك الحكم الشرعي يكون فعليا عند فعلية كل فرد من افراد موضوعه ومقدرا انشائيا بالنسبة الى افراد موضوعه المقدرة ولازم ذلك ان لا يكون التكليف فعليا قبل فعلية شرطه لانه موضوع ذلك التكليف والحكم كما بيناه لا يكون فعليا إلا عند فعلية موضوعه فكيف يعقل أن يكون لحاظ الشرط كافيا في فعلية الحكم وتحققه في الخارج (وفيه) ان دعوى كون الاحكام الشرعية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية ليست صحيحة لان الاحكام فى القضايا الحقيقية تكون فعلية في الخارج عند فعليته موضوعها كما تقدم فاذا قيل النار حارة كانت قضية حقيقية ولا شبهة فى ان فعلية الحرارة إنما تكون عند فعلية وجود النار فى الخارج وإلا بقيت مقدرة بتقدير وجود موضوعها واما الاحكام الشرعية فليست كذلك لان حقيقة الحكم التكليفي سواء كان طلبا للفعل أم للترك عبارة عن ارادة المكلف لفعل الغير او لترك فعله أو عبارة عن ارادته لبعض افعال المكلفين وكراهته لبعض افعالهم الآخر ولا اشكال فى ان ارادة العاقل لفعل غيره إنما تتحقق فى نفسه بعد تصوره ذلك الفعل بخصوصياته وما يترتب عليه من الفائدة مع عدم المانع من طلبه فى اي زمان يكون ذلك الفعل كذلك فاذا تصور العاقل فعل غيره كذلك اراده فعلا وكشف عن إرادته اياه بانشاء طلبه ولو كان ظرف مراده مستقبلا او موضوع تكليفه غير متحقق فعلا فيقول اكرم العلماء وتصدق على الفقراء ولا تشرب الخمر مثلا وان لم يكن فى وقت ارادته ذلك من المكلف فرد من افراد موضوع تكليفه كان لم يكن في وقت انشاء الطلب عالم ولا فقير ولا خمر فالتكليف فعلا متحقق فى حال عدم تحقق موضوعه فلو كانت الاحكام التكليفية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية لما كانت فعلية فى حال عدم فعلية موضوعاتها ولكنها تكون فعلية في حال عدم تحقق موضوعاتها فلا تكون مجعولة بنحو القضايا الحقيقية وهو المطلوب (نعم) لو كان الحكم أمرا مجعولا لامكن ارجاع الاحكام الشرعية الى القضايا الحقيقية ولكن ليس الأمر كذلك بل هو ارادة يبرزها الآمر بانشائه وينتزع عن مقام الابراز