(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) الآية بتقريب ان الامر في كل من الآيتين ظاهر فى الوجوب فيكون كل من المسارعة والاستباق واجبا ولا ريب في ان امتثال الاوامر الإلهية في اول ازمنة الامكان من اظهر افراد حقيقة المسارعة والاستباق فيجب (ولا يخفى ما فيه) من النظر فان الاستباق الى فعل الخيرات يقتضى بمفهومه وجود عدد من الخيرات يتحقق الاستباق بفعل مقدار منه وينتفي في المقدار الآخر ولا ريب فى ان المقدار الذي لا يتحقق الاستباق فيه هو من الخيرات وعلى فرض وجوب الاستباق في الخيرات يلزم ان يكون المقدار الذي لا يتحقق به الاستباق ليس من الخيرات لمزاحمته المقدار الذي يتحقق به الاستباق واذا انتفى ان يكون من الخيرات هذا المقدار لزم عدم وجوب الاستباق في المقدار الذي كان الاستباق يتحقق فيه واذا انتفى الوجوب عن الاستباق انتفت المزاحمة بين اعداد الواجب الموجبة لخروج بعضها عن حيز الوجوب فيتعلق بها الوجوب جميعا وبه يعود موضوع المسارعة وبالجملة يلزم من وجوب المسارعة في الخيرات عدم وجوبها كما شرحناه وما يلزم من وجوده عدمه باطل فوجوب المسارعة باطل لا محالة وحينئذ لا بد من حمل الامر فيها على الندب هذا (مضافا) الى ان حمل الامر في الآيتين على الوجوب يستلزم تخصيص الاكثر لوضوح ان جملة الواجبات موسعة مع ان المستحبات وما اكثرها كلها من الخيرات ولم يقل أحد بوجوب المسارعة والاستباق فيها (وقد يجاب) عن الاستدلال المزبور بان العقل يستقل بحسن المسارعة ومعه لا مجال للامر المولوي بها نظير الطاعة فيلزم حمل الامر بالمسارعة والاستباق على الارشاد (ولا يخفى ما فيه اما اولا) فلان حكم العقل بحسن المسارعة والاستباق اما لوجود خصوصية ومزية في الافراد التي تحصل بها المسارعة والاستباق كالصلاة في اول الوقت واما لاقتران الافراد التي لا تحصل فيها المسارعة او الاستباق ببعض المحاذير والعوارض التي يلزم التوقي منها وكلا الفرضين خارج عن محل الكلام واما حكم العقل بحسن المسارعة والاستباق لمزية فيهما لانفسهما فممنوع (واما ثانيا) فانا لو سلمنا حكم العقل بحسن المسارعة والاستباق لما كان ذلك إلا حكما استحسانيا كما هو المرتكز في نفوس العقلاء في امتثال الاوامر المطلقة فانهم يستحسنون الاسراع في امتثال امر المولى وان كانوا لا يقبحون التباطي والتأخر مع العزم