يوجب فعلية النهي عن الفرد الذي اجتمعا فيه وتنتفي فعلية الامر وذلك لا يستلزم انتفاء ملاك الامر ومعه يحصل بالفرد المحرم الغرض الداعي الى اصل الخطاب فيسقط بانتفاء الموضوع لا بالامتثال وعند عدم الاطلاق يكون المرجع حين الشك البراءة كما تقدم في الموضع الثاني ومما ذكرنا في هذا الموضع يظهر لك ما في كلام بعض الاعاظم من النظر وقد اشرنا اليه فيما سبق فراجع.
«فى الفور والتراخى»
(المبحث الرابع) في ان صيغة الأمر هل تدل على الفور وملخص الكلام في المقام هو ان يقال ان منشأ استفادة الفورية (تارة) يقال انه نفس الصيغة كما هو ظاهر العنوان (واخرى) يقال انه هو الدليل الخارجي فاما القول الاول فالظاهر انه لا وجه له لانا نمنع ان تكون الصيغة دالة على اكثر من الطلب المطلق المادة لما عرفت سابقا من ان المادة تدل على الحدث وان الصيغة تدل على البعث الملحوظ نسبة بين الآمر والمأمور والمأمور به فلم يبق في الكلام ما يدل على الفورية أو التراخي ونحوهما والظاهر ان القائل بدلالة الصيغة على الفور لا يدعي انها تدل على زمان الفور بمعناه الاسمي اذ ذلك لا ينبغي صدوره من احد (بل الظاهر) انه يدعى دلالة الصيغة على معنى من الطلب والبعث يستلزم الفورية بتقريب ان البعث المستفاد من الصيغة منزل في نظر العقلاء تشريعا بالاضافة الى متعلقه منزلة العلة التكوينية فكما ان العلة التكوينية لا ينفك عنها معلولها فى اول ازمنة الامكان كذلك ما هو منزل منزلتها (ولا يخفى فساد ذلك) لانا لو سلمنا صحة التنزيل المذكور لما كان ذلك مستلزما لتنزيل البعث منزلة العلة التكوينية في جميع خصوصياتها وآثارها بل المسلم انما هو تنزيل البعث منزلة العلة التكوينية في الجملة لانا قد قلنا ان الامر هو البعث بداعي جعل الداعي وذلك لا يستدعي اكثر من التوصل بذلك البعث الى وقوع المطلوب في الخارج لذا نجد العقلاء يعدون العبد مطيعا اذا امره المولى بفعل لم تدل القرينة على الفورية فيه فاتى به بعد مضي زمان من حين صدور الامر.
(واما الثاني) وهو استفادة الفورية من دليل خارجي منفصل فقد استدل عليه ببعض الآيات مثل قوله تعالى و (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) الآية وقوله تعالى