العبادة المنهى عنها ولو نهيا غيريا ولذا جعلوا البحث عن كون الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده من صغريات البحث عن كون النهى عن الشيء يوجب فساده اذا كان عبادة ومن ذلك يستكشف ان الأمر التعبدي هو ما يتوقف حصول الغرض منه على نية التقرب به وإلا فقد عرفت ان الفعل الذي تبانى العقلاء على التعبد به كالسجود والركوع لا يتوقف كونه عبادة على نية التقرب به بل يظهر من الأصحاب ان كون الفعل عبادة يتوقف على نية التقرب به وبدونها لا يكون عبادة وان حصل القرب به من المولى كالسجود الصادر من العبد بداعي تعظيم المولى حيث لا يكون منهيا عنه ولا مأمورا به فمثل هذا السجود يكون مقربا للعبد من المولى وان لم يقصد به التقرب فاتضح من ذلك ان التعبدي في اصطلاح الفقهاء هو ما لا يحصل الغرض منه إلا اذا قصد فاعله التقرب به وحينئذ يتوجه عليهم اشكال النيابة فى التعبديات عن الغير كما اشرنا اليه.
(ويمكن الجواب عن هذا الاشكال) بان العبادة التي يعظم بها المتعبد غيره (تارة) تتحقق بنفس طلب ذلك الغير اياها من المتعبد بلا سبق جعل واعتبار منه لعباديتها كزيارة أحد المعصومين والغسل لها إلا انه علمنا من دليل آخر ان هذا العمل لا يصح إلا اذا قصد فاعله امتثال امره ومع عدم الأمر به لا يتاتى من المكلف اتيان ذلك العمل عبادة لعدم الأمر المتوقف عليه قصد الامتثال الموجب لكون العمل المزبور عبادة ومثل هذه العبادة يشكل صحة النيابة عن الغير فيها مع عدم توجه الخطاب بالنيابة فيها الى النائب (وتارة) تتحقق العبادة بجعل العقلاء أو طائفة منهم لبعض الافعال واعتبارهم اياه عبادة او نحوا من انحاء التعظيم ومظاهره وبهذا الجعل والاعتبار يتم امر العبادة في العرف وكما يتأتى ذلك من العرف او طائفة منه كذلك يتاتى من الشارع المقدس بل هو بطريق اولى لانه من له واليه الأمر خصوصا في مثل هذا الأمر فاذا دلت الادلة الصادقة على جعل الشارع لطائفة من الأعمال واعتباره اياها عبادات يتقرب بها امكن التقرب بها اليه اصالة ونيابة حيث لا يكون فاعلها منهيا عنها ولا يتوقف وقوعها عبادة وتعظيما له على امره بها في خصوص مورد العمل كما هو شأن العبادات العرفية وان كان يحتاج في تحقق العبادة الى التقرب نعم قد دل دليل آخر على اعتبار قصد التقرب في صحة كون العمل