بل يمكن ان نقول انها لا تقع عبادة مطلقا لان المنوب عنه قد قطع اضافتها بالنهي عنها والنائب لم يقصد اضافتها عن نفسه فتكون من قبيل ما قيل ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد (الثاني) ما يكون عبادة لوقوعه اطاعة لطلب من طلبه من فاعله وذلك لان اطاعة العالي عبادة بذاتها وكل فعل يصدر من فاعله معنونا بعنوان اطاعة شخص ما يكون عبادة بالعرض ولا محالة ان الاطاعة لا تتحقق إلا بعد تعلق طلب المطاع بفعل المطيع وقصد المطيع بفعله امتثال طلب المطاع أو باتيان الفعل بداعي حب المولى مثلا اياه أو بداعى كون الفعل ذا مصلحة للمولى مثلا وبالجملة لا نتحقق العبادة إلا اذا صدر الفعل من فاعله باحد الدواعي القربية وبملاحظة ما ذكرنا يصح أن يقال ان الغرض من هذا النحو من العبادة لا يحصل إلا اذا صدر الفعل المتعبد به من فاعله بقصد القربة ومن خواص هذا النحو من العبادة عدم امكان نيابة الغير بها عن غيره لعدم امكان صدور الفعل من النائب او المنوب عنه باحد الدواعي القربية اما المنوب عنه لم يكن مأمورا بهذه العبادة مباشرة وتسبيبا لتكون استنابته او استنابة وكيله او وصيه تسبيبا منه الى فعله واما النائب فلانه ليس مأمورا بهذه العبادة نيابة عن غيره ليكون الامر بها مصححا لعباديتها ولا ان الفعل محبوب للمولى او ذو مصلحة ترجع اليه ليتسنى له اتيانه بها بداعى المحبوبية او المصلحة.
(اذا عرفت) ذلك فاعلم ان ما اشار اليه المتأخرون فى تعريف التعبدي بانه ما توقف حصول الغرض من التعبد به على قصد التقرب به يمكن نقضه في طرده بالسجود لله تعالى فى المكان المغصوب فانه لا ريب فى كونه عبادة مع عدم توقف حصول الغرض العبادي منه على التقرب به لحصول الغرض من العبادة بالسجود لله تعالى وان كان منهيا عنه وكان فاعله عالما بالنهى عنه لان السجود من العبادات الذاتية واما لو كان المراد بالتعبدي ما هو اعم من ذلك اعني به ما توقف حصول الغرض من العبادة على نية التقرب به وما لا يتوقف على نية التقرب كالعبادات الذاتية فهو وان لم ينتقض بما ذكرنا إلا ان ذلك خلاف ما يظهر من كلام الاصحاب في تشخيص معنى التعبدي باثبات بعض الآثار ونفيها مما يدل على انهم لم يقصدوا بالتعبدي الا ما اشرنا اليه اولا مثلا ذهب الاصحاب (قد هم) الى فساد